في العمل: نساء بين رهان الكفاءة وإغراء الجسد
سكينة رحيوي
هن نساء جميلات، ذكيات و طموحات تصبو كل واحدة منهن الى بلوغ اعلى المراتب المهنية، غايتهن قد تبرر لبعضهن الوسيلة التي يتخذنها بغية الوصول الى مناصب القرار، لكن الحفاظ على المبادئ هو الغاية في حد ذاتها بالنسبة للكثيرات حتى وان كان المقابل مغريا… سلطانة تكشف اسرارا يرويها رجال ونساء بمرارة لواقع مهني يلعب فيه علو الكعب واحمر الشفاه وأشياء اخرى دورا اساسيا مقابل الكفاءة والخبرة والمستوى الثقافي…
المبادئ مقابل المال
قديما كانت الفتيات يندبن حظوظهن لأنهن خلقن فتيات في مجتمع ذكوري لا يتيح للمرأة حق الولوج الى مختلف المهن ولا يثق في كفاءتها ولا قدرتها على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار، لكن اليوم انقلبت الاية وأصبح بعض الشباب يغبط الاناث على استطاعتهن تسلق سلم النجاح المهني و الولوج الى مختلف المهن معتمدات في بعض الاحيان فقط على جمالهن، “كنت اشتغل في شركة تأمين حيث هناك موظفة مدللة، لا يرفض لها طلب ولا يستطيع احد داخل الشركة انتقاد غيابها المتكرر ولا طريقة تعاملها مع الزملاء في العمل، تأمر وتنهى وتهين من تشاء لأنها ببساطة عشيقة المدير ” قصة يرويها امين باستياء كبير، معتبرا ان بعض الفتيات يضربن بعرض الحائط كل الاخلاق والمبادئ فقط ليحصلن على وضع استثنائي يخول لهن مقابلا ماديا مريحا ومنصبا مرموقا.
الكفاءة وحدها لا تكفي
سلوى هو الاسم الذي اخترناه للآنسة ف.ا، رفضت ذكر اسمها لكنها فتحت قلبها لسلطانة لتتقاسم معنا سلوى قصتها مع رئيسها في العمل، حيث حاول هدا الاخير استدراجها بكافة الطرق من اجل قضاء ليلة حمراء معه مقابل امضاء عقد العمل الذي وعدها به بعد مرور ثلاثة اشهر من التدريب داخل الشركة، “في البداية كان يلمح لي بإعجابه بي وكان احيانا يثني على جمالي ويحدق في بعض المناطق في جسمي بطريقة وقحة، لكنني كنت اصر على تغيير الحديث والتلميح له بأني جادة ولا أطمح الى شيء اخر سوى العمل استنادا الى كفاءتي، كان يعاملني بطريقة خاصة لاحظها جميع زملائي الى ان استدعاني الى مكتبه مؤخرا وطلب مني قضاء ليلة حمراء معه مقابل الحصول على عقد عمل وامتيازات اخرى داخل الشركة… تقول سلوى مضيفة “انا الان في موقف لا احسد عليه لا اريد ان افقد العمل الذي طالما حلمت به خصوصا انني في امس الحاجة ماديا، كما انني ارفض بشكل قاطع الحصول على عمل بهكذا طريقة، تقول سلوى الحاصلة على دبلوم تقني في تسيير المقاولات وتضيف بعض صديقاتي في العمل خضعن لمثل هذا الابتزاز، بل منهن صديقة تعرفت عليها عند بداية التدريب كانت طيبة وخدومة الى ابعد حد ساعدتني على معرفة بعض الاسرار عن العمل من بينها مزاجية المدير و طبعه المتسلط الا على من قابلت تحرشه بها بابتسامة عريضة، هذه الصديقة أسدت لي بعض النصائح قائلة ” لبسي شوية قصير، وطلقي البشرة، وحاولي تتنازلي شوية باش حياتك تزيد القدام وبلا منشرح كتر راكي فاهمة وبنت الوقت”، كان ذلك اول الدروس التي تعلمتها اثناء التدريب والتي لم اصادفها في كتاب على مقاعد الدراسة.
واجهة مثيرة
هبة سكرتيرة تنفيدية في شركة اجنبية بمدينة طنجة، شابة جميلة وأنيقة، لا تفارقها الابتسامة، من يراها يظن انها من اغنى الناس، بسبب ترتيبها ولباسها الاداري المنمق إلا انها تنحدر من اسرة فقيرة تعتبر هي المعيل الوحيد لهم، تقول هبة قد تضعك الحياة في مواقف بائسة و مؤلمة، كأن تحتاج لشراء دواء لوالدتك التي تحتضر أمامك قد يغادر والدك الحياة وتجد نفسك فجأة تعيل عائلة بأكمها وهذا فعلا ما حدث معي، اضطررت الى الخروج للعمل في سن مبكر واشتغلت في البيوت وفي صالون للحلاقة لكنني كنت ادرس بالموازاة، درست سنتين في الجامعة تخصص دراسات فرنسية، عانيت من البطالة وكنت اقوم بأعمال بسيطة الى ان اخبرني صديق عن فرصة عمل كسكرتيرة في شركة أجنبية، فرحت لسماع الخبر وذهبت في اليوم الموالي بحماس الى مقر العمل، اثناء المقابلة اكتشفت ان الامر لا يتعلق بكفاءة ولا بمستوى علمي ولا بخبرات سابقة، كل ما في الامر ان الشركة تبحث على شابة جميلة بمواصفات معينة يلعب فيها الوزن والطول والثياب ومساحيق التجميل دورا أساسيا، قبلت بالعمل مضطرة وتدرجت في العمل الى ان صبحت اشتغل سكرتيرة المدير العام سافرت لبلدان عدة وتحسنت وضعيتي المادية كثيرا وتعلمت اشياء مهنية كثيرة جدا وأصبحت خبرتي مهمة كل ذلك لم يكن بدون تنازلات طبعا لان الواقع المعيش يفرض عليك ان تتأقم لتعيش اما مريضة وأفواها تنتظر ما ستأتي به في المساء تضيف هبة.
مصطفى الشكدالي: “الذكر في مجتمعنا تربى على الجهر برغباته الجنسية”
في هذا السياق يقول مصطفى شكدالي استاذ باحث في علم النفس الاجتماعي بخصوص موضوع التحرش في علاقته باللباس، يجب أولا أن نحدد مفهوم التحرش الذي لا يمكن الحديث عنه إلا في علاقته بالسلطة كالأستاذ والطالبة والمدير والموظفة… أما ما نراه في الشارع فهو أقرب للمعاكسة.
وأردف شكدالي بخصوص المواقف التي تتعرض لها بعض النساء في العمل، “أعتقد أن الذكر في مجتمعنا تربى على الجهر برغباته الجنسية ليكون “فحلا” لذلك فهو يُعبر عن ذلك بالكلام والمعاكسة، أما بالنسبة للأنثى فهي تُعبر عن رغباتها بلغة الجسد بما فيها اللباس”، مضيفا انه لا يُمكن فهم ما يجري حاليا بخصوص هذا الموضوع إلا بربطه بالتحولات القيمية التي يشهدها المجتمع حيث الصراع بين القديم والجديد.