سلطانة

كريمة الجعادي… رغم شللها ترسم الأمل بأصابع قدميها

كريمة الجعادي رسامة ابنة مدينة “القصر الكبير” في الثلاثينات من عمرها لم تمنعها قسوة الظروف وألم العيش من الحفاظ على الابتسامة ووجهيها البشوش، حيث استطاعت التكيف مع الظروف الصعبة التي فرضتها الإعاقة فقد ولدت مشلولة اليدين و شلل جزئي على مستوى القدمين.

received_230301624121750

إذ تعتبر الرسامة المغربية كريمة، حالة فريدة من نوعها لرسامها مبدعة الذي تطبقه بأصابع قدميها الشبه المشلولة، إلا أن الواقع لم يمنعها من إطلاق العلني لموهبتها الرسم بواسطة القدميين.

received_230301294121783

لوحات كريمة معروضة بوسط ساحة “القمرة” بمدينة أصيلة ، تسحر انظار المارة و المتسوقين يتعرفون على فنانة اتخذت من قدميها شبه مشلولتين ريشتا ترسم بها ألوانا البهية ، وهو ما يدفع السياح خصوصاً إلى الإقبال على تذكاراتها الملونة التي باتت تصل معهم إلى مختلف أنحاء العالم.

لكن أملها في الحياة لم يكن ليضعف مهمتها في البحث عمن يمكنه مساعدتها، خصوصاً وأنها تنتمي إلى أسرة فقيرة لم تستطع توفير مصاريف علاجها الباهظة .

عند زيارتنا لكريمة في بيتها البسيط بالمدينة الزرقاء “أصيلة” استقبلت فريق مجلة “سلطانة” الإلكترونية بصدر رحب، وفي حوارنا معها قالت كريمة ودموع تنهمر من عينيها :” امي كانت يداي وقدمين وعندما رحلت إلى دار البقاء رحل معها كل شئ” .

received_230301214121791

وأضافت : ” غير الرسم، يمكنني أن أنظف البيت، وأطهو، وأمشط شعري، وألبس ملابسي باستخدام قدميّ. وأحيانا ينضم أصدقائي إليّ ويساعدونني بكلّ هذا”.

received_230300797455166

أما عن قدرتها المميزة والفريدة تلك، فتقول: “عندما يفقد الإنسان عضواً من أعضائه، يعتاد على عضو آخر يعوض ما ضاع له. اعتدت على إدارة حياتي بقدميّ، كما يستخدم غيري يديه. بات الأمر عادياً، لكنّه يصبح شاقاً إذا كانت الحاجيات بعيدة عني “.

إصرار هذه الفتاة جعلها تتوجه إلى إحدى الجمعيات الإسبانية، التي تهتم بمساعدة الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة ، وبالفعل تمكنت من الحصول على العلاج في إسبانيا بعد أن رأى الأطباء أن ذلك ممكناً، إذ استطاعت بعد أكثر من 20 سنة تحريكهما على الأرض والمشي بطريقة متعثرة بعدما كنت قد فقدت الأمل في تحريكهما
وبنفس الإصرار والإرادة تلقت كريمة دروس محوا الأمية في الجمعية الإسبانية.

كلّ يوم تقريباً، تجرّ كريمة عربتها الحمراء التي طلبت من أحد الحدادين أن يصنعها لتتسع لأدواتها وأعمالها. تصل إلى ساحة المدينة القديمة وبكل صبر تفرش الأرض وتعرض رسوماتها على المارة في الربيع والصيف والخريف، إلا أنها تعاني في فصل الشتاء فقالت :” أعاني في الشتاء فلا سقف يحمني انا وبضاعتي ، وفي أي لحظة يمكن أن تضع فيه أعمالي ورسماتي” .

fb_img_1495659885664

كريمة تشبه مدينة أصيلة الهادئة التي اخترتها مسكنا لها، المدينة الزرقاء المطلة على البحر الابيض المتوسط الصامدة للأمواج البحر، كذلك تصارع الجعادي قسوة الإعاقة، مثلها مثل عشرات المغاربة الموهوبين واللذين ينتظرون فرصة ما قد تأخدهم إلى واقع أفضل ينشرون فيه مواهبهم خارج هوامش العزلة والحاجة .

vous pourriez aussi aimer