سلطانة

طفل ضاع في عرض البحر.. تخلى عنه البشر وانقذه وعاء بلاستيك

كانت أول مرة يرى فيها البحر حين غادر قريته في إقليم أراكان المنكوب، فركب البحر وتوجه إلى بنغلاديش، هربًا من عنف الجيش والميليشيات الطائفية البوذية في ميانمار.

نابي حسين، طفل روهنغي يبلغ من العمر 13 عامًا، رغم أنه لم يكن يعرف السباحة، فقد تشبّث بوعاء زيت بلاستيكي فارغ ليبحر به قاطعًا مسافة تزيد عن 4 كليومترات إلى بنغلاديش، مستندا فقط إلى هذا الوعاء.

وقال حسين، وهو يروي مغامرته أثناء رحلته عبر نهر “ناف” يبلغ عمقه 40 مترًا على الأقل، يفصل بين ميانمار و بنغلاديش “كنت خائفًا من الموت(..) اعتقدت أن ذلك سيكون يومي الأخير”، بحسب أسوشييتد برس.

“لا أعرف أحدًا في هذا البلد الجديد (بنغلاديش)، حتى والدي في ميانمار لا يعرفان (للآن) ما إذا كنت على قيد الحياة أم لا”.

نشأ حسين في جبال ميانمار، وهو الرابع من تسعة أطفال لأب مزارع يعمل في بيع أوراق نبات التبغ، وما سبق له (حسين) أن التحق بالدراسة.

عائلة حسين هي الأخرى فرت من العنف في أراكان، وتوجهّت نحو سواحل البلاد، تاركين خلفهم العديد من الجثث.

إلا انهم عندما وصلوا الساحل مع فيض من اللاجئين الآخرين، ما كانوا يمتلكون المال لتغطية تكاليف القارب ومقابل المهرب، للعبور إلى بنغلاديش.

ويومًا بعد يوم تزداد معاناتهم، نتيجة شح الطعام، وفي اليوم الرابع أبلغ أبويه أنه يريد السباحة للوصول إلى الأراضي البنغالية التي كان يستطيع رؤيتها من مكان بعيد.

في البداية كان الأبوان غير راضين عن فكرة ذهابه، إذ أن أحد إخوانه كان قد غادر إلى بنغلاديش قبل شهرين، وليس لدى أهله أدنى فكرة عنه.

في النهاية، بعد إصرار الطفل، وافق أهله على رحيله شريطة ألا يذهب لوحده.

وفي ظهر اليوم التالي، انضم حسين إلى مجموعة مؤلفة من 23 لاجئ، وانطلقوا عبر النهر، طالبًا من أهله الدعاء له بعد أن تخلى عنه بنو الإنسان.

حزم حسين والآخرون صدورهم بأوعية زيوت بلاستيكية تسخدم للطهي، حتى تمكنهم من الطوفان، ودخلوا المياه إلى أن بدأ التيار يجرفهم نحو بنغلاديش.

أخذ حسين يفكر في ابتلاع شيء من الماء، تارة بسبب الأمواج، وتارة أخرى كي يروي ظمأه، كانت المياه مالحة، استمر بالسباحة دون أن ينظر خلفه.

وبعد غروب الشمس مباشرة وصلت المجموعة إلى ميناء “شاه بورير دويت” الواقع في الأراضي البنغالية.

وصل حسين منهكًا والجوع كاد أن يغمي عليه، أخذ ينظر للأسفل ويتمتم قائلًا “أريد والداي، وآمل السلام” مع وصولي إلى بلد آخر بعيدا عن القهر.

وتعتبر حكومة ميانمار المسلمين الروهنغيا “مهاجرين غير شرعيين” من بنغلادش، فيما تصنفهم الأمم المتحدة “الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم”.

ومنذ 25 غشت الماضي، يرتكب جيش ميانمار مع مليشيات بوذية، جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد المسلمين الروهنغيا، أسفرت عن مقتل الآلاف منهم، حسب مصادر وإفادات وتقارير محلية ودولية متطابقة.

وأعلنت منظمة الهجرة الدولية، في 31 أكتوبر الماضي، أن عدد لاجئي الروهنغيا في مخيمات بنغلاديش وصل إلى 820 ألف لاجئ.

الأناضول

vous pourriez aussi aimer