المغاربة يبحثون عن “راحة البال” ويبدون السعادة رغم تعاستهم !!
في الوقت الذي أفادت دراسة وطنية السنة الماضية، أن “الصحة والعبادة والأسرة”، هي من بين أهم مصادر السعادة عند المغاربة، كشف تقرير أممي آخر أن المغرب يحتل المرتبة التاسعة والتسعين، من أصل 158 دولة، حول مؤشر السعادة العالمي.
“سلطانة” حاولت استقراء آراء المواطنين، لمعرفة تمثلاتهم حول أسباب الشعور بالسعادة، وعن الأشياء التي يرون أن من شأنها أن تجعلهم غير تعيسين، فكان معيار الرفاهية المالية هو أهم مصدر للسعادة عند معظم المستجوبين، في حين يرى آخرون أن السعادة لديهم تتمثل بالتمسك بالدين.
وهناك من يعتبر أن أهم معيار لتحقيق السعادة، يتجلى في “راحة البال”، والحصول على أعلى المناصب، حيث يرى حفيظ بايزو، طالب جامعي، “أن السعادة تتمثل في أن يرزق الشخص بالصحة وراحة البال، وأن يتبع الطريق المستقيم، ويعتبر أن الأموال الطائلة ما هي إلا زينة الحياة الدنيا”.
شركة “أطلنتا” للتأمين، أشرفت مؤخرا بالدار البيضاء على دراسة حول تمثلات المغاربة للسعادة، استهدفت من خلالها أزيد من 2100 مشارك، وكشفت “أن 96 في المائة من المستجوبين اعتبروا أن الصحة بالنسبة إليهم هي أهم مصدر للسعادة، في الوقت الذي جاء التدين والعبادة في المرتبة الثانية، بنسبة 80 في المائة، ثم الأسرة بنسبة 70 في المائة”.
البحث عن “راحة البال”
لطفي حضري، أستاذ في علم النفس أكد ل”سلطانة”، أن معظم الدراسات النفسية تتجه إلى القول “بأن الإنسان يطمح دائما إلى السعادة، ويتحرك نحو الهروب من الألم والبحث عن راحة البال، لكن يبقى مفهوم السعادة، وفق المختص النفسي “ذاتي يشعر به الإنسان في حالة معينة”.
وأرجع حضري احتلال المغرب مراتب متدنية في مؤشر السعادة، “لمؤشرات الانتحار، ولكن إذا ما قورن المغرب في ذلك مع بعض الدول الأوربية، فان المملكة تأتي في الدرجات الأدنى”، حسب المتحدث، الذي لفت إلى أن الأسباب التي تؤدي إلى التعاسة هي “الانتحار والإدمان باختلاف مشاربه، كالخمر والحشيش وغيرها.
المختص النفسي، أوضح كذلك أن المغاربة يستعملون “راحة البال” ككلمة مرادفة للسعادة، وذكر “أن الإدمان على التلفزة والانترنت، بالإضافة إلى الإدمان على العمل هو أيضا من بين الأمور التي تجعل الإنسان لا يستشعر السعادة الذاتية.
التعبير عن الرضا رغم الشقاوة..
ويعتبر لحسن الطويل، الأستاذ الباحث في مجال الإرشاد الديني، أن السعادة مفهوم شائك وكبير يصعب تحديده سواء من الناحية الدينية أو اللغوية، مشيرا إلى أن مبادئ الشريعة الإسلامية كما جاء في الأثر تتمثل هذا المفهوم، في ثلاثة أمور هي “الجار الصالح، والمركب الهنيء والمسكن الواسع”.
استحضر الطويل كذلك ما أقره الرسول صلى الله عليه وسلم، بأن المرء يستشعر سعادته في أمور ثلاث “من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حازت له الدنيا بأسرها”.
ومن الناحية الدينية، أوضح الباحث في الإرشاد الديني أنه، “لو سألت المغاربة فردا فردا وإن كانوا في أسوأ أحوالهم يقولون لك “الحمد لله”، ويعبرون عن رضاهم وسعادتهم رغم ما يعشونه من شقاوة، بحسب تعبير المتحدث.
إبداء التعاسة في الأمور الاقتصادية..
وأبرز عبد الرحمان السيد، المختص في علم الاجتماع، “أن السعادة ومن الناحية السوسيولوجية، تقاس من خلال جانبين، يتجلى أولهما في الرضا عن الذات، وثانيهما في المعاناة النفسية، في العلاقات الزوجية وعلى مستوى الصداقة، فضلا عن جميع متطلبات الحياة الاجتماعية.
وفي الجانب الاقتصادي، يقول السيد، “إن المغربي يبدي التعاسة ويخفي من ورائها السعادة، خاصة عندما يسأل المرء عن راتبه أو عن أموره الشخصية، وفي العلاقات الاجتماعية، يرى المتحدث ذاته، “أن المغاربة يبدون نوعا من التفاخر، ويظهرون سعادتهم في الوقت الذي تجدهم في الحقيقة تعساء”.
واستطرد الباحث السيوسيولوجي، “وبما أن المجتمع المغربي مجتمع إسلامي، تجده يستعمل مصطلحات دينية من القرآن الكريم، رغبة منهم في تحقيق ما يسمى بـ”التوازن النفسي”.
وفي سياق متصل، أشار إلى أن مجموعة من الباحثين ينظرون إلى مفهوم السعادة بطرقة ميكانيكية، ويعتبرون أن الشخص غير السعيد أوتوماتيكيا فهو تعيس، مؤكدا أن الأمر ليس كذلك، حيث قال إنه ليس بالضرورة إن كان الشخص غير سعيد بأنه تعيس، لأنه حسبه، “هناك من يعيش حياة عادية بين السعادة والتعاسة”.