اعتماد الصوفي.. مغربية تتألق دوليا في مجال الأمن النووي
بخطوات واثقة، اعتلت “اعتماد الصوفي” المنصة لإلقاء كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع “مجموعة التنفيذ والتقييم للمبادرة العالمية لمكافحة الإرهاب النووي”، الذي استضافته العاصمة الهندية نيودلهي في الفترة ما بين 08 و 10 فبراير المنصرم.
وبلغة إنجليزية سليمة، قدمت الخبيرة المغربية، خلال مداخلتها أمام حشد من العلماء والباحثين في مجال الطاقة النووية، لمحة تقنية عن خطة العمل برسم الفترة 2015-2017، الخاصة بمجموعة العمل التابعة للمبادرة العالمية لمكافحة الإرهاب النووي، التي ترأسها المغرب خلال الفترة ما بين سنتي 2011 و 2017 .
وشاركت “الصوفي” في أعمال ذلك الاجتماع العلمي من مستوى عال، بصفتها مستشارة الشؤون النووية بالكتابة العامة لوزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، فضلا عن كونها خبيرة معترف بها على الصعيد الدولي في هذا المجال، الذي لا يعرف حضورا كبيرا للعنصر النسوي.
وتروي “الصوفي”، المنحدرة من مدينة الدار البيضاء كيف قضت معظم فترات مسارها المهني في قطاع الطاقة النووية، حيث تخصصت منذ وقت مبكر جدا في مجال تدبير الأمن والسلامة في هذا القطاع المتسم بالخطورة والحساسية.
وبعد إتمام دراستها الابتدائية والثانوية بين مدينتي الدار البيضاء والرباط، حصلت على شهادة الباكالوريا في شعبة العلوم الرياضية، توجهت بعدها نحو مدينة “تور” بفرنسا من أجل استكمال دراستها الجامعية في مجال الرياضيات والفيزياء والكيمياء، والتي توجتها بالحصول على شهادة “المتريز”.
وتذكرت “الصوفي” كيف تشكل لديها، خلال تلك الفترة، شغف كبير لاكتشاف مجال الفيزياء النووية بفضل أحد أساتذتها الموهوبين، مشيرة إلى أن هذا الشغف قادها إلى القيام بتدريب لمدة شهرين داخل “مفوضية الطاقة الذرية”، في قلب معقل الطاقة النووية الفرنسية، ما ساهم في تعزيز الاهتمام لديها بهذا المجال التكنولوجي الذي ظل حكرا على الرجال.
بعد ذلك، التحقت بقسم الهندسة بالمعهد الوطني للبوليتكنيك بمدينة غرونوبل، وأنهت في السنة الموالية دراستها في المعهد الوطني للعلوم والتقنيات النووية في ساكلاي، والتي توجتها بالحصول على دبلوم مهندسة في مجال “الهندسة النووية” .
وبعد الانتهاء من التحصيل العلمي، عادت “الصوفي” إلى المغرب حيث بدأت مسارها المهني لمدة عام واحد بالمكتب الوطني للكهرباء، انضمت بعده إلى المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، والذي كان يهدف في ذلك الوقت إلى إنشاء مركز للأبحاث النووية، مع الاستعانة بمفاعل بحثي.
وهنا بدأت مسيرة طويلة مليئة بالتحديات والإنجازات، إذ اضطلعت بعدة مسؤوليات لدى المدير العام للمركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، ساهمت من خلالها في تطوير هذه المؤسسة النووية الوطنية، عبر إرساء سياسة وبرامج للأمن والسلامة، مكنت خلال 15 عاما فقط من العمل الجماعي المكثف من تصميم وبناء هذا المركز الوطني وفقا للمعايير الدولية، ليتم تعيينها في منصب مديرة قطب الأمن والسلامة بالمؤسسة.
وشكل هذا التعيين بداية لمرحلة ثانية في مسارها المهني امتدت لنحو عشر سنوات وطبعتها آمال وتحديات جديدة، حيث ساعدت في إطار وظيفتها داخل المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، في دعم وتطوير البنية التحتية الوطنية في مجال الأمن والسلامة النووية والاستعداد لحالات الطوارئ الإشعاعية.
كما شاركت الصوفي في تطوير المقاييس القانونية الوطنية في المجال النووي، عبر إنجاز أول منشأة أساسية تتمثل في المفاعل النووي للأبحاث التابع للمركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية.
وقدمت الخبيرة المغربية، من موقعها، مساهمات قيمة داخل لجنة تتبع الشؤون النووية لدى الوزارة الأولى وداخل الوزارة الوصية، في ما يخص تطوير قانون الأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي، وكذا إنشاء وكالة جديدة تأخذ على عاتقها مهمة المراقبة. كما عملت لدى عدد من الهيئات الوطنية المختصة، حول سبل إعداد وتنفيذ العديد من الأنشطة على الصعيد الوطني والدولي، بهدف تعزيز القدرات والكفاءات المغربية في مجال الاستجابة لحالات الطوارئ التي لها علاقة بالمواد المشعة، ما ساهم في تسريع دينامية المملكة وتعزيز ديناميتها على المستوى العالمي.
وتحدثت “الصوفي” كذلك عن مرحلة أخرى من مسارها المهني، انطلاقا من دورها كخبيرة دولية في مجال الأمن والسلامة النووين، مشيرة إلى أنها تتلقى بانتظام ومنذ أزيد من عشر سنوات دعوات من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا، من أجل إبراز خبرتها في المجال في المؤتمرات الدولية.
وفي هذا الإطار، قامت، بمعية عدد من الخبراء الدوليين في مجال الأمن والسلامة النووين في إطار بعثات علمية، بزيارات إلى كل من غانا والإمارات العربية المتحدة والأردن وسورية والغابون والتايلاند، كما تلقت دعوة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية للانضمام إلى عدد من مجموعات العمل الدولية، بينها تلك التي تشكلت بعد الحادث النووي لـ “فوكوشيما”، من أجل اقتراح خطة عمل لتعزيز السلامة النووية.