مبادرات فريدة.. تخصص لنقل “ذوي الاحتياجات الخاصة” مجانا
في مبادرات إنسانية قل نظيرها في المغرب، ظهرت سيارات أجرة خاصة تحمل إشعارا على زجاجها الخلفي، “التوصيل مجانا لذوي الاحتياجات الخاصة”، أو “خدمة توصيل ذوي الاحتياجات الخاصة مجانا”، أو “بالمجان لذوي الاحتياجات الخاصة”، حيث تقدم خدمات مجانية لذوي الاحتياجات الخاصة، سعيا منها إلى دمج هذه الفئة في المجتمع.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عبروا عن إعجابهم بالمبادرة الفريدة التي تعد سابقة من نوعها في تاريخ سيارات الأجرة بالمغرب، حيث نال القائمون عليها كثيرا من الشكر والثناء، كما تم التنويه بسائقي السيارات الذين وضعوا خدماتهم رهن إشارة هؤلاء، كما دعا رواد العالم الافتراضي إلى إطلاق مبادرات مماثلة في باقي المدن المغربية.
ويعتبر الدافع الإنساني هو السبب الأبرز لإطلاق هذه المبادرات الإنسانية، فبمرتيل سبق أن أطلق مالك سيارة أجرة (30 عاما) هذه المبادرة منذ 21 أكتوبر 2013، واعتبر أن الدافع الإنساني هو الذي أدى به للقيام بذلك “العمل الخيري”، وأضاف قائلا، “إن الفكرة راودته، منذ أن رأى رجلا من ذوي الاحتياجات يجد صعوبة في العثور على وسيلة نقل تقله نحو وجهته التي يريد”.
ومضى قائلا، “المشهد ذاك جعلني أفكر في طريقة أستطيع بها تقديم مساعدة لمثل هؤلاء الأشخاص في المدينة”، وذكر أن تلك المبادرة التي أطلقها، ” كان لها صدى طيب، وساهمت ولو بالقليل من تقليل معاناة هؤلاء”.
وفي العادة نجد الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة منتشرين في الشوارع وأمام الممرات، وهم ينتظرون من يقلهم نحو وجهاتهم، خاصة في أوقات الذروة، حيث يكون مطلب إيجاد سيارة أو حافلة لنقلهم صعب المنال، وفي حالة ما إذا توفرت الوسيلة، فإنهم يجدون صعوبة أثناء الركوب خاصة مع الاكتضاض الذي تعرفه وسائل النقل العمومية.
صاحب السيارة الذي فضل عدم الكشف عن هويته، استغرب من عدم وجود مثل هذه المبادرات في المغرب، مشيرا إلى أن “مثل تلك المبادرات معمول بها في معظم البلدان الغربية، ولا نزال نفتقد في بلادنا على ضمان الولوجيات”.
وبالعاصمة العلمية للمملكة، انطلقت المبادرة التي أشرفت عليها تعاونية الوحدة لأرباب وسائقي سيارات الأجرة بفاس مطلع نونبر الماضي، وذلك بعدما بادر سائق سيارة أجرة تحمل رقم “941”، بوضع ملصق على ظهر سيارته، يحمل عبارة، “التوصيل مجانا لذوي الاحتياجات الخاصة”، وقال إن المبادرة تهدف “للارتقاء بالجوانب التربوية والاجتماعية والنفسية والجسدية للمواطن”.
سعيد بحري، رئيس تعاونية الوحدة لأرباب وسائقي سيارات الأجرة بفاس التي أشرفت على المبادرة، يرى أن المبادرة التي تم إطلاقها تكتسي صبغة اجتماعية إنسانية، خصوصا لذوي الاحتياجات الخاصة، “الذين يعانون من الإعاقة الجسدية، والذين يعتمدون على الكراسي المتحركة”.
ويتوخى حوالي 30 شخصا من أصحاب سيارات الأجرة، الذين بادروا إلى عرض خدماتهم المجانية لذوي الاحتياجات الخاصة، إلى تعميم المبادرة بمدينة فاس حتى يتبناها بقية رفاقهم، وإطلاقها في المدن الأخرى بالمملكة، من أجل إدخال السرور على قلوب ذوي الاحتياجات الخاصة.
المواطنون بمدينة الرشيدية، أثنوا على “سائق” بارد بإطلاق هذه الخدمة في الآونة الأخيرة، بعدما وضع ملصقا خلف سيارته يحمل عبارة، “بالمجان ولذوي الاحتياجات الخاصة”، وتمنوا أن يتبناها بقية زملائه من أرباب سيارات الأجرة.
إسماعيل علوي، السائق الذي أطلق المبادرة بمدينة الرشيدية، قال في تصريح لـ “سلطانة” بأنه سعيد بأن يكون أول من أطلق هذه الخدمة المجانية الإنسانية بالجنوب الشرقي، وأضاف بأن ما يقدر بتسع سائقين آخرين حذوا حذوه فألصقوا شعار المبادرة على خلفية سياراتهم، مشيرا إلى “أن شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة كبيرة في المدينة، حيث يجيدون صعوبة أثناء التنقل، ولا يتحملون الركوب مع وسط الاكتضاض والازدحام الذي تعرفه الحافلات.
ولفت العلوي الذي لقي ثناء كثيرا من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى أن الفكرة لقيت إقبالا بالمدينة، وأن هؤلاء الأشخاص عبروا سعادتهم ويعرفون أنهم غير منسيين”، متمنيا أن تتوحد المبادرة على الصعيد الوطني، حيث خلص بقوله “كنتمنى إساندوني خوتي فجميع أنحاء المغرب”.
ومن جانبه، أثنى زايد جرو، الكاتب الصحافي، على “سائق الطاكسي”، واعتبر أن المبادرة “فعل إنساني قوي ورفيع لا يحس بقيمته إلا ذوو الاحتياجات الخاصة”، وواصل “فماذا لو سلك كل أفراد المجتمع حذوه، فكتب كل تاجر على باب متجره: التبضع بالمجان لذوي الاحتياجات الخاصة، وكتب أرباب الفنادق: المبيت بالمجان لهم، وكتب مديرو الأبناك على لوحات مؤسساتهم عوض الساعة غير المححقة”، يورد الكاتب الصحافي.
وأضاف جرو ذو (52) ربيعا، “نحيي عاليا سائق الطاكسي لأنه لامس بعضا من الجرح الغائر الذي لم تستطع الحكومة فعله لحد الآن، ولم يفكر إلا في الأجر العظيم، واحترامنا الكبير لكل المؤسسات التي تشتغل من أجل هذه الفئات بتنغير والرشيدية وزاكورة وورزازات وميدلت، وفي كل المدن التابعة لهذه الأقاليم ونشد على أيادي كل الأطر التي تتعب يوميا وتسهر على راحة هذه الفئات العريضة من الناس في المجتمع”.