الطيب حمضي: المغرب ضمن النطاق الأخضر بالخريطة العالمية لمخاطر وباء كورونا بفضل الإجراءات الترابية القوية والاستباقية
قال الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، إن وجود المغرب اليوم ضمن النطاق الأخضر في الخريطة العالمية لمخاطر وباء كوفيد-19، “يعود بالأساس إلى الإجراءات الترابية القوية والاستباقية التي اتخذها خلال الأشهر الأخيرة”.
وأبرز الطيب حمضي، في مقال تحليلي توصلت سلطانة بنسخة منه، أنه بفضل هذه الإجراءات الترابية، فإن المغرب متحكم في الوضعية الوبائية وسجل مؤشرات خضراء، ضمن الخريطة العالمية التي نشرها موقع أكاديمي سويسري رائد في رصد تطور الجائحة، بالاستناد على بيانات جامعة جونز هوبكنز الأمريكية.
وفي تحليل للوضع الوبائي في المغرب والعالم، أوضح الطبيب أنه في مقابل احترام كثير من المواطنين للإرشادات الصحية الفردية والجماعية، لا يبالي البعض بهذه الإجراءات ويساهمون في انتشار الفيروس وتعقيد مهمة محاصرة الوباء، مؤكدا أن قرار تخفيف التدابير رهين بمدى احترامها والالتزام بها.
ولفت الطبيب إلى دراسة علمية حديثة أجراها خبراء في الصحة والاقتصاد، خلصت إلى كون استراتيجية الاستباقية والقوة في الإجراءات التقييدية وإطالة مدتها حتى كسر منحنى الوباء والمسماة استراتيجية صفر كوفيد (Stratégie Zéro COVID)، تفوقت بكثير على استراتيجية التعايش مع الفيروس وتخفيف الإجراءات ثم الإغلاق والمسماة استراتيجية التعايش أو (Stop and Go).
وأبرز المتحدث ذاته، أنه تمت مقارنة الاستراتيجيتين من خلال أثرهما على ثلاث مؤشرات أساسية: الوفيات، الاقتصاد والحريات، وخلصت إلى أن استراتيجية القوة والسرعة والتشديد أدت إلى وفيات 25 مرة أقل، وآثار اقتصادية أكثر إيجابية مع ناتج إجمالي محلي أقل ضررا، في حين كانت النتائج عكسية بالدول التي نهجت استراتيجية التعايش والتخفيف.
وتابع الطيب حمضي بالقول إن المغرب نهج استراتيجية هي أقرب لتكسير المنحنى، وبفضلها سجل وضعية وبائية جيدة ومستقرة، (مؤشر الإصابة في 24 ساعة أقل من 1 لكل 100 ألف نسمة، ومعدل التكاثر أقل من 0.7، ومعدل ملء أسرة الإنعاش المخصصة لكوفيد أقل من 7 في المائة، بينما الوفيات أقل بكثير من 10 يوميا، ومعدل الإيجابية بين 3 و4 في المائة من التحاليل المُجراة)، بالإضافة إلى تفوقه في تدبير حملة تلقيح مبكرة وناجحة، مكنته في الفترة الراهنة من تلقيح الفئات العمرية من 45 سنة فما فوق.
وأكد الكتور أن تخفيف التدابير الترابية بفضل كل هذه العوامل ممكن، لكن بشروط يتمثل أولها في التدرج الآمن ودون أي تسرع، مع الاحترام التام للإجراءات الاحترازية الفردية والجماعية المنصوح بها من طرف كافة المواطنين والمؤسسات والمقاولات، بالإضافة إلى تعاون المجتمع المدني مع السلطات المحلية والأمنية، وسهر الجميع بحزم على التحسيس وعلى احترام الإجراءات الاحترازية، محذرا من “كل تقاعس أو تراخ، من طرف المواطن أو المقاولة، في الالتزام بشروط الوقاية”، الذي من شأنه أن يضاعف خطر الانفلات الوبائي، ومن ثم الرجوع بقوة لتدابير تقييدية أكثر شدة وأطول مدة.
وذكر الطيب حمضي أن بعض الدول التي لقحت نسبة 60 في المائة من السكان، وتراخت ساكنتها وخففت بشكل متسرع، شهدت انفلاتا وبائيا أدى لإعادة الإغلاق، على غرار الشيلي وجزر السيشل، مبرزا أن الدول التي كانت لها حالة وبائية جيدة وتراخت مثل الهند، تعيش مأساة حقيقية، وتلك التي خففت بسرعة شهدت موجة ثالثة قوية أدت إلى التراجع عن ذلك بل إلى إغلاقات عامة جديدة، مثل بريطانيا، وفرنسا والبرتغال.
وأكد الطبيب المختص أن المغرب أمام تحدي التخفيف لاستعادة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياحية، دون المخاطرة بمجهوداته ومكتسباته، محذرا من ارتياد الفضاءات المغلقة التي تعتبر أكبر خطر لنقل العدوى، ومقترحا استغلال الفضاءات الخارجية للمقاهي والمطاعم، ومذكرا بضرورة غسل اليدين ثلاث أو أربع مرات في اليوم، وأهمية التباعد وارتداء الكمامة في الوقاية من الفيروس.
وختم الطيب حمضي بالقول: “الأمر يتعلق بإجراءات بسيطة ومجانية وبإمكانها الحفاظ على صحتنا وحياتنا وعلى حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياحية ومساعدة بلدنا على المضي قدما نحو التخفيف. ومن المؤكد أن التراخي وعدم احترامها سيؤدي إلى انتكاسة وبائية ترجعنا كثيرا إلى الوراء”.