سلطانة

“مريوة”..لماذا يسبُ المغاربة بمصطلحات تحيل إلى المرأة؟

“هداك غا مريوة”، “مبنت”، “ولية”، ” فيه فعايل لعيالات”، وغيرها، هي تعبيرات ومصطلحات تحيل على المرأة، يقصد بها السب والشتم، ويعير بها الذكور بعضهم البعض. فهم يعتبرون كلمة امرأة “معيورة” تحط من كرامتهم ومكانتهم.

بينما ترمز كلمة “راجل” إلى القوة والثبات والالتزام والهيبة، فيقال مثلا : “هاد المرأة راجل ونص”، أو “عندها كلمة رجالة”.

فلماذا هذه النظرة المهينة للمرأة التي يقال عنها إنها نصف المجتمع، والحقيقة أنها المجتمع كله؟.

رسالة عنصرية

wydadtifo

يأتي هذا السؤال على خلفية واقع “تيفو” جمهور فريق الوداد البيضاوي، والذي بسببه أنزلت جامعة الكرة المغربية عقوبات في حق الفريق بحرمانه من جمهوره لأربع مباريات، وغرامة مادية قدرها 100 ألف درهم.

وكان الجمهور قد رفع “تيفو” فيلم “كازابلانكا” الشهير، تلبس فيها امرأة اللون الأخضر الذي يحيل إلى لون فريق الرجاء.

بينما يرتدي الرجل ربطة عنق حمراء تحيل إلى فريق الوداد. فضلا عن رفعه صورا تشبه جمهور الرجاء بالقردة.

وواضح كيف اختيرت المرأة كشتيمة غرضها أن تحط من مكانة فريق الرجاء، في رسالة عنصرية واضحة.

المرأة خلقت ملهاة للرجل

امرأة

كانت المرأة ومازالت أقل شأنا من نظيرها الرجل، في عيون العامة من الناس الذين يصنفون ضمن خانة “الجاهلين”. وهؤلاء يلمونها على كل مشكل اجتماعي أو أخلاقي، أو فساد يحدث في المجتمع.

لكن الطامة الكبرى، تتمثل حينما يتبنى أشخاص يصنفون في خانة ” العاقلين”، العقلية ذاتها. ومنهم علماء، ورجال دين، وفلاسفة، ليس فقط من العرب بل وحتى الغرب.

وأكبر دليل على ذلك هو ما قاله الفيلسوف الفرنسي الشهير جان جاك روسو، خلال عصر الأنوار، الذي يلقبونه بعصر حرية الإنسان. روسو يقول عن اقتناع تام إن المرأة خلقت ملهاة للرجل، وعلى تعليمها أن يكون متصلا بحاجات الرجل، فتكون له تسلية وفائدة.

وكذلك الحال بالنسبة للفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، حيث يقول: “إذا كنت ذاهبا إلى المرأة فلا تنس عصاك”.

الضلع الأعوج

safe_image

 

“المشكل ثقافي بالدرجة الأولى، مرتبط بعقليات وتراكمات، وبنمطية المجتمع الذكوري الذي نعيش فيه ليس فقط في المغرب بل حول العالم”، هكذا يقول صلاح الدين اركيبي، دكتور باحث في مجال السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا.

نظرة الازدراء للمرأة هي فكرة نمطية، سببها الهيمنة الذكورية في العالم ككل، ولكن درجة حدتها تختلف من مجتمع إلى آخر.

وفي المغرب تعود الفكرة إلى تمثلات قديمة، مرتبطة بالتراث وبالتنشئة الاجتماعية وبتراكمات دائما ما تربط،  كل ما هو ناقص، وقاصر، وأعوج، بالمرأة. “وهنا المغاربة يأخذون حديث الرسول صلى الله عليه بفكرة مغلوطة لأن الدين الإسلامي ينتصر إلى المرأة وليس العكس”، يقول اركيبي.

فالإسلام،  جاء ليلغي النظرة السلبية تجاه المرأة، ويصحح العادات والتقاليد التي تربط دورها فقط بالبيت والإنجاب، وتلبية غرائز الرجل.

إلى السيد المدير أو المديرة؟

working

 

المرأة “سبة”  و”عبء” في المخيال الشعبي المغربي، لكن لوحظ خلال السنوات الفارطة محاولات وإن كانت محدودة من أجل تغيير هذه الصورة، والاعتراف بـ”تاء التأنيث”. وأبسط مثل على ذلك هو محاولات تغيير صياغة المراسلات الرسمية، ” حيث كان هناك دائما هذا الإشكال بين كتابة السيد المدير أو السيدة المديرة، أو إلى الرئيس أو الرئيسة، إذا كانت المسؤولة المخاطبة امرأة”.

يقول الباحث إنه تم الاعتراف ببعض الأشياء الظاهرية والسطحية التي تهم المرأة، و ليس هناك فعلا اعتراف حقيقي بها. القول يؤكد على أنه يحب والدته ويحترمها، ويحترم أخته، لكنه في نفس الوقت يعامل باقي النساء بازدراء وانحطاط.

المرأة شر لا بد منه؟

5

تتجاذب صورة المرأة في المجتمع المغربي تيارات متضاربة، وإن كان التيار

الذي ينظر إليها على أنها أدنى درجة من الرجل هو المهيمن.

فداخل الأسرة منطق عدم التكافؤ في التعامل بين الأولاد حسب معيار الجنس هو العنوان الأبرز، فالذكر دائما هو المفضل.

وبالتالي المجتمع عود الذكر على أنه أفضل مكانة من المرأة. “المجتمع ينتج صورة الرجل الطاغي الرجل المركز…أما المرأة فهي هامش لا بد منه بمعنى شر لا بد منه. إذن المجتمع يساهم في تفاقم عقدة الأنا الذكورية إن صح التعبير على حساب الأنثى”، يقول اركيبي، الباحث السوسيولوجي.

“تسليع” النساء

seduction

في المجتمع المغربي هناك تياران يعصفان بكرامة المرأة. أولهما التيار التقليدي بكل حمولاته الحاطة من مكانتها، وتيار الحداثة الذي أخذ منه الجانب السلبي فقط، ألا وهو “تحويل المرأة إلى سلعة وتنميط الاستهلاك”.

فعلى مستوى الإعلام يروج للمرأة كبضاعة، كشيء للمتعة وإشباع للذة، وهو نمط أصبح يهيمن على الناس، في كل المجتمعات.

ومن خلال نظرة بسيطة لا تحتاج إلى الكثير من التحليل، يتبين لك سيدتي كيف تحولت النساء إلى سلع. خذي مثلا الفنانات، حيث انتقلن من مرحلة الحكم عليهن بناء على جمال الصوت والأداء إلى الحكم عليهن بناء على الجسد ومستواهن في الإغراء. وهذا اختزال المرأة في المتعة والأمثلة على ذلك كثيرة.

المرأة المغربية عدوة نفسها

salah rguibi

يقول الدكتور صلاح الدين اركيبي إن النساء يساهمن في إعادة إنتاج صورهن في المجتمع، ويلعبن الدور الذي رسمه لهن المجتمع. وبالتالي فهن يتحملن جزءا من المسؤولية، ولسن فقط مجرد ضحية للهيمنة الذكورية وللعنف الرمزي. وحتى في تشويه سمعة المرأة المغربية، تجدين سيدتي أن مغربيات بأنفسهن يعملن على تشويه هذه السمعة، بل ويقتنعن بها.

وحقيقة أخرى تنضاف إلى ما سبق، وهي أن نسبة الأمية في صفوف نساء المغرب مرتفعة. وهؤلاء اللواتي حرمن من التعليم، بذاتهن يؤمن أن مكانهن هو بيت الأهل، ومستقبلا بيت الزوج، فيختزلن وجودهن في الإنجاب وأشغال البيت.

vous pourriez aussi aimer