ياسمين الحسناوي.. مغربية حملت مشعل القضية الوطنية في قلب أمريكا
قبل حوالي 14 سنة، حزمت الشابة المغربية المنحدرة من المحمدية ، ياسمين الحسناوي عزمها ، وتأبطت حلمها، منطلقة نحو الديار الأمريكية في رحلة طويلة بحثا عن المعرفة والعلم، فانتهى بها المطاف أستاذة بالجامعات الأمريكية، وهو ما وفر لها فضاء متميزا، لتكريس حضورها المعرفي والثقافي والحقوقي ، من أجل المرافعة عن القضايا الوطنية.
في بلاد الفرص والأحلام والاختلاف والحريات، تمكنت الأستاذة الجامعية ياسمين الحسناوي، من تكريس حضورها القوي في عدة مجالات، وهو ما حولها في ظرف وجيز إلى نموذج للمرأة المغربية، التي تجمع بين الكفاءة العلمية العالية، والتعاطي الاستباقي، بديار المهج، مع مختلف القضايا الوطنية، خاصة قضية الصحراء المغربية .
وبالنظر لمكانتها العلمية والحقوقية والثقافية، فإن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية منحتها سنة 2010، جائزة، كاعتراف بالدور الكبير الذي قامت به في نشر الثقافة المغربية بالجامعات الأمريكية .
وفي تفاصيل هذا المسار الحافل بالعطاء ، أشارت ياسمين الحسناوي، إلى أن مهمتها في البداية كانت هي تدريس الثقافة المغربية وكذا الثقافة بالشرق الأوسط بجامعات عريقة، لكنها بدأت تهتم بقضية الصحراء المغربية، خاصة حينما تأكدت بأن طلبتها يقعون فريسة مغالطات حول الوضع بالصحراء، ينشرها لوبي تابع لجبهة ” البوليساريو” بهذه الجامعات .
وأضافت أن فوجئت بكون طلبتها – الذين كان يفترض أن يزوروا المناطق التي يطلعون على ثقافتها – لا يبادرون إلى زيارة المغرب ، وقالت في هذا الصدد “حينما سألتهم وجدت أنهم يتوفرون على معطيات مغلوطة تماما ، حول الوضع في الصحراء وحقوق الإنسان هناك وبحثت في الموضوع ووجدت أن لوبي تابع لجبهة البوليساريو هو من يقف وراء هذه المغالطات”.
وأمام هذا الوضع ، بادرت الحسناوي، إلى زيارة الأقاليم الصحراوية المغربية، وحصلت على معطيات مهمة ، ومؤلفات مدتها بها سريعا سفارة المغرب في واشنطن، مما جعلها تدرج ضمن المقررات الدراسية جانبا يتعلق بتدريس الثقافة الحسانية، مع إبراز البعد التنموي بهذه الأقاليم، وتفنيد مغالطات هذا اللوبي، علاوة على حث وتشجيع هؤلاء الطلبة على زيارة المغرب .
ولم تقف جهود هذه الجامعية في المرافعة عن القضايا الوطنية داخل الجامعات، بل تجاوزتها إلى خارجها، وذلك من خلال الاشتغال مع مؤسسات ومنظمات حقوقية ، منها منظمة أمنيستي أنترناسيونال، مع التركيز على قضية الصحراء، وكذا المرافعة لإبراز حقيقة الوضع هناك، ومعاناة المغاربة المحتجزين بتندوف.
ومن أجل توسيع دائرة الاشتغال في هذا الجانب تحديدا، ساهمت هذه الشابة المغربية بشكل فعال في تأسيس جمعية للصداقة المغربية الأمريكية سنة 2009 ، ورئاستها، وذلك من أجل تعزيز التواصل والتفاهم ين المغرب والولايات المتحدة.
ورغم عودتها للوطن سنة 2011 ، إلا أنها ما تزال تشتغل مع مؤسسات ومنظمات أمريكية، منها شبكة دولية بواشنطن تؤطر نشاط 141 جمعية ، تضم رجال أعمال وسفراء ونواب وشخصيات وازنة، حيث سعت الحسناوي من داخلها إلى إقامة تعاون مع جمعيات مغربية.
وكاعتراف بجهودها داخل هذه الشبكة، جرى في بداية شهر فبراير 2017 ، تعيين هذه الكفاءة المغربية، رئيسة للمجلس الإستشاري للجمعيات الدولية بهذه الشبكة، التي تنظم سنويا مؤتمرا يجري خلاله الالتقاء بأعضاء الكونغرس الأمريكي
وحسب بحث كانت قد أجرته الحسناوي حول الحوار الثقافي بين المملكة المغربية والولايات المتحدة ، فإن حوالي 30 جمعية مغربية تنشط بهذا البلد، منها حوالي عشرين تشتغل بشكل جيد مع الأمريكيين، وتمثل المغرب أحسن تمثيل.
ولكي توضح أكثر مقاصد كلامها ، أشارت إلى أن ” الذين يصوتون لأعضاء الكونغرس هم المواطنون الأمريكيون ، الذين يوجد من بينهم مغاربة يحملون جنسية هذا البلد ، ويمكنهم أن يشكلوا جسرا لإيصال حقيقة ما يجري في المغرب بالاعتماد على المعطيات التي يتم تزويدهم بها، وهذا يمكنه المساهمة في تصحيح المغالطات التي يروجها أعداء الوحدة الترابية، خاصة في الشق المتعلقة بالثروات وحقوق الإنسان في الصحراء، مع إبراز الجهد التنموي المغربي بهذه المنطقة”.
وبخصوص أنشطتها داخل الوطن، ومشاريعها الحالية، فإن ياسمين الحسناوي – التي سبق لها الاشتغال كخبيرة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ، كما اشتغلت سابقا مع وكالة تنمية الجنوب – هي بصدد إنهاء دكتوراه باللغة الانجليزية تتمحور حول دور الجزائر في قضية الصحراء، وذلك بالاعتماد على حوارات ل30 شخصية وازنة في الولايات المتحدة وإسبانيا وانجلترا وسويسرا، بغرض امتلاك فهم أعمق للنزاع في الصحراء.
واشتغلت أيضا على موضوع آخر يتعلق بتحويل النزاعات إلى فرص، وهو ما دفع مجلس أوروبا إلى استدعائها سنة 2014 ، كي تشرف، بمدينة بودابيست، على تكوين 30 شابا ينتمون لمناطق تشهد نزاعات.
وخلال هذا التكوين، تضيف الحسناوي، ” ركزت على النموذج التنموي المغربي، الذي يتمثل في قيام صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بتحويل النزاع في الصحراء إلى فرص للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، عوض انتظار حل هذا النزاع.”