كوثر بنشافي..لا مستحيل ما دام القلب ينبض
عيناها تشعان حبا للحياة، وتفاصيل وجهها تحكي اﻷمل والتفاؤل، وابتسامتها لا تفارق وجنتيها؛ كوثر بنشافي، شابة مغربية في العشرينيات من عمرها، شاءت الأقدار أن تجلس على كرسي متحرك، لكن العزيمة واﻹرادة المزروعة في قلبها، أفقدت الحياة فرصة إضعافها.

في حديثها مع مجلة “سلطانة”، تروي كوثر حكايتها المليئة بالنجاح والحب.
بداية الحكاية:
جاءت كوثر إلى الوجود يوم 30 يوليوز 1995، ولدت طفلة سليمة إلى أن بلغت عشر سنوات، لتبدأ علامات المرض بالظهور عليها، لكنها قاومت وثابرت حتى حصلت على شهادة البكالوريا سنة 2013، وكان الكرسي المتحرك رفيقها في مسيرتها اليومية.
بكرسي متحرك انتقلت كوثر إلى الدراسة ومن ثم إلى العمل، وكان لعائلتها دور كبير في نجاحها، التي ساندتها ماديا ومعنويا، وكان كلام والدتها بمثابة جرعة محفزة تقويها، فقد كانت تقول لها باستمرار: “سعداتك أ كوثر انت غادية تمشي للجنة، أي واحد نقص ليه ربي شي حاجة ف الدنيا تيعوضها ليه ف الآخرة”.
اتخذت كوثر من كلام والدتها سلاحا تقوي به قلبها، وتواجه كل من حدثها بشفقة، وكانت تدافع عن نفسها بقولها: “أنا أصلا غادية نمشي للجنة، أي واحد كيتزاد مريض كيمشي للجنة”؛ تضيف قائلة بثقة : “أنا عمرني حسيت بالنقص.. إيماني قوي وراضية بقضاء الله وقدره”.
نظرة المجتمع :
اكتسبت كوثر مناعة ضد نظرة المجتمع القاسية، وكانت نادرا ما تقع في مواقف محرجة مع الناس، ومن بين المواقف التي تعرضت لها قول إحداهن: “خدمو حتى الصحاح بقيتي غير انت”.
تلك النظرة التي تدرجها ضمن قائمة العاجزين، تقول كوثر، هي التي تحفزها وتدفعها للعمل والإجتهاد، محاولة كسر الصورة النمطية تجاه اﻷشخاص في وضعية إعاقة.
في المقابل، ثمنت كوثر تصرفات العديد من الأشخاص الذين قدموا ولا زالوا يقدمون لها المساعدة، وهو أمر يشعرها بالسعادة وفي نظرها تصرف يعكس وجه التضامن بين أغلب المغاربة.
الموظفة المدللة:
عانت كوثر في مرحلة تعليمها الإبتدائي، من صعوبة في صعود السلالم، لكن الأمر تغير في مرحلة الثانوي، بعدما خصص لها مدير المؤسسة قسما بالطابق السفلي درست فيه لثلاث سنوات في ظروف جيدة.
أما الإنتقال إلى الكلية، فقد كان مرحلة جديدة عليها، وبالرغم من الصعوبات التي واجهتها، فقد تمكنت من الحصول على شهادة الإجازة، وشهادة الماجستير في قانون الأعمال، كما تفوقت في مباراة ولوج سلك الدكتوراه الذي تدرس فيه حاليا .
كما وجدت كوثر منصب شغل داخل وزارة الإقتصاد والمالية، وهي سعيدة جدا بالإنتماء لهذا القطاع، كما أقدم مدير كوثر في العمل على تجهيز مكتب بالطابق السفلي، لتسهيل ولوجها للمكتب، ولقبها بالموظفة المدللة.

الفن :
لم تتوقف رحلة كوثر عند هذا الحد، فهي فنانة من نوع خاص، تملك صوتا شجيا، جعلها صديقة لعدد من الفنانين والمطربين.
طرحت كوثر منذ مدة، أغنيتين على قناتها في اليوتيوب، الأولى بعنوان “لا مستحيل”، والثانية “جنني يا ناس”.