سلطانة

هل تحولت المدرسة إلى مرتع للانحراف؟

تشعرين بالأمان حين ترسلين ابنك أو ابنتك إلى المدرسة؟ إن كنت كذلك فعليك أن تعيدي التفكير في الأمر.

فقد ولى زمن المدارس الجميل، حينما كان شغلك الشاغل كتلميذة، هو تحصيل العلم والتفوق في الدراسة.

اليوم، صارت أغلب المؤسسات التعليمية، فضاء يقدم كل شيء عدا التربية والتعليم، وباتت تشكل خطرا على الأبناء بقدر ما يمثله الشارع وربما أكثر.

drogue

فهناك تقع ممارسات، لا تبالغ “سلطانة” إن قالت عنها “خطيرة”. ويتعرض تلاميذ وتلميذات إلى إغراءات عديدة، تنتهي بالانحراف وحتى الإجرام.

وخير دليل على ذلك، الحوادث التي تكتب عنها الصحف  يوميا، مثل قصة الرجل المتزوج الذي  استدرج تلميذات من باب مؤسسة تعليمية بتمصلوحت، لاستغلالهن جنسيا في دور للدعارة بمراكش، قبل أن تتدخل الشرطة.

والتي كشفت فيما بعد أنه كان يستعين بفتاة قاصر داخل المؤسسة لاستدراجهن عبر إغرائهن بالمال.

أول الطريق..خطوة

لا توجد أرقام رسمية تشير إلى مدى استفحال مظاهر الانحراف في المؤسسات التعليمية، لكن الواقع يؤكد تفشيها.

تلاميذ تحولوا إلى مجرمين، يهاجمون زملاءهم وأساتذتهم بالسلاح الأبيض داخل وخارج حجرات الدرس. وآخرون صاروا مدمنين على المخدرات والكحول.

يقول تلميذ في السنة أولى باكلوريا لـ”سلطانة” إن نوعا من المشروبات الكحولية (الماحيا) تلج مدرسته معبأة في قارورات المياه المعدنية. ويضيف بأن أستاذا مدمنا على تدخين لفائف الحشيش (جوانات) يطلب من تلاميذه أن يعدوا له واحدة، أو كما يقال بالدارجة (يفتخو ليه جوان).

تدخين الحشيش

تفيد أرقام صادرة عن وزارة الصحة، بأن استهلاك المخدرات منتشر في أوساط 3 في المائة من المراهقين، و2.8 في المائة منهم يعانون الإدمان.

كما إن 15.5 في المائة من التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 15 سنة، مدخنون. ويستهلك 8 في المائة من الذكور الخمور، مقابل 3.5 في المائة  بالنسبة للإناث.

وكما يبدو لك فإن المشكل أعمق بكثير مما كنت تتصورينه سيدتي. مظاهر الانحراف تقع أمام أعين فتيان وفتيات قاصرين، وفي داخل مؤسسة تعليمية ولا من يحرك ساكنا.

تقول شيماء، تلميذة في ثانوية بالرباط إنها تخجل من حضور حصص أستاذ لأنه “يتفوه في بعض الأحيان بكلام نابي هابط”، مضيفة أنه يشجع تلاميذه على ممارسة الجنس لكونه حقا إنسانيا.

تأثير وسائط التواصل

facebook

ولا يمكن إغفال جانب مهم يلعب دورا في التأثير على التلاميذ والتلميذات. إنها وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي.

هذه الأخيرة سهلت على القاصرين التواصل، بل والتفوه بكلام لا يستطيعون قوله مباشرة لبعضهم البعض.

يقول فؤاد بنمير، أستاذ علم الاجتماع بمدينة المحمدية، في اتصال هاتفي مع “سلطانة”، إن المجتمع المغربي يشهد تغيرا واسعا في منظومته، خصوصا مع وسائل الاتصال والفضائيات، ومواقع التواصل التي لعبت دورا في تفشي الانحراف بين القاصرين.

وبالتالي تحولت المدرسة إلى مكان يلتقي فيه هؤلاء، يؤثرون ويتأثرون، ويتبادلون فيما بينهم فيديوهات عنف أو أشرطة إباحية وغيرها.

فإذا كان ابنك أو ابنتك من المدمنين على مواقع التواصل من قبيل “الفيسبوك”، فتنصحك “سلطانة” بالحرص على مراقبة تلك المحادثات. فبعضها يكون وسيلة لاستدراج القاصر او القاصرة والتغرير به.

ممارسات جنسية

teen-pregnancy

وقائع صادمة، تشهدها المؤسسات التعليمية. وهي حقيقة سبق وصرحت بها نجاة غربي، مسؤولة في مديرية الصحة المدرسية والجامعية بوزارة الصحة المسؤولة، حيث نبهت إلى ارتفاع معدلات الحمل المبكر في صفوف تلميذات، تضطر كثير منهن اللجوء للإجهاض.

وبحسب أرقام كشفت عنها ذات المديرية فإن متوسط السن لأول علاقة جنسية بالنسبة للذكور هي 16 سنة، مقابل 18 بالنسبة للإناث.

مراهقان في مدرسة ثانوية

يقول تلميذ آخر في المستوى الثانوي، إن كل مظاهر الانحلال والفساد تقع داخل المؤسسة. تحرش من مدرسين، علاقات جنسية بين تلميذات وتلاميذ، تدخين الممنوعات وشرب الكحول، وغيرها..

وخارج المؤسسة، يقل شبان وكهول تلميذات قاصرات من أمام الثانوية في سياراتهم ويغادرون.

في المدرسة ذاتها تحدث علاقات جنسية مجانية أو مقابل المال. خصوصا المدمنات على الممنوعات، ومنهن من تحترف الدعارة.

كما تقع علاقات جنسية شاذة بين قاصرين، يمارسون الجنس مع أقرانهم من نفس الجنس، مقابل الحصول على النقود أو الحشيش وحبوب الهلوسة.

بنمير: “واه من يظن أن التنمية تكون دون إصلاح المدرسة”

fouad benmirيقول فؤاد بنمير، أستاذ علم الاجتماع، إن المجتمع المغربي يشهد تحولا في المنظومة والقيم والسلوك، فرضت نفسها على المجتمع المغربي الذي لم يكن مهيأ أو مستعدا لها.

اغلبها تحولات سريعة، ألحقت الضرر بالمجتمع وبالضوابط الأخلاقية والاجتماعية، وتأثر بها القاصرون أكثر من غيرهم. في وقت فقدت فيه مؤسسة الأسرة دورها الفعال في التربية.

وذكر بنمير كيف تغير دور المؤسسات التعليمية منذ الاستقلال وحتى الآن، وما عادت تقوم بدورها في التربية والتعليم.

ويبقى السؤال هو كيف السبيل للحد من تفشي الانحراف داخل المؤسسات التعليمية؟ يقول بنمير إن هذا الأمر لن يتحقق إلا بإصلاح منظومة التعليم، “وواه من يعتقد أن تنمية الأفراد ستكون دون إصلاح المدرسة العمومية”.

vous pourriez aussi aimer