سلطانة

محاربة الفساد بالمغرب.. شعارات حكومية رنانة وأرقام دولية صادمة

في الوقت الذي ترفع الحكومة الحالية شعار محاربة الفساد والاستبداد بالمغرب، تكشف تقارير دولية عن إحصائيات مثيرة تشير إلى أن الرشوة لا تزال تشكل معضلة حقيقية أمام المواطنين في قضاء أغراضهم الإدارية وفي الولوج إلى العديد من القطاعات والمؤسسات.

آخر تقرير لترانسبرانسي الدولية، الذي صدر مساء الثلاثاء، وضع المغرب في المركز الرابع عربيا في مؤشر الرشوة لسنة 2015، حيث كشف بأن 48 في المائة من المواطنين المغاربة دفعوا الرشوة للحصول على خدمات القطاع العمومي خلال السنة الماضية، خاصة في قطاعي القضاء والصحة.

وأشار التقرير ذاته، إلى أن فقراء المغرب يشكلون الفئة العريضة التي تدفع الرشوة من أجل الحصول على خدمات القطاع العمومي بنسبة بلغت 66 في المائة، في حين أن نسبة دافعي الرشوة من الأغنياء لا تتجاوز 31 في المائة.

الرشوة

وفي تعليقه عن تقرير ترانسبارنسي، اعتبر فوزي بوخريص أستاذ علم الاجتماع، أن الأرقام التي كشفت عنها المنظمة الدولية “كارثية”، ولها انعكاسات سلبية على مستوى تنمية البلد وتقدمه، مضيفا أن “الشعارات التي ترفعها الدولة والمتعلقة بجلب الاستثمارات لا تخدم الوطن، بل تكون التكلفة باهظة ولا تخدم مستقبلنا ومستقبل أبناءنا”.

وتابع “للأسف أن من يدافعون عن الاستقامة والنزاهة بالمغرب، هم أول من تتم إدانتهم، وفي مقابل ذلك يتم التطبيع مع المتورطين في الفساد ولا تتم متابعتهم”، ضاربا المثل بكاشف فساد زفت آسفي، مشيرا إلى أنه “لا يمكن في ظل هذه الشروط التي تغيب فيها قيم التربية على النزاهة والتضييق على كل الفاعلين، أن نحارب الرشوة في البلاد”.

وشدد أستاذ علم الاجتماع على ضرورة “التربية على قيم المواطنة والنزاهة على المدى الطويل، ومراجعة القوانين والمؤسسات المعنية بشكل مباشر بمواجهة الفساد والانتهاكات، وأن تكون صلاحيات تدخلاتها واسعة جدا، ليس فقط من الجانب الاستشاري والمواكبة فقط بل في جانب فتح التحقيقات لمتابعة المتورطين”.

وخلص بوخريص بالقول: “إن هناك عدة مداخل لمحاربة الرشوة منها ما يتعلق بالتربية والتنشئة الاجتماعية وثقافة المسؤولية ومحاربة الفساد، كما ينبغي أن تكون القوانين متقدمة على مستوى تجريم كل ما يتعلق بالإثراء غير المشروع واستعمال السلطة لأغراض شخصية”، مشيرا إلى أن المغرب لا يشكل استثناء، بل له القدرة على محاربة الظاهرة شريطة أن تكون هناك إرادة سياسية قوية”.

العيسات

ويرى مصطفى العيسات “بأن الرشوة ظاهرة معقدة وبنيوبة لأنها ترتبط بقضاء مصالح المواطنين على مستوى الخدمات والوثائق الإدارية”، مضيفا أن هذه المعضلة لا يمكن إيجاد حل لها بين ليلة وضحاها بل تتطلب مجهودا كبيرا على مستوى الدولة.

وقال “إن الرشوة تضر بالاقتصاد الوطني وتحرم مجموعة من المؤسسات والشركات من التنافس الشريف، وتضر أيضا بمصداقية الدولة أمام المستثمر الأجنبي، لأن الرغبة في استقطاب الاستثمارات الواعدة للمغرب، يتطلب توفير نوع من الحصانة”.

حميد بولحسن

وبدوره نظر حميد بولحسن الفاعل الاجتماعي، إلى معضلة الرشوة، من الوجهة الدينية مؤكدا أنها محرمة شرعيا، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم “لعنة الله على الراشي والمرتشي”.

واعتبر أن الحد من الظاهرة رهين بالتحسيس والتوعية عبر الصحف والإذاعات ومن طرف فعاليات المجتمع المدني من أجل تقليص نسبتها وللحيلولة دون تفاقمها في المجتمع.

وأكد أن للتعليم دورا أساسيا في محاربة هذا السلوك، الذي أصبح منتشرا في المعاملات الإدارية في الصفقات العمومية، مستطردا “فبعدما غابت مادة الأخلاق في مناهج التعليم الابتدائي باعتبارها الأداة المهمة في تكوين الأطفال من الناحية الأخلاقية، كي تكون لديهم مناعة ضد الرشوة تفاقمت عدة ظواهر سلبية في المجتمع”.

وشدد على أن “تتحسن الظروف الاجتماعية لرجال القضاء وموظفي القطاع العمومي بالمغرب، كما هو الشأن بالنسبة لدولة إنجلترا التي وفرت جميع الوسائل الضرورية للقضاة، حتى لا يلجأون إلى الفساد”، يورد بولحسن.

حفصة

ومن جهتها ترى حفصة، أن الرشوة ظاهرة متفشية في المجتمع المغربي، مشيرة إلى أن المواطنين يلجأون في كثير من الأحيان إلى تقديم الرشوة لقضاء أغراض إدارية، “يقدمونها حتى في الأمور التي من الواجب على الإدارة القيام بها”.

وشددت على “ضرورة محاربة الظاهرة من جذورها، وأن يعاقب كل من يثبت تورطه في التعاطي بها، مضيفة أنه “من الضرورة أن تقضى أغراض المواطنين في إطارها القانوني”.

vous pourriez aussi aimer