سلطانة

نبيلة منيب.. من عالم الذرات إلى دواليب السياسة

نبيلة منيب ما إن تتحدث حتى تثير الزوابع، وتبدأ العواصف هبوبها، بعض الناس يعتقدون أنها تمتلك الجرأة والصراحة لتقول ما لا يقدر الآخرون على قوله، البعض يظنون أن الأفكار تقفز مباشرة إلى لسانها، بالنسبة إليها كلام السياسة الهادئ من الكماليات.

أنيقة المظهر، وازنة الحضور، فولاذية الأعصاب، يحترمها الخصوم قبل الأنصار، إذا تعرضت إلى موقف حرج تعرف كيف تخرج منه لتضع الآخرين في الحرج، هي امرأة واضحة أكثر مما ينبغي، لذلك كثيرا ما تتعب خصومها وأصدقاءها على السواء.

يسارية تسري الثورة الناعمة في دمائها، تربت في أحضان زعيم اليساريين محمد بنسعيد آيت إيدر، تحترم الرجل، وتعتبره من القامات الوطنية التي بصمت تاريخ المغرب الحديث.

في يوما ما قال المفكر المصري الراحل لطفي الخولي من لا ينضم إلى اليسار في شبابه، إنسان بلا قلب، ومن يبقى بعد الأربعين يساريا هو إنسان بلا عقل، لكن نبيلة تقول إن اليسار قيم ومبادئ وأخلاق وأفكار، والأفكار لا يجب أن تموت.

نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، رأت النور في 14 فبراير 1960، امرأة يسهل على زملائها أن يحبوها لمزاياها الشخصية، وقدرتها واضحة في جمع الناس حولها، تعتمد في خطابها على الكثير من الشهامة والشجاعة.

الأستاذة الجامعية لمادة البيولوجيا، أم لثلاثة أطفال، استطاعت أن تجمع بين صرامة العقل والمنطق، ودهاء وخدع السياسة، اقتحمت العمل السياسي، وتمكنت من إعادة الوهج والشعاع إلى اليسار المغربي.

أول زعيمة لحزب سياسي بالمغرب، تملك طاقة عمل كبيرة، ترد على جميع المكالمات الهاتفية، وتحرص على حضور كل الاجتماعات الحزبية، وتقبل الدعوات لإلقاء المحاضرات، وفي كل لقاء تطلق فكرة أو موقفا، تجعلها تحتل باطمئنان الصفحات الأولى من الصحف، كان آخرها عندما حلت ضيفة على طلبة المعهد العالي للصحافة والاعلام، وقالت إن فيروس كورونا مؤامرة دولية، والغاية منه تقليص البشرية.

امرأة هادرة، إذا دخلت معركة ترجلت منها حتى نهاية الشوط، وإذا اختارت معركة لا تتراجع حتى لو تسرب إليها ضعف، لإيمانها أن الضعف فرض مشروع في الإنسان الذي يعي معنى أن تحمل قضية، لا تبحث عن معنى الأحداث بل تعطيها المعنى الذي تريد.

نبيلة منيب، أنيقة الشكل، وسيمة الطلعة، محبة للحياة، ممارسة للشغف الذي لا ينضب السياسة، حاملة فوق كتفيها ستة عقود، تعتقد أن اليسار رغم تراجعه قادر على تلبية طموح المغاربة.

vous pourriez aussi aimer