2020.. قيادات نسائية غيرت قواعد اللعبة في زمن كورونا
2020، سنة اجتاح فيها وباء كورونا العالم وأغلق حدوده وألزم الجميع بالدخول إلى منازلهم لتفادي عدوى الإصابة، فيما ظل آخرون في الواجهة، منهم الأطقم الطبية والأمن وقيادات متعددة رسمت خططا للتصدي للوباء، بينهم نساء زعيمات لدول وأخريات فاعلات داخل مجتمعهن.
هؤلاء النساء، بدلن جهودا وتضحيات لإنقاذ مواطنيهم من خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وحافظن في ذات الوقت على السير السليم للاقتصاد وسلامة المجتمع.
فاعلات سياسيات عبر مختلف الدول، قدمن النموذج الحقيقي لقدرة المرأة في التعاطي للأزمات، نساء اعتبرتهن مجلة فوربس الأمريكية أمثلة يحتذى بها في القيادة الحقيقية.
ورغم أن النساء يشكلن 7 في المائة فقط من قادة العالم، فقد تمكنّ في أزمة كورونا العالمية من خلق التغيير وقلب موازين القوى.
خطابات إنسانية
في ألمانيا، لُقبت المستشارة أنجيلا ميركل، بمديرة إدارة الأزمات في أوروبا، فقبل أزمة كورونا نجحت ميركل في إخراج ألمانيا من أزمتها الإقتصادية وإعادتها إلى مصاف أقوى اقتصادات أوروبا والعالم.
ميركل السيدة الهادئة الرصينة، اختارت خلال أزمة كورونا التواصل المباشر مع مواطنيها عبر مؤتمرات صحفية وخطابات تلفزية.
ورغم دخولها في حجر صحي بعد مخالطتها أحد المصابين، استمرت “الأم ميركل” كما يحب تلقيبها الألمان، في توجيه خطابات توعوية وإنسانية إلى شعبها، وبحنكتها السياسية ورغم ارتفاع عدد الإصابات حافظت ميركل على ألمانيا متماسكة قوية داخل دول الاتحاد الأوروبي الذي تأثر البعض منه بشكل غير مسبوق كإيطاليا.
كسب ثقة المواطنين
في نيوزلندا، رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن التي أثرت في شعوب العالم بإنسانيتها التي برزتها خلال قتل حوالي 50 مسلما في هجوم إرهابي بدولتها في 15 مارس 2019، استطاعت بدورها أن تقود دولتها في المسار الصحيح للخروج بأقل الأضرار من الأزمة الصحية العالمية.
تمكنت جاسيندا أرديرن أن تفوز بثقة النيوزلنديين مرة أخرى، وفازت في الانتخابات الرئاسية لثاني مرة، فقالت في تصريح صحافي “إن هذا الفوز تتويج لجهود حكومتها في القضاء على فيروس كورونا المستجد، وإعادة تنشيط الاقتصاد”.
قيود أقل صرامة
وفق دراسة أجرتها، صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، بشأن معدلات الإصابة بالأمراض ومعدلات الاختبار وتشديد إجراءات الإغلاق إبّان أزمة كورونا 2020، فإن البلدان التي تقودها النساء لم تفرض شروطًا أكثر صرامة، مثل إغلاق المدارس وقيود السفر، من تلك التي يرأسها الرجال، لكن يبدو أن البلدان التي ترأس حكوماتها نساء كانت نتائجها أفضل من نظرائها من الرجال فيما يتعلق بمعدلات الوفيات.
ووفقا للصحيفة نفسها، فمنذ نهاية شهر نونبر، بلغ معدل الوفيات التراكمي في نيوزيلندا 5.1 بالمائة لكل مليون، وهو أدنى معدل داخل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وفي الدول الإسكندنافية، منها أيسلندا والنرويج وفنلندا التي تقودها نساء أيضا، تم الإبقاء على معدل 100 لكل مليون، وفي الدنمارك وألمانيا، ظلوا أقل من 250، وهي أرقام أفضل بكثير مما هو عليه في البلدان التي يقودها الذكور، ففي هولندا وفرنسا والسويد، المعدل كان أعلى من 500 لكل مليون نسمة، أما في إيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية كان أعلى من 780 لكل مليون نسمة.
وفي إسبانيا، كان ما يقرب من 950 وفاة لكل مليون، مع استثناء بلجيكا التي كان لها رئيس وزراء حتى شتنبر من هذا العام، ومعدل وفياتها بسبب كورونا ظل يبلغ 1360 لكل مليون.
التواضع والتعاطف
أشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن البلدان التي تقودها النساء تختبر فيروس كورونا بشكل أكثر صرامة، فبالنظر إلى متوسط عدد الاختبارات التي أجريت لكل حالة مؤكدة، فقد كان 244 في يونيو، بينما كان في البلدان التي يقودها الذكور 155 فقط.
ورجحت الصحيفة أن أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الدول الإسكندنافية لديها عدد أكبر من القيادات النسائية التي نجحت في احتواء الأزمة الصحية، هو أنها أكثر تقدما، إضافة إلى أنها دول صغيرة وأكثر مساواة، مما يسهّل عليها إقناع السكان بقبول التضحيات المشتركة.
كما أرجعت الدراسة نجاح القيادات النسائية في احتواء أزمة كورونا إلى تمتعهن بالتواضع الكافي للاستماع إلى العلماء وتعلم الدروس من أماكن أخرى، والميل للتعاطف، لأنه لا يمكن التغلب على الأوبئة بالعلوم الطبية وحدها؛ كما أشار مؤخرا جوس أودونيل، الرئيس السابق للخدمة المدنية البريطانية.