سيجارة المرأة بالمغرب.. بين الرفض المجتمعي والإنهاك الصحي
إلى وقت قريب كان المجتمع المغربي ينظر إلى المرأة المدخنة بتلك النظرة السلبية المقززة، ورغم ذلك ازداد عدد النساء اللواتي يتعاطين للتدخين، حتى صارت مسألة رؤية المرأة في الشارع، وهي تنفث سيجارتها أمرا عاديا ومألوفا، شأنها في ذلك شأن الرجل.
نظرة المغاربة إلى المرأة المدخنة، تعرف اختلافا، ففي الوقت الذي يتقبلها البعض يرفضها البعض الآخر، خاصة في ظل المخاطر التي يشكلها “النيكوتين” على الصحة بشكل عام، إذ أصبحت ظاهرة “المقاهي المخصصة للنساء المدخنات رائجة في المدن الكبرى، نجدها رهن إشارتهن، ويقصدنها وقتما شئن، ومن دون أي حرج.
“أنا أرفض المرأة المدخنة، وأعتبرها رجلا سيئا بجسم امرأة”، بهذه العبارة عبرت سهام العدواني، عن موقفها من هذه الظاهرة التي يرفضها معظم المغاربة، ويعتبرونها عادة سيئة ومرفوضة خاصة عندما يتعلق الأمر بـ”الجنس اللطيف”.
وأضافت العدواني الطالبة الباحثة بكلية الحقوق بالرباط، ذات 26 ربيعا، أن “التدخين يشوه أنوثة المرأة ويسلبها نعومتها ورقتها المعهودة حتى بات منظر المرأة المدخنة مستفزا لأبعد درجة”، ومضت قائلة، “إذا كان التدخين لا يليق بالرجال أصلا فكيف بأنثى”.
واعتبرت المتحدثة أن تعاطي المرأة للسيجارة “يجعل الجميع ينفر منها بسبب رجولتها المصطنعة، من رائحة السجائر المقززة”، وعلى الصعيد التربوي تقول العدواني، “فرؤية الأطفال لأمهم وهي تدخن شيء يرتبط لحد كبير بخلل تربوي وفجوة نفسية لديهم من الصعب معالجته”.
الشاب محسن، هو الآخر يشاطر سهام الرأي، يقول إن المرأة المدخنة غير مرغوب فيها داخل المجتمع المغربي المحافظ والمتشبث بالدين الإسلامي، ويشير إلى أن “التدخين يقلل من أنوثة المرأة، ولا تتعاطى له إلا المنحلات أخلاقيا”.
وفي العادة نجد بعض السيدات اللواتي يتعاطين للتدخين، لا يتجرأن بإشعال السيجارة في الأماكن العمومية التي تعرف حركة المارة، ولذلك نجدهن يتسترن في الغالب، وفي المقابل هناك منهن من لا يجدن أي حرج في نفث السيجارة أمام الملأ.
ويضيف محسن الذي ينحدر من وسط محافظ، “شخصيا لا يشرفني أن أربط أية علاقة مع أي فتاة تدخن السجائر”، كما أرفض الزواج من هذه الفئة، لأن صورتها في ذهني أقرب إلى “المتسخة والعاهرة” منه إلى “الأنثى الطيبة الجميلة الرقيقة”.
ياسين أوشن هو الآخر، يرى أن “التدخين آفة سلبية عموما، سواء كان المدخن رجلا أو امرأة، لأنه اليوم لم يعد مقتصرا على الرجل فقط كما هو الأمر في السابق، بل أصبحت النساء اليوم أكثر من أي وقت مضى يتعاطين التدخين لأسباب منها أنهن يدعين التقدم والتطور إِن هُنَّ دخن السجائر خصوصا في المقاهي الفاخرة الموجود في المدن الكبرى.
ويضيف أوشن، ذو 26 ربيعا، والذي يمتهن الصحافة، “أن النساء المدخنات يرون أن التدخين أصبح “برستيج” أي موضة يتبجحن بالتدخين ليعبرن على أنهم مثل الرجل ناسيات أو متناسيات أن التدخين مضر بالصحة، ويؤثر على الأسنان ورائحة الفم”.
ويردف أن “معظم المغاربة ينظرون إلى المتعاطية للتدخين على أساس أنها حمقاء، ومنهم من يقول إنه “حق شخصي، ومنهم من يقول إنها حرية فردية، وهناك من يقول إنها المراهقة، وما يترتب عنها من نتائج كارثية”.
يعتبر أوشن “أن المرأة في المدينة تكون أكثر عرضة للتدخين من المرأة القروية، نظرا للمحافظة التي تتسم بها النساء القرويات، على غرار نساء المدن اللواتي يختلطن بالرجال في المقاهي والعلب الليلية”، بحسب تعبير المتحدث.
وبدوره يقول الخبير في علم النفس، نبيل غزوان، إن التدخين “يشكل خطرا على كل من النساء والرجال، حيث إن الخسارة التي يحدثها على صحة الإنسان لا تعوض، أما التأثير على المخ والقلب، وكذا الرئة والتأثير على الدورة الدموية والمزاج فالرجال والنساء على حد سواء”.
ويضيف الخبير السيكولوجي، في تصريح لـ “سلطانة””أن المرأة لديها وظائف إنسانية وبيولوجية لا توجد عند الرجل كوظيفة الرضاعة والحمل، وحينما يتعرض جسمها للنيكوتين والتسمم وتناول الكحول والمخدرات يؤثر ذلك مباشرة على الجنين، ويمكن أن يؤثر على خلايا جيناتها أيضا”، بحسب غزوان.
“وإذا أخدنا المرأة من مفهوم أخلاقي وعقائدي وثقافي، فهي نموذج أصلي أولي لتربية أطفالها للمحافظة على المسؤولية الإيجابية التي تمتلكها، وهي القدوة والتدخين في المجتمع الإسلامي إذا لم يكن مكروها فهو محرم مثلما الشأن بالنسبة لكل ما يضر الذات”، لأن الحفاظ على هذه الأخيرة تعتبر “أمرا ضروريا”.
ويردف غزوان، “بأن المرأة هي مرجعية للجمال بمفهومه العام المظهري والأخلاقي، والجمال مرتبط ببعد الكمال”، لذلك فقيمته، حسب المتحدث، “تدخل فيها مقتضيات أخرى ليست دينية فحسب، بل تدخل المقتضيات الثقافية والاجتماعية وغيرها”.
وينصح الخبير السيكولوجي الآباء والمربين، بضرورة توعية أبنائهم بخطورة هذه الظواهر، لأن الطريقة الأفضل هي إشاعة الوعي والعقلانية، وفق المتحدث، الذي يرى أن الشباب “يميزهم حب التحدي والمغامرة وكذا حب التقليد ولا يتناسون أن هذه التغيرات التي يمرون منها في الحاضر هي التي تكون شخصيتهم في المستقبل”.