ريتاج… طفلة تخلت عنها والدتها بسبب تشوهاتها فوقع في حبها المغاربة
فتحت “ريتاج” ذات السنتين عينيها على الدنيا لأول مرة في أحد مستشفيات الولادة بالعاصمة الرباط، لتكتشف والدتها بعد ذلك أنها وُلِدت بتشوهات على مستوى الوجه واليدين والساقين ناتجة عن إصابتها ب”مواه الرأس” وهو عبارة عن تراكم للسوائل في الجيوب والتجاويف الداخلية للدماغ، فتتخلى عنها بعد يومين من إنجابها لها.
ووجدت الرضيعة نفسها وحيدة في أحد طوابق المستشفى دون أم أو أب يعتنون بها، ودون مرضعة لكون الجميع يخاف من وضعيتها الصحية، ودون ثياب غير تلك المقدمة لها من قبل الزوار الذين يتعاطفون مع حالتها من بعيد.
وشاءت الأقدار أن تكون “أمل” بصيص النور الذي ينقذ “ريتاج” من العالم المظلم الذي فتحت عينيها عليه، تقول “أمل”: “التقت بي سيدة في المستشفى وأخبرتني بأن هنالك رضيعة في الطابق الرابع تخلى عنها والداها، فلم أشعر بنفسي وصعدت فورا لرؤيتها… صدمت عندما شاهدتها، وكانت هذه أول مرة أُرضِعُ فيها رضيعا في هذه الحالة ولكني أحببتها رغم تخوفاتي في بادئ الأمر… كنت أقول لنفسي لا يجب تركها جائعة”.
أعلمت السيدة رفيقاتها بقصة “ريتاج”، فقررت إحداهن مساعدتها على الإعتناء بها، “كنا نتناوب على البقاء معها لعشرة أيام، إحدانا تزورها صباحا والأخرى مساءً، إلى أن انضمت لنا سيدة تدعى “الحاجة ف.” لتتكلف بإرضاعها والاعتناء بها فأصبحت من أهم أولوياتها وتمضي معها الكثير من الوقت”، تضيف “أمل”.
وعلى الرغم من فقدانها لوالديها، إلا أن هذه الرضيعة كسبت حب كل من تعرف عليها، فقد حاولت العديد من النساء توفير احتياجاتها “ريتاج” الضرورية، فيما تكلفت إحدى السيدات بجميع مصاريف عملية أجرتها على مستوى الرأس إلا أنها لم تتكلل بالنجاح، ما اضطر الأطباء لوضع صمام يسمح بتفريغ السوائل من رأسها والذي وصلت تكلفته ل 6000 درهم.
“الحمد لله، ربي يُسخر لها في كل شيء، فالمحسنون دائما ما يتكلفون بجميع احتياجاتها، حتى العملية التي أجرتها لمرتين وباءت بالفشل، شاء الله أن تنجح في المرة الثالثة”، تقول “أمل” وكلها ثقة بكرم المغاربة وطيبتهم التي تظهر من خلال الدعم الذي تلقاه “ريتاج” في مواجهتها لكل هذه المآسي، لتضيف بعد ذلك: “بعد إتمامها 6 أشهر، تكلف طبيب تجميل بإجراء عملية لها على مستوى الرأس مجانا وكانت نتائجها جيدة، والآن هي تنتظر إجراء عمليتين على مستوى اليدين والساقين”.
وحصلت “ريتاج” أخيرا على غرفة خاصة في المستشفى بعد أن رفضت والدتها استعادتها رغم زيارتها لها لثلاث مرات ومحاولة الجميع إقناعها بالتكفل بها مقابل منحها 5000 درهم شهريا لمساعدتها، وبعد أن رفضت العديد من الجمعيات التكفل بها نظرا لصعوبة وضعيتها الصحية.
واختتمت “أمل” كلامها بالقول: “هي يتيمة وحالتها صعبة وقد اجتازت الموت بصعوبة ولا تتحرك ولا تتكلم ولكنها تحس وتسمع وتُميِّز أصواتنا وتتجاوب معنا واعتادتنا كما اعتدناها، أنا أحس بها كابنتي، فهي تفرحني حينما تبتسم لي وتتجاوب معي، كما أنها تُظهر ما في قلبها بدون نفاق، إذا لم تستلطف أحدهم تشرع في البكاء خصوصا من لا يرحمونها ويسرقون ملابسها وما يجلبه لها المحسنون ولكن ربي كبير فهو يعوضها دائما، أطلب الله أن يشافيها ويعافيها”.