المحجبات غير مرغوب فيهن للولوج إلى بعض المدارس
من حين لآخر تطفو قضية الحجاب على السطح لتثير نقاشا حادا داخل الرأي العام المغربي، خاصة بعدما أصبح “غطاء الرأس”، يشكل عائقا يحول دون ولوج الطالبات إلى بعض المدارس، وأحيانا يكون السبب في عدم قبولهن في بعض الوظائف.
وتعرف هذه القضية اختلافا بين المغاربة، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض، أن الحجاب حرية شخصية، وبإمكان الفتاة أن ترتدي ما تشاء وقتما تشاء، يرى آخرون، أنه فريضة شرعية، تدخل في صميم الدين الإسلامي، ولا ينبغي مخالفتها.
مدرسة المهندسين بالمحمدية تقصي المحجبات..
[soltana_embed]https://www.facebook.com/emiavechijab/photos/pcb.953957384624830/953956827958219/?type=3&theater[/soltana_embed]
هدى النيبي إحدى النماذج، التي شكل لها الحجاب عائقا وحال دون ولوجها إلى المدرسة المحمدية للمهندسين، رغم حصول الطالبة المجتهدة، على أعلى معدل في البكالوريا سنة 2014، لكن حلمها تبخر في السماء، بعدما كان الغطاء الذي تضعه فوق رأسها السبب في عدم قبولها في أعرق مدرسة للمهندسين بالمملكة.
ونالت قضية هدى تعاطفا شعبيا، وتضامن معها رواد موقع التواصل الاجتماعي بـ”الفايسبوك”، وأطلقوا هاشتاغ ” حجابي حريتي.. الحجاب حرية والتعليم حق”، من أجل لفت الانتباه إلى المسؤولين بوزارة التعليم العالي، للحيلولة دون حرمانها من حقها في مواصلة دراستها العليا.
وأوضح بعض الطلبة من داخل المؤسسة، أن النظام الداخلي يفرض عليهم إعفاء اللحى، وترك الحجاب بالنسبة للإناث، كما يفرض زيا رسميا موحدا، لأن النظام، وفقهم “شبه عسكري، يفرض عليهم ذلك”.
[soltana_embed]https://www.facebook.com/emiavechijab/photos/a.450895618264345.101922.448706345149939/974927265861175/?type=3&theater[/soltana_embed]
ولم يمر إقصاء صاحبة أعلى معدل في بكالوريا 2014، مرور الكرام، بل قوبل بغضب واستنكار شعبي، حيث تساءل الطلاب المتضامنون مع هدى “عن أي أساس أو قانون تعتمد هذه المؤسسة لمنع المحجبات؟ خاصة وأن دستور 2011 ينص على أن الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية”.
واعتبر النشطاء الذين أطلقو الحملة، أن إقصاء الطالبات المحجبات من الولوج إلى أعرق أكبر مؤسسة للمهندسين بالمغرب فيه، “تمييز غير مقبول و لا يمكن تبريره بكون المؤسسة شبه عسكرية”، بحسب تعبير النشطاء الفايسبوكيين الذين استغربوا “أن تكون شرطيات وعسكريات في الدول الغربية محجبات، ويكون الأمر ممنوعاً داخل دولتنا الإسلامية “.
وفي مقابل ذلك، يرى ياسر الرفاعي أنه “لا يجب مطالبة الإدارة بفسح المجال للطالبات المحجبات لولوج المدرسة”، فالمسألة، حسبه، “مسألة متعلقة بقانون القوات الملكية المسلحة، والذي يمنع ارتداء الحجاب في أوقات الدراسة والعمل (..) لا يجب الخلط في المواقف”، وفق تعبير المتحدث.
احتجاجات على مدير منع محجبات من الولوج إلى مؤسسة بطنجة..
وقبل ذلك بعام، احتج عشرات المواطنين على مدير الثانوية الإعدادية ابن سينا بطنجة، بعدما منع تلميذات محجبات من الولوج إلى أقسام الدراسة، وعبر الآباء عن امتعاضهم من تصرف المدير، ورفعوا لافتات أمام المؤسسة التعليمية، من قبيل “حجابي هويتي لا تساوموني على هويتي”، والحجاب حقي وخياري”، و”الحجاب عفتي”..
عدم قبول تلميذات محجبات في مؤسسة تابعة لفرنسا بالرباط..
ففي سنة 2012، لم تتمكن تلميذة، تدعى “ياسمينة” من الولوج إلى الأقسام التحضيرية لشعبة الاقتصاد بثانوية “ديكارت” التابعة للبعثة الفرنسية بالرباط، بعدما لم يتم قبولها لاجتياز مباراة في هذه المؤسسة، وذلك بحجة أنها ترتدي الحجاب.
التلميذة “ياسمينة”، التي أقصتها ثانوية ديكارت من مؤسستها، قررت ارتداء الحجاب قبل أربعة أشهر من إجراء المباراة، لتفاجأ بعدم قبولها في تلك المؤسسة التي توجد في العاصمة الرباط.
ورغم ذلك، كانت مصرة على عدم التخلي عن الحجاب وحملت مسؤوليتها، وقتها إلى الحكومة المغربية في الدفاع عن حقها كمواطنة مغربية، متسائلة “كيف يتم تطبيق قانون فرنسي على بلد مسلم أساسا؟
وتضيف ياسمينة، “طالما لا أنتهك حرية الآخرين علي أن أتمتع بالحق في ارتداء الحجاب”، وترى أن منع حمل الرموز الدينية في المؤسسات التعليمية، “غير ديمقراطي”، و”غير عادل”، وعليه ينبغي على الديمقراطية أن تحترم جميع المعتقدات”، تقول التلميذة المغربية.
التضييق على مغربيات أوربا بسبب الحجاب..
المحجبات المغربيات في أوربا لسن أحسن حالا من مواطناتهن داخل المغرب، ففي إسبانيا طردت تلميذة من أصل مغربي (16 عاما)، من إحدى الثانويات بمدريد في يوم 7 أبريل 2010، ولكن قضيتها عرفت تعاطفا كبيرا، بعدما نشرتها الصحف والمجلات الإسبانية.
ورغم أن التلميذة المغربية، التي تدعى “نجوى ملهى”، ازدادت بإسبانيا، وتحظى باحترام زملائها وأساتذتها بسبب تميزها الدراسي، حيث تتابع دراستها في ثانوية “بوثويلو دي ألاركون”، إلا أن ذلك لم يمنع إدارة مؤسستها، من طردها لا لشيء سوى أنها قررت ارتداء الحجاب الذي اقتنعت به، ويدخل في صميم الدين الإسلامي.
والد نجوى، محمد ملهى رئيس المركز الثقافي الإسلامي بـ بوثويلو، يقول، “إن الأسرة في مأزق حرج جدا خاصة بعد توقيف ابنته”، مشيرا إلى أن، “الفتاة كانت تتمنى لما تبلغ 13 و14 سنة، أن ترتدي الحجاب، ومع ذلك كنت أنا وأمها نعارض قرارها، خشية أن تتعرض لأخطار في دراستها”.
ويضيف ملهى، أن بنته نجوى اتخذت عهدا مع الله أن ترتدي الحجاب، “وكان قرارها ذاتيا وصارما في الآن نفسه، وكآباء اضطررنا إلى احترام قرارها، بعدما كنا نحاول إقناعها بتأجيل ارتدائه إلى غاية إتمامها للدراسة”.
وبعدما اتخذت نجوى قرارها، بحسب والدها، ظلت ترتدي الحجاب طيلة شهر فبراير دون أي إشكال، “ولكن بعد شهر من ذلك لما علم مدير المؤسسة بالأمر عقد اجتماعا عاجلا، وكان رد فعل المؤسسة هو منعها من متابعة دراستها، وبقيت لمدة 20 يوما معزولة في صالة، وممنوعة من مواصلة دراستها، مع غياب أي مبرر حقيقي يحرمها من الاستفادة من حقها في الدراسة”.
وشكل توقيف التلميذة المغربية، عن مواصلة دراستها، ضغطا نفسيا رهيبا بالنسبة للأسرة، كما يقول محمد ملهى، الذي أنه، ” لا وجود لقانون دولي يمنع الفتاة من ارتداء الحجاب بإسبانيا، كما أن القانون العام لإسبانيا، أيضا يعطي للتلميذة حرية الديانة، التي تخول لها متابعة دراستها”.
الإعلام والطيران لا يوظفان المحجبات وإقصاؤهن مخالف للدستور..
رشيد الجرموني الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، اعتبر أن التضييق على المحجبات مخالف للدستور المغربي وللقوانين المعمول بها في البلاد، والذي يكفل حرية المعتقد واللباس وغيرها.
وقال في تصريح لـ “سلطانة”، أن هناك أفكار وترصبات نمطية معينة، ترى أن المرأة المحجبة غير مثيرة أو قد تكون مرتبطة بحركة إسلامية أو حركة جهادية، وعلى الرغم من ذلك أصبح الحجاب ظاهرة اجتماعية بغض النظر عن أصوله الحركية، وأصبح المغاربة يتقبلونه.
ففي مجال الطيران المغربي، يقول الجرموني، إنه “لا يوظف المحجبات، كما هو الشأن بالنسبة للإعلام العمومي، نادرا ما نجد امرأة تقدم الأخبار في إحدى القنوات المغربية”. وأردف، “مع العلم أنه من حق هته الفئة الانخراط في الحياة العمومية، والتعبير عن آرائهن بشكل أو بآخر”.
ومن ناحية أخرى، أبرز الباحث في علم الاجتماع، أن دواليب الإدارة والاقتصاد في المغرب، متحكم فيها من طرف النخبة اللبرالية التي تنظر إلى المرأة كسلعة، وذكر “أن هؤلاء الليبراليين يفضلون أن تكون المرأة مثيرة وجذابة، بالإضافة إلى عنصر الجمال الذي يكون هو المحدد الأساس لتقبلها”.
وأكد الجرموني “أن هذه الاعتبارات تكون حاضرة وللأسف حينما تريد المرأة أن تتقلد المناصب في الجامعات، وأثناء الترشح للماستر”، مستغربا إحجام الحركات النسائية اللواتي يرفعن شعار الدفاع عن المرأة، وقمن بعدة مبادرات من قبيل المساواة والحريات (..) في الدفاع عن هذه القضية”.