سلطانة

ريهام الهور: بعض المسؤولين يتوجسون من الكاريكاتير لأنه يفجر المسكوت عنه

ربما ليس من الصدفة أن تحمل شهادة ميلادها تاريخ الثامن من مارس تاريخا لمولدها ،فهي تعتبر قضية المرأة ،مهمتها الأولى ،من خلال ريشتها الكاريكاتيرية باعتبارها اول رسامة كاريكاتير بالمغرب: “وجدت نفسي اغوص في عالم هذا الفن الساخر ولا أسعى إلى الخلاص منه بل ازداد حبا وشغفا وتعلقا به منذ الصغر بعد أن وجدت فيه نفسي وحققت فيه ذاتي كأول رسامة تطأ هذا المجال ولا تبغي عنه بديلا” هكذا تصف ريهام الهور شغفها بفن الكاريكاتير في دردشة مع سلطانة:

متى كانت بدايتك مع فن الكاريكاتير ؟

دخلت إليه من باب الفضول، بدأت الحكاية مبكرا، فمنذ طفولتي جربت أن أرسم في كل مكان، وفي كل مساحة بيضاء، سواء كانت ورقة في دفتر، أو حائط لبيت الجيران، الذين اشتكاني بعضهم لوالدي، وعوض تأديبي أو تهديدي، بادر رحمه الله إلى تشجيعي بشراء المزيد من علب الألوان والأوراق، مع تنبيهي بتجنب تلطيخ جدران الجيران.

لقد كنت طفلة مشاغبة حقا، وفيما بعد جاءت مرحلة الفوز بالجوائز لتفتح في وجهي المزيد من النوافذ لمعانقة المستقبل بكل حماس وطموح. ولقد كانت مدينة شفشاون -مشكورة- فأل خير عليّ، فقد منحتني جائزتها، كأول رسامة كاريكاتير في المغرب، ومن تلك الجوهرة الزرقاء كانت الانطلاقة نحو أفاق أرحب.

هل يأخد “فنان الكاريكاتير” حقه في المغرب ؟

أعتقد أن فنان الكاريكاتير بدأ يأخذ حقه مؤخرا ،مقارنة مع السنوات السابقة لأنه أصبح مطلوبا وفرض نفسه على الصحف والجرائد وحتى المواقع الإلكترونية
لكن أتمنى أن يتم اضافة هذا الجنس الكاريكاتيري ضمن الأجناس الصحفية في جائزة الصحافة وهذا كان مطلبنا للسيد الخلفي وزير الإتصال أثناء لقاءنا به في ملتقى شفشاون للسنة الفارطة.
ونأسف لكون هذا الفن لا يلقى دعماً كافياً من الدولة، لأن وزارة الاتصال لم تخصص جائزة له ضمن الأشكال الصحافية، كالمقال والصورة الفوتوغرافية، في جائزة الصحافة السنوية ،حتى لا يبقى دائما مهمشا، ولعل هذا الإقصاء راجع إلى التوجس منه من طرف بعض المسؤولين، لأنه يفجر المسكوت عنه، ويكسر كل الطابوهات.

[soltana_gal id=”78485,78486,78487″]

رأيك في تجربة جريدة “بابوبي” التي ستصدر مستقبلا ؟

تجربة تستحق التشجيع واتمنى لها التألق.

هل وظيفة فن الكاريكاتير هي السخرية أم هناك وظائف أخرى ؟

هذه نظرة سطحية لا تنفذ إلى العمق. رسام الكاريكاتور ليس بهلواناً في سيرك هدفه انتزاع الضحكات من الزائرين والمشاهدين، بل يتطرق هذا الفن إلى قضايا السياسة والمجتمع، انطلاقاً من رؤية ساخرة، تنتقد الأوضاع بأسلوب فني وخطوط معبرة، تحمل بين طياتها رسالة واضحة ومحددة، لا رتوش فيها، تنتقد القبح، وتفضح كل الممارسات غير اللائقة أخلاقياً وسياسياً واجتماعياً.

هل هناك حضور أنثوي في الكاريكاتير بالمغرب ؟

قليل جدا ،حيث نلاحظ خلو عالم هذا الفن الجميل من العنصر النسوي إلا من أسماء معدودة، في نظري العامل الذي يجعل المرأة بعيدة على هذا الفن مع العلم أنها موجودة في كل المجالات هو عوامل يتداخل فيها الذاتي والموضوعي، وترتبط بشخصية المرأة وطبيعتها، وذلك في علاقتها بالمجتمع، وتفاعلها مع ما يريد فرضه من “ضوابط” متعسفة إزاءها، لكنني بدأت ألمس في السنين الأخيرة، توجها لدى بعض الريشات النسوية لاقتحام هذا العالم، حتى لايبقى حكرا على الذكور. ولا يتوقف أمر ابتعاد النساء عن فن الكاريكاتير في المغرب وحده، يبدو أن الظاهرة شبه عامة، فحتى في الدول التي سبقتنا بسنوات كثيرة في هذا المجال، مازال عدد رسامات الكاريكاتير فيها قليل جدا بالمقارنة مع الرسامين.

ما هي الخطوط الحمراء  التي لا يجب على فنان الكاريكاتير أن يتعداها في المغرب ؟

*شخصيا، ومنذ انطلاق تجربتي الصغيرة والمتواضعة كرسامة كاريكاتير، عاهدت نفسي على عدم المساس بالثوابت التي تتعلق بالهوية المغربية للمملكة، كبلد عربي وأمازيغي وإفريقي مسلم، معروف بغناه وتنوعه الثقافي والفني، وارتباط جذوره الحضارية بعمق التاريخ.

ورغم إيماني الشديد بالحرية، التي يجب ضمانها للفنان أثناء ممارسته لدوره ورسالته نحو مجتمعه، ليكون حرا في التعبير عن رؤيته لمختلف مناحي الحياة، في مختلف تجلياتهان فإن هناك  قناعة شخصية لدي بأنه يستحيل علي أبدا، ومهما كانت الظروف، المس بالجانب الديني والمفهوم الوحدوي للوطن وقيمه الاجتماعية والأخلاقية المتوارثة عبر الأجيال.

صحيح أنا كرسامة كاريكاتير، لايمكن لي سوى أن أكون مع حرية التعبير  في مجال السخرية،  بمفهومها الواسع والشمولي، لكن دون أي  تفريط في المقومات والأسس التي ينبني عليها بناء صرح الوطن، والمشار إليها أعلاه، والتي يجب أن تبقى دائما في نظري محل تقدير واحترام من طرف الجميع .

vous pourriez aussi aimer