الإفريقي: أنحني إجلالا للصحفيات الناجحات رغم العراقيل المجتمعية
بمناسبة الثامن من مارس، الذي يحتفي خلاله العالم بيوم المرآة العالمي، اختارت مجلة “سلطانة” تسليط الضوء على مختلف القضايا الخاصة بالمرأة المغربية، ومن أهمها قضية المرأة الصحفية، التي تنتج منذ عقود في هذا الميدان، رغم المعيقات والعراقيل، وتحاول على مر السنون، أن تجعل من تواجدها في الميدان تواجدا نوعيا لا كميا.
وفي هذا الحوار، استضافت “سلطانة” واحدة من أشهر الإعلاميات المغربيات، فاطمة الإفريقي، التي تعرف عليها المشاهد المغربي عبر القناة المغربية في برنامج “عتاب” وأيضا “مساء الفن “، لنغوص معها في دردشة حول المرأة الإعلامية بالمغرب، وأيضا حول الإعلام المغربي وعلاقته بالمرأة
بداية، ما رأيك في الضغط الممارس على المرأة الصحفية في المغرب؟ وهل هذا الضغط هو ما يسبب أمامها عائقا نحو مزيد من التقدم والعطاء، أم أنها من منظورك تقاوم وتكتسب نقاطا رغم المعيقات؟
الصحافة مهنة صعبة تحتاج الكثير من الحرية في التعبير والتحرر من قيود السياسة والمجتمع والرقابة الذاتية ، وتحتاج أيضا تكوينا مستمرا واطلاعا وثقافة واسعة، وهذه الشروط إذا كانت متاحة اجتماعيا وثقافيا للرجل الصحفي، فالمرأة تفتقدها، وهذا ما يعيق الترقي المهني للعديد من الصحفيات الموهوبات اللواتي يجدن أنفسهن مكبلات بقيود اجتماعية ونظرة نمطية والتزامات عائلية مرهقة تحول دون تطوير أدائهن، في الوقت الذي يجد الرجل كل الدعم والأجواء الملائمة للقراءة والسفر والتفرغ والبحث والتحري والتنقل إلى مواقع الحدث.
لهذا أنحني دائما إجلالا وتقديرا للصحفيات المتميزات اللواتي نجحن رغم كل هذه الإكراهات في إثباث كفاءتهن.
هل ترين أن هناك تناغم بين الإعلام العمومي والمشروع المجتمعي المغربي، أم أن التناقض هو سيد الموقف؟
أظن أنه متناغم جدا، فما يقدمه الإعلام العمومي من مضامين متناقضة هو مجرد انعكاس لغياب مشروع مجتمعي واضح الهوية على مستوى الدستور والتشريعات والخطاب السياسي وعلى مستوى التوجهات العامة للسياسات العمومية وأيضا على مستوى القيم التي تتضمنها المناهج التعليمية.
هل يتماشى الإعلام العمومي مع ما تنص عليه دفاتر التحملات من ملاحظات خاصة بصورة المرأة وإيلاءها حقها بظهور مشرف؟
على المستوى النظري ، أظن هناك إرادة لدى المسؤولين من أجل تحسين حضور وصورة المرأة في الإعلام العمومي، لكن لا تكفي النيات الحسنة والشعارات الكبيرة لتحقيق ذلك، فعلى المستوى العملي التطبيق صعب والطريق طويل، لأن تحسين الصورة في نظري لا يرتبط فقط بتشريعات وبنود قانونية نفرضها على المؤسسات الإعلامية، بل هو مرهون بتغيير الذهنيات وتحريرها من ذكوريتها المترسخة في لاوعينا الجمعي.
هذه معركة تحتاج عملا ميدانيا طويل المدى على مستوى المجتمع وعلى مستوى المنظومة التربوية والثقافية، فمثلا في البرامج الحوارية التي تهم الشأن العام يجد معدو البرامج صعوبة في تقوية الحضور النسائي في النقاش العمومي، وهناك نساء كثيرات يرفضن الظهور في الإعلام والتعبير عن آرائهن إما بسبب اختيار شخصي أو إكراهات اجتماعية.
هل يختلف الاعلام العمومي عن الإعلام الخاص في شيء، أم أنهما متشابهان؟
ليس هناك فرق كبير، ربما الإعلام العمومي مقيد أكثر من حيث دفاتر تحملاته وأيضا التزامه بمبدأ الخدمة العمومية، لكن على مستوى صورة المرأة أجد أن الإعلام الخاص والعام وفي سباقهم الصباحي من أجل رفع نسب الاستماع، قد صارا يبالغان في تكريس الصورة النمطية عن المرأة والتقسيم التقليدي للأدوار.
هل تعتقدين أن بمقدور الإعلامي والإعلامية أن يغيروا من الداخل الصورة النمطية للمرأة أم أن الخط التحريري يكبلهم؟
القضية مرتبطة بالذهنيات وبالتمثلات المتوارثة المترسخة فينا نساءا ورجالا حول المرأة وأدوارها التقليدية والتي نعيد إنتاجها في خطابنا الإعلامي لا شعوريا، فما يمرره الإعلام عموما من صور نمطية سواء في البرامج أو الإشهار أو الدراما هو من توقيع إعلاميين وفنانين ومخرجين من الجنسين، متعلمين وخريجي مدارس عليا، ومع ذلك يواصلون تكريس الصورة السلبية تفسها.
أظن أننا نحتاج جميعا تكوينا في ثقافة حقوق الإنسان وقيم المساواة والعدالة والتعددية واحترام الآخر.