سلطانة

شبح الموت يهدد النساء الحوامل بإقليم تنغير..

لا يزال سكان دائرة ألنيف يتذكرون تلك الحالة المأساوية التي وقعت سنة 2013، حينما توجهت فاطمة بن يشو بعد وضع توأمها إلى المستوصف المحلي بألنيف لتوقيف نزيفها الدموي، لكن انعدام التجهيزات بالمستوصف المحلي استوجب نقلها صوب مدينة الرشيدية (حوالي 200 كلم عن مركز ألنيف)، غير أنها لفظت أنفاسها الأخيرة متأثرة بنزيف حاد على بعد ثلاث كيلومترات قبل أن تصل المستشفى.
“ورغم الاحتجاجات والشعارات التي رفعها المواطنون آنذاك للمطالبة بتحسين الأوضاع الصحية بالمستوصف وتوفير الأجهزة الطبية الأساسية والأطر الكافية، إلا أن الوضع بقي على ما هو عليه”، وفق ما صرح به صالح بويقيوش زوج فاطمة بن يشو المتوفاة تاركة وراءها ستة أبناء.
صالح بويقوش
واستحضر بويقيوش ذو (47) عاما الذي يمتهن حرفة الحلاقة ما وقع لزوجته، وقال “إنه في اللحظة تلك أتى إلى العمل بألنيف، وكانت هناك قابلة (امرأة تساعد النساء في الولادة)، ذهبت ابنته للمناداة عليها، ولما أتت يقول “وجدت الزوجة قد ولدت طفل وبقي آخر، ثم حاولت مساعدتها حتى رزقت بطفل ثان”.
ويضيف بويقيوش بنبرة صوتية حزينة، “ذهبت صبيحة ذاك اليوم إلى العمل وثمة المناداة علي وإخباري بأن حالة الزوجة الصحية بعد الولادة كانت صعبة وتستوجب أن آتي بالسيارة والملاءة، ثم استقلت سيارة رفقة أحد الزبناء كنت أحلق رأسه، فأتينا بها إلى مستوصف ألنيف”، وأشار إلى أن “عدم توفر المستوصف على الدم والتجهيزات الضرورية التي بإمكانها أن توقف النزيف، أدى لنقلها إلى مدينة الرشيدية لكنها توفيت بعد ثلاث كلومتلرات رحمها الله”.
وبحركات انفعالية واصل المتحدث ذاته، “نحن بحاجة إلى أطر طبية مؤهلة وذات كفاءة وليس إلى الطلاب المتدربين”، كما أن المستوصف المحلي بحاجة إلى التجهيزات الأساسية لأنه من العيب، وفق بويقيوش، أن يظل المستوصف الذي يستهدفه المواطنون بكثافة سكانية تفوق 50 ألف نسمة من ثلاث جماعات قروية (حصيا ومسيصي وألنيف المركز)، “دون مكيفات هوائية، وآلات كشف الولادة…”
وتعتمد معظم النساء بالمنطقة أثناء الولادة على “القابلات”، رقية (اسم مستعار)، إحداهن تساعد النساء في الولادة، تقول إنها اعتادت على مساعدة النساء في الدوار أثناء الولادة اعتمادا على خبرتها البسيطة في هذا المجال، مشيرة إلى أنه “لا تلجأ النساء بالمنطقة إلى المستشفى إلا في الحالات المستعصية التي تتطلب عمليات جراحية أو ما شابه ذلك”.
مستوصف أزقور
وغير بعيد عن ألنيف بدوار أزقور (حوالي 14 كلم) استفسرنا بن ابراهيم الحسين حول الوضع الصحي بالبلدة، وقال “إن القبيلة بنت مستوصفا صغيرا منذ سنة 1985، وبات يقدم خدمات بسيطة للمواطنين منذ تلك الفترة بعد تعيين ممرض، لكن المستوصف لا يتوفر على أية تجهيزات طبية ولا أي شيء في الوقت الذي يعاني المواطنون صحيا”.
وفي سنة 2001، يضيف بن إبراهيم “تم بناء مستوصف جديد بالدوار غير أنه لم يتم ربطه بالكهرباء حتى اللحظة، كما لا يتوفر على أية معدات طبية”، مشيرا إلى أن الممرض “يأتي إلى المستوصف ويفتح الباب، ويبقى فيه إلى غاية انتهاء عمله ثم ينصرف إلى حال سبيله”.
“وتعاني النساء الحوامل أيضا أثناء الولادة، حيث يتنقلن من دوار أزقور إلى ألنيف، وأحيانا يتم المناداة على سيارة الإسعاف التي تستغرق وقتا طويلا في الوصول إلى البادية، ولما تصل تقل المرأة الحامل لمسافة تقدر بـ 200 كلم صوب مدينة الرشيدية”.
ويشير بن ابراهيم ( تاجر ذو 59 ربيعا)، إلى “أن بعض النساء يلدن في وسط الطريق، وأحيانا منهن من يلفظن أنفاسهن ومنهن من يعدن، وفي كثير من الأحايين، إن لم تمت المرأة يمت الصبي”، وفق تعبير المتحدث الذي أكد “أن هناك أكثر من حالة تلد في الطريق ويتم إرجاعها قبل أن تصل إلى المستشفى”.
Screenshot_2015-11-28-10-28-43
ووجه بن ابراهيم نداء إلى المسؤولين عن القطاع الصحي وأعرب عن أمله في “إنجاز مستوصف بألنيف للولادة لتقريب المسافة وللحد من معاناة النساء الحوامل بالمنطقة، كما طالب بتعيين ممرضة بمستوصف أزقور الذي يفترض أن يقدم الخدمات للدواوير المجاورة”، ملفتا إلى أن “الإقامة موجودة ولا ينقص إلا الممرضة”، بحسب المتحدث.
وبدوره أشار عبد الحق موساوي عضو جمعية بدر بأزقور، بأن فعاليات المجتمع المدني تقدمت بعدة مطالب لمندوبية وزارة الصحة بإقليم تنغير، ذكر من جملتها “بناء سياج للمستوصف وربطه بالكهرباء، بالإضافة إلى ضرورة تعيين طبيب ومولدة، وكذا المداومة في المستوصف، ثم الزيادة من حصة الأدوية”.
و في تعليقه عن الموضوع، يقول مصطفى الطيب، مندوب وزارة الصحة بتنغير، “إن وزارة الصحة مبدئيا في إطار شراكة مع الجماعة القروية بألنيف، والمجلس الإقليمي، ثم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وذلك من أجل إنجاز مستشفيات القرب بمركز ألنيف، بالإضافة إلى إعادة بناء المستوصف من جديد بما فيه من قاعات الكشف والولادة وغيرها”.
ويضيف الطيب في تصريح هاتفي، إلى أن ميزانية المشروع “تقدر بـ حوالي 350 مليون سنتيم”، حيث سيمكن هذا المشروع “من تزويد المستوصف بالأجهزة والأطر الطبية الكافية، كما سينضاف إليه قسم مستعجلات القرب الذي من المزمع أن يقدم خدمات للمواطنين لمدة 24 على 24 ساعة”، وذلك باعتبار “أن منطقة ألنيف تشكل قطبا سياحيا واستراتيجيا تعرف وقوع الحوادث”، يقول مسؤول وزارة الصحة بتنغير.

vous pourriez aussi aimer