الشاي الصيني والمغاربة.. علاقة عشق أبدية
لن أبالغ إن قلت إن المغاربة مسكونون بالشاي حتى الثمالة، حيث يعد من المشروبات الأكثر استهلاكا لدى معظم الأسر بالمملكة، ويشكل جزءا من الحياة اليومية، وله حضور متميز مع بعض الوجبات، وفي مختلف المناسبات والأعياد وإن بدرجات متفاوتة بين المناطق.
ويعد سكان الجنوب الشرقي من المملكة، أكثر الناس استهلاكا لهذا المشروب المحبب إلى النفوس، إلى درجة الإدمان، إذ تجده حاضرا مع مختلف الوجبات، فلا إفطار ولا غذاء ولا عشاء يتم دون أن يكون مصحوبا بهذا المشرب المفضل، بمذاق حلو وبنكهة رائعة.
أحد أصدقائي من “تنغير” كان يشتغل في الجزائر لمدة شهرين، ولما عاد الأسبوع الماضي، ونزل بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، قال لي إن أول ما سألت عنه هو “مشروب الشاي”، وذكر أنه كان يبحث في المقاهي عن الشاي بنكهته المغربية، لكنه لم يعثر عنه بتلك الجودة التي اعتاد عليها بالمغرب.
وقال إن الإخوة في الجزائر يفضلون مشروب القهوة والمشروبات الغازية المتوفرة بكثرة، ولا يستهلكون الشاي بتلك الدرجة، التي نستهلكه بها نحن، وإن كان هناك من يشربه “فلا طعم له ولا لون”، مما جعل صديقي ينتظر متى سيعود إلى المغرب ليتسنى له ربط علاقته مع مشروبه المفضل من جديد.
“أتاي”، كذلك يعتبر أفضل ما يمكن أن يقدم لإكرام الضيف ليس بالجنوب الشرقي فحسب، بل أيضا في جميع مناطق المغرب، لكن ليس لأي كان باستطاعته تحضير هذا المشروب، حيث له طقوس الخاصة.
بتنغير على سبيل المثال، يحضره في الغالب كبار السن بالنعناع أو الأعشاب، وذلك في “براد” لامع، وأثناء تقديمه لا بد أن يُسكب في كؤوس أنيقة، مزركشة أحيانا، وأن يكون ذا لون داكن يميل إلى الاحمرار وأن تفوح منه الرائحة الزكية.
ولمعرفة مصدر هذا المشروب الأكثر استهلاكا بالمغرب، بحثت في الشبكة العنكبوتية، ووجدت أن مشروب الشاي يتم استيراده في الغالب من دولة الصين، وأن أصله من هذا البلد واسمه مأخوذ من الكلمة الصينية “شا”.
ورغم أن “أتاي” يصنع كذلك من بلاد الهند وسيريلانكا، إلا أن الشاي الصيني يختلف عنه من حيث اللون والجودة، إذ يتم تخمير أوراقه دون تفتيت أو تكسير وتحتفظ بفائدتها، على عكس الشاي العادي الذي يتم تفتيت أوراقه.
ومن الناحية الصحية، كشفت عدد من الدراسات العلمية، أن للشاي الصيني فوائد صحية كثيرة، إذ يحافظ على صحة العظام، ويحسن الأداء العقلي والذهني، ويزيد من اليقظة طيلة اليوم.
وبالإضافة إلى أنه ينظم أيضا، مستوى السكر في الدم ويوقي من الإصابة بالعديد من الأمراض، وذلك لاحتوائه على “حمض الفولتيك”، و”النياسين أميد” ومضادات الأكسدة، وله أيضا دور في حرق الدهون الموجودة في الجسم.
الإحصائيات الرسمية تشير، إلى أن المغرب، على رأس قائمة الدول التي تستورد الشاي، حيث ستورد المملكة حوالي 30 في المائة من المنتوج الصيني، في حين يستورد 10 في المائة من دولة الهند وسيريلانكا.
فلا غرابة إذن، أن يكون المغاربة من بين أكبر شعوب العالم استهلاكا لهذا المشروب، الذي يفضلونه على باقي المشروبات الأخرى، ما دام أنه يحتوي على عدة فوائد صحية، وأن سعره في متناول الجميع.