الخلفي: انتظارات الشارع الكبيرة هي السبب في ارتفاع الاحتجاجات
قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة المغربية، إن استقرار بلاده مقارنة مع دول المنطقة تقوّى بمسار الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تم اعتماده خلال السنوات الأخيرة.
وأبرز الخلفي في حوار مع وكالة “الأناضول”، أن حكومة بلاده رفعت من ميزانية القطاعات الاجتماعية مثل الصحة، وتخصيص دعم للأرامل والرفع من الحد الأدنى للمعاشات والأجور، وإطلاق صندوق للتعويض عن فقدان العمل، وتقوية المخصصات المالية لمتابعة الدراسة ومنح طلبة الجامعة.
وأضاف أن بلاده استطاعت طيلة السنوات الخمس الماضية، أن تقدم نموذجا متميزا على مستوى صيانة وتعزيز الاستقرار، وفي نفس الوقت إطلاق سلسلة من الإصلاحات التي كانت نتائجها إيجابية على الصورة الخارجية للبلاد وقدرتها على جلب الاستثمارات الأجنبية.
ولفت إلى أن الحكومة المغربية نجحت في التحكم في التوازنات الاقتصادية والمالية الكبرى، وإخراج المالية العمومية من مخاطر الارتباك والعجز، والتحكم في المديونية فضلا عن ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية والتي حافظت على معدلها خلال السنوات الثلاث الأخيرة بمعدل زيادة يفوق 20% سنويا عن السنوات السابقة عليها.
وبخصوص الاحتجاجات بالشارع المغربي حاليا، قال الخلفي إن “انتظارات الشارع كبيرة، خصوصا انتظارات المواطنين في مجال مكافحة الفساد والانتظارات في مجال الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم”.
وأفاد أن بلاده واجهتها صعوبات مرتبطة بكيفية تحقيق التوازنات المالية والاقتصادية والأزمة التي يعرفها بعض الشركاء التجاريين للمغرب، حيث تأثرت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج(يشكلون ثاني مصدر للعملة الصعبة بالبلاد)، وحتى على المستوى السياحي والاستثماري، هناك تحديات مرتبطة بإشكالية الاستقرار حيث فرضت عليها مضاعفة المجهود الأمني، والتعاطي الاستباقي مع التحديات الإرهابية على مستوى المنطقة.
وأوضح أن مقاربة التعاون والمرجعية الدستورية ومنطق التعاون الذي عملت به الحكومة وقيادة العاهل المغربي محمد السادس كلها عناصر تفسر كيف استطاعت البلاد أن تقدم نموذجا لبلد مستقر يتقدم في إنجاز الإصلاحات وينعكس ذلك إيجابا على الحياة العامة للمواطنين.
وهذا نص الحوار:
– ما السر وراء بقاء حكومة بنكيران الإسلامية الوحيدة بعد “الربيع العربي” وموجات الارتداد الذي تلته؟.
استطاعت البلاد طيلة السنوات الخمس الماضية، أن تقدم نموذجا متميزا على مستوى صيانة وتعزيز الاستقرار، وفي نفس الوقت إطلاق سلسلة من الإصلاحات التي كانت نتائجها جد ايجابية على الصورة الخارجية للبلاد وعلى قدرتها جلب الاستثمارات الأجنبية.
هذه الحصيلة تتمثل في انبثاق حكومة منتخبة في وقت سابق(عين العاهل المغربي عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة نوفمبر/ تشرين ثان عام 2011، وتم الإعلان عن تشكيلة الحكومة خلال يناير/ كانون الثاني عام 2012)، والنجاح في تنظيم انتخابات لإرساء الجهوية(يضمالمغرب حاليا 12 جهة شبيهة بالنظام الفدرالي) خلال سنة 2015، نتج عن ذلك إطلاق سلسلة من برامج الإصلاح على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
– هل ساهم تحسن المؤشرات الاقتصادية في صمود الحكومة؟.
نجحت الحكومة في التحكم في التوازنات الاقتصادية والمالية الكبرى، وإخراج المالية العمومية من مخاطر الارتباك والعجز، وذلك بعد أن وصل العجز إلى نحو 7% خلال عام 2012، وتم التمكن من تقليص هذا العجز إلى 4.3 % خلال العام الماضي، ونتوقع التقليص من هذا العجز إلى 3.4% بنهاية 2016.
وساهمت هذه المؤشرات في ارتفاع احتياطات العملة الصعبة لما يسد احتياج البلاد أزيد من 6 أشهر، وذلك بعدما كانت المدة 3 أشهر، كما تمكنا من تقليص العجز التجاري وحصر التحكم في المديونية بعدما ارتفعت خلال السنوات الماضية، واستطاعت البلاد خلال 2015 التحكم في المديونية، وسيتم البدء في تقليص نسبة المديونية خلال العام الجاري، فضلا عن مؤشر ارتفاع الاستثمارات الأجنبية والتي حافظت على معدلها خلال السنوات الثلاث الأخيرة بمعدل زيادة يفوق 20% سنوياً.
كل هذه المؤشرات إيجابية ظهرت وتجلت في تحسن مؤشر ترتيبالمغرب في مناخ الأعمال، والتصنيف الاستثماري لآفاق الاقتصادالمغربي، وهذا ما انعكس على ترتيب وتصنيف البلاد في عدد من مؤسسات التصنيف العالمية، الذي حقق نتائج إيجابية.
– كيف تفسر الاحتجاجات بالشارع المغربي حاليا؟.
انتظارات الشارع كبيرة، خصوصا انتظارات المواطنين في مجال مكافحة الفساد والانتظارات في مجال تحسين وتطوير الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم كبيرة.
لقد واجهتنا تحديات وصعوبات مرتبطة بالتوازنات المالية والاقتصادية خصوصا في ظل الجفاف الذي ضرب البلاد، وهو كان تحد كبير خصوصا في السنة الثانية من عمر الحكومة.
بالإضافة إلى التحدي الثاني المتعلق بالأزمة التي يعرفها بعض الشركاء التجاريين للمغرب، حيث تأثرت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج (يشكلون ثاني مصدر للعملة الصعبة بالبلاد)، وحتى على المستوى السياحي والاستثماري، هناك تحديات مرتبطة بإشكالية الاستقرار حيث فرضت عليها مضاعفة المجهود الأمني، والتعاطي الاستباقي مع التحديات الإرهابية على مستوى المنطقة.
وعلى الرغم من جميع هذه التحديات، أعتقد أن مقاربة التعاون والمرجعية الدستورية ومنطق التعاون الذي عملت به الحكومة وقيادة العاهل المغربي محمد السادس كلها عناصر تفسر كيف استطاع لمغرب أن يقدم نموذجا لبلد مستقر يتقدم في إنجاز الإصلاحات وينعكس ذلك إيجابا على الحياة العامة للمواطنين.
– كيف حافظ المغرب على استقراره مقارنة مع دول أخرى؟.
الاستقرار التي اتسم به النموذج المغربي تقوّى بمسار الإصلاحات الاقتصادية التي تم اعتمادها، وأيضا بمسار الإصلاحات الاجتماعية، إذ رفعت الحكومة من ميزانية قطاع الصحة مثلاً بنسبة 40% خلال هذه السنة. وبخصوص الميزانية الاجتماعية، تم التوجه نحو تخصيص دعم للأرامل والرفع من الحد الأدنى للمعاشات، والأجور إلى 3000 درهم(302 دولار)، وإطلاق صندوق للتعويض عن فقدان الشغل، وتقوية المخصصات المالية لمتابعة الدراسة والمنح لطلبة الجامعة، كل هذه الإجراءات الاجتماعية واكبت هذه الإصلاحات الاقتصادية، وفي نفس الوقت تم إطلاق إصلاحات همّت إنقاذ صندوق المعاشات المدنية.
– ما هي الأسباب التي ساهمت في التغلب على صعوبات عرفتها جميع الدول العربية، وهو ما أدى إلى ارتفاع وتيرة الاحتجاجات بها أو نشوء ما سمي بـ”الربيع العربي” فيها؟.
نجاح الحصيلة التي أسلفت ذكرها تعود لمجموعة من الأسباب، تتعلق أولا بقيادة العاهل المغربي محمد السادس، ورؤيته الاستباقية التي تجسدت في الخطاب التاريخي له في 9 مارس/ آذار 2011، وحرصه على إقرار العديد من المقتضيات، منها اعتماد دستور جديد، وتشكيل حكومة جديدة.
وثانياً التعاون الذي بدأ يتشكل ما بين الحكومة وباقي المؤسسات الأخرى وهي ثقافة جديدة مكنت من تجاوز عدد من الصعوبات.
وثالثا المرجعية الدستورية التي تؤطر العمل الحكومي، وتؤطر عدد من الاصلاحات والقرارات حيث يشكل الدستور خارطة طريق باعتباره مرجعية موجهة مكنت من تنزيل عدد من الإصلاحات، وهو عنصر جد مهم.
ورابع الأسباب برأينا الحرص على اعتماد مقاربة تشاركية في القضايا الكبرى مثلا الحوار لإصلاح منظومة العدالة، والحوار لإصلاح قانون الصحافة والحوار مع المجتمع المدني والاستراتيحية الوطنية لمحاربة الفساد، وأنظمة التقاعد، حيث تم اعتماد مقاربة تشاركية في جميع هذه المجالات، وهذه المقاربة تضمن انخراط أوسع لشرائح المجتمع والفئات.
خامسا، ثقافة الوفاء بالالتزامات، وهذا ما يؤسس لعلاقة جديدة بين المواطن والسياسي.