رغم شظف وقساوة الظروف.. المرأة القروية متشبثة بحبال الصناعة التقليدية
تمثل الحرف التقليدية جزء مهم من الثقافة المغربية، وتقود أنامل المبدعات المغربيات في مجال الزرابي والطرز والتزيين، إلى التعريف بهذا الموروث الثقافي في العالم أجمع، وعرضه على أكبر شريحة من الناس.
ومع انتشار جائحة كورونا، وعزو المنتجات القادمة من دول أخرى، أصبحت العديد من المهن التي تقودها نساء قرويات تعاني من شلل كبير.
بشرى من ضواحي بني ملال، تعمل في بيتها في حرفة الخياطة والطرز، صرحت لــ “سلطانة” أن التحالف الذي قاده فيروس كورونا، وغزو المنتجات الجاهزة القادمة من الصين وتركيا، لم يترك لنا المجال للعمل، وأضافت أن الأمل الذي كان معقود على هذا الفصل الذي يزداد فيه الطلب أصبح شبه مفقود.
وشددت بشرى أنها لا تعد استثناء، بل العديد من النساء من الحرفيين من معارفها، أصبحت فكرة تغيير نشاطهم المهني لا تفارقهم.
وتعتبر الصناعة التقليدية قطاعا حيويا في الاقتصاد المغربي، حيث تقدر مؤشرات قطاع الصناعة التقليدية ذات الحمولة الثقافية، برقم معاملات يقارب 22 مليار درهم سنويا، ويشغل أزيد من 412.000 صانع وصانعة.
الأزمة الصحية لكورونا فاقمت من مشاكل قطاع الصناعة التقليدية بالمغرب، سعاد من سلوان ضواحي الناظور، صاحبة ورشة لصنع أزياء الأعراس، قالت في تصريح لسلطانة، إن قبل الجائحة كانت تشغل معها أزيد من 20 حرفي وحرفية، كون أن المدينة تستقطب عدد مهم من الجالية المغربية في الخارج، إلا أن هذه السنة كانت استثنائية، ما دفعها لتقليص عدد العمال، واستطردت بحسرة ” اليوم نحن ثلاثة فقط، لم نعد نحتمل تكاليف تشغيل الحرفيين الاخرين“.
وبهدف تسجيع القطاع، زارت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، نادية فتاح العلوي، مؤخرا، عددا من مؤسسات الصناعة التقليدية بإقليم ورزازات، ووزعت نحو ما يقارب طنين من خيوط الصوف سيروا ذات الجودة العالية، لفائدة التعاونيات الحرفية في منطقة “تازناخت”، لدعم إنتاج أنواع الزربية التي تزخر بها منطقة.
وتشغل منطقة “تازناخت الكبرى”، حوالي 22000 من النساء النساجات، وتحتل موقعا رياديا ومرجعيا لإنتاج الزربية بشمال إفريقيا، إذ تعد موطن إنتاج الزربية القروية المعروفة بآيت واوزكيت المنسوجة من صوف سيروا الذي تشتهر به المنطقة.
وتعد الصناعة التقليدية نتاجا حضاريا للآلاف من السنين من التفاعل الحي بين المجتمعات المحلية، بما تحمله من رؤى وقيم حضارية، وبيئتها الطبيعية، وبينها وبين المجتمعات الأخرى، وهي مكون أصيل للذاكرة الحضارية، خاصة في شقها التقني، ورصيد مخزون للخبرات الحياتية والإمكانيات الإنتاجية الذاتية المتاحة داخل كل مجتمع محلي.