نور الهدى طاي طاي .. العمل التطوعي برؤية مغربية في النرويج
آثرت نور الهدى طاي طاي على نفسها منذ أن حلت بالنرويج سنة 1995 أن تتطوع للأعمال الإنسانية برؤية مغربية، متسلحة بثقافتها المغربية وتربيتها الأصيلة في أسرة محافظة.
ولم يكن مشوار هذه المرأة المغربية، القادمة من أقاصي مدينة وجدة، للالتحاق الأسري بزوجها هينا وهي التي كانت تبلغ من العمر 19 عاما، لكن الإصرار على المضي قدما في تحقيق أفكار ومشاريع اجتماعية منحها قوة إضافية.
كان شعارها ولا يزال هو “التطوع للخير”، حيث بدأته بتعليم اللغة العربية لسكان النرويج، بعدما تلقت الدعم على فكرتها المنبثقة من نشر لغة الضاد في مجتمع يرتفع عدد زواره الناطقين بهذه اللغة القادمة من مكان بعيد.
والهدف، تقول نور الهدى طاي طاي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، هو تعريف أحفاد “الفايكينغ” باللغة التي كان ينطق بها عرب قدامى جاءوا إلى المنطقة في عصور اندمجوا فيها مع سكان شمال أوروبا وعلموهم بعض أسرار الحياة من خلال السلوك والأخلاق النابعة من الإسلام.
وأعطت طاي طاي لمستها في تعليم النرويجيين لغة غريبة عنهم شكلا ونطقا، من خلال استعمال طرق بيداغوجية حديثة تقطع مع الأساليب التقليدية وتبدو مناسبة لبيئة تتسم بالحرية واستقلالية التفكير، ولجذب أكبر عدد من المستفيدين والمستفيدات.
وقالت نور الهدى طاي طاي، التي تعمل في مؤسسة لمرضى السكري، إنها كانت جد محظوظة لكونها وجدت العديد من الأشخاص يشاطروها هذه الفكرة التطوعية ويساعدونها على بلورتها على أرض الواقع.
ومن أجل ضمان استمرار انتشار الثقافة العربية والإسلامية في هذا البلد الاسكندنافي، أحدثت نور الهدى طاي طاي، مجموعة عمل تتكون من مرشدات تربويات يعملن على تنشيط فقرات تربوية وتعليمية خاصة بالأطفال، بغية جعلها محورا أساسيا ضمن الفضاء الثقافي في النرويج.
وتقول نور الهدى، “لقد خصصت وقتا كبيرا طوال 16 عاما للعمل التطوعي لإيماني بأن العطاء لا حدود له، ويمكن أن يتنوع حسب اهتمامات وأهداف الشخص، ومدى حبه للأعمال التي يقوم بها، من دون مقابل، من أجل الآخرين ولتحقيق مرامي ذات أبعاد اجتماعية وحضارية كبيرة”.
واعتبرت أن الهدف يكمن أيضا في تقديم صورة مغايرة عن المغاربة والعرب بأن مجالات اشتغالهم متنوعة ويمكن أن يضيفوا الشيء الكثير لبلد الاستقبال الذي ليس بلدهم الأصلي.
واعترافا بمسار سنين من العمل التطوعي النابع من الإحساس بهموم الآخر وتقديم المساعدة له، دعتها عمدة مدينة أوسلو ماريانا بورغلي، خلال السنة الماضية لتمثيل النساء العربيات المقيمات بالنرويج في حملة جمع التبرعات التي تنظم سنويا في القناة الرسمية النرويجية “إن أر كو” التي تسجل أعلى نسبة متابعة في البلاد.
ولأجل منح لمسة على العلاقات التي ربطتها طاي طاي، من خلال تعليم اللغة والتواصل المستمر مع النساء اللواتي اقتنعن بأسلوب الضيافة المغربية، أسست تقليدا، يعتبر الأول من نوعه في النرويج، سمي ب”جلسة شاي مغربي”.
وتعد المرة الثانية التي تنتخب فيها هذه المغربية المهاجرة، لمدة أربع سنوات أخرى، لشغل عضوية المجلس الذي يتكون من ممثلين أيضا عن القارة الآسيوية، والشرق الأوسط، وشرق أوروبا، وأمريكا اللاتينية.
ويعقد عليها المهاجرون الأفارقة آمالا كبيرة على نور الهدى لتكون صوتهم في هذه الهيئة النرويجية بغية تحسين أوضاع المهاجرين وتشجيع السياسات الخاصة بهم على المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والمساعدة على تعزيز وتسهيل الاندماج في هذا البلد الاسكندنافي.
ولكونها تتوفر على مؤهلات ثقافية جيدة وعلاقات مع المجتمع المدني النرويجي، اختيرت ضمن مؤسسي الاتحاد النسائي العربي بالنرويج، وهو مؤسسة مدنية تعنى بشؤون النساء في هذا البلد.
وخلصت نور الهدى طاي طاي إلى أنه على الرغم من تخليها عن طموحها في أن أصبح محامية، فإن عنوانها الأبرز كان هو “الإصرار مع العمل”، الذي هو “ثمرة تربيتي على الصبر والمثابرة، والعمل التطوعي منحني القدرة على العطاء بدون انقطاع”.
- جمال الدين بن العربي – وكالة المغرب العربي للأنباء
—