“حورية”.. قصة وزيرة تتحول إلى لاجئة بألمانيا
كانت أول مرة أشعر فيها أنه ليس لدي وطن وأن بلادي مغلقة أمامي، كنتُ سأتعرض لمشاكل كثيرة لو رجعتُ إلى اليمن. لم يكن أمامي بديل آخر”، تقول وزيرة حقوق الإنسان اليمنية السابقة حورية مشهور وهي جالسة في سكنها في بلدة صغيرة هادئة تقع بين مدينة هامبورغ وَمدينة كِيل شمال ألمانيا في يوم ربيعي من عام 2016.
وتضيف في تصريح لـ “دوتش فيليه”، أنها كانت قد اتخذت قرار لجوئها إلى ألمانيا في منتصف عام 2015 من وكان ذلك من أصعب قراراتها الشخصية، وذرفت دموعا كثيرة قبل أن تُقبِل على هذه الخطوة.
وفي البلدة الألمانية الجميلة التي تسكن، فيها تعمل مشهور على مساعدة اللاجئين المبتدئين في تعلم اللغة، حيث إن مستواها اللغوي بالألمانية أعلى، كما تساندهم في الترجمة لدى السلطات وبشكل خاصة اللاجئات أو ترافقهن إلى المستشفيات مثلاً.
وليست علاقة حورية مشهور بألمانيا حديثة العهد، فقد درست في السبعينيات في ألمانيا لمدة سنتين، ثم عادت إلى مدينتها عدن حيث أكملت دراستها في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً.
نشاط في إدماج اللاجئين.
تشارك حورية مشهور في لقاءات التبادل الثقافي الدورية بين اللاجئين والمواطنين الألمان، “فهذه اللقاءات الثقافية تهيّئ اللاجئ للاندماج في المجتمع الألماني”. وفي أحد اللقاءات مؤخراً اجتمع لاجئون مع ألمان فطبخوا وغنوا أغاني من مناطقهم.
وتجاوب الألمان تجاوباً جميلاً جداً مع الموسيقى العربية أيضا، مثلا مع أغاني فيروز وأم كلثوم، وأعجبهم مذاق الأكل العربي واليمني والسوري، كما تفاعلوا مع رقصة الدبكة السورية. اللاجئون اليمنيون قليلون في ألمانيا وأغلبهم من سوريا، كما تلاحظ حورية مشهور.
في ألمانيا تُلقِي الوزيرة السابقة أيضاً محاضرات ثقافية وحقوقية وسياسية في الجامعات وفي التجمعات النسائية، ويساعدها في ذلك أيضاً إتقانها للغة الإنكليزية. مواضيع محاضراتها تَتَمَحْوَر حول اليمن وبشكل خاص حول النساء والشباب، الذين ترى أنهم كانوا الأساس في قيام ثورة التغيير السلمية في اليمن عام 2011 في إطار انتفاضات الربيع العربي.
ما زالت حورية مشهور تعقد الآمال على الشباب والنساء في الدفع بحركة التغيير إلى الأمام، وقبل ذلك في المضي قدما إلى السلام وإيقاف الحرب في اليمن، حيث أصبح الوضع الإنساني صعباً للغاية، إذ “لا يستطيع الشعب اليمني تحمل هذه الحرب. ينبغي أن تسعى جميع الأطراف إلى اتفاق سلام ونبدأ بعد ذلك بإعادة إعمار البلد”.
اهتمام أوروبي بأسباب اللجوء إلى أوروبا
يتساءل المواطنون الألمان والأوروبيون عن أسباب مجيء اللاجئين إلى أوروبا وأسباب “الانتكاسات والانهيارات- التي حصلت بسبب الديكتاتوريات والثورات المضادة- بعد خروج الشعوب العربية إلى الشوارع للتغيير ورفض الديكتاتورية”.
كان لكل ذلك علاقة مباشرة بلجوئها إلى ألمانيا. وتوضح ذلك قائلةً: “لستُ أنا فقط مَن اضطر إلى الخروج كلاجئة من اليمن، بل أيضاً الرئاسة اليمنية والحكومة بكاملها، وكذلك الإعلاميون، وذلك نتيجة وحشية الانقلاب الذي قام به الرئيس السابق صالح بالتعاون مع المتمردين الحوثيين”.
وتتحدث الوزيرة السابقة مشهور قائلة: “لقد تم استهدافي استهدافاً مباشراً خلال الثلاث السنوات التي كنتُ فيها وزيرة لحقوق الإنسان بعد عام 2011”.
“وتم استهدافي بشكل خاص حين حصل الانقلاب في 21 شتنبر عام 2014”. لقد اقتحمت “ميليشيات مسلحة” مقر الوزارة، و”لحسن الحظ لم أكن في مقر الوزارة، فقد كانوا يريدون إذلالي، ثم أطلقوا شائعات بأنهم قبضوا عليّ وفَبْرَكوا صُوَري على الإنترنت”.
اضطرت للخروج من اليمن بعد أحداث مريرة شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء، حيث حُوصِر الوزراء ورئيس الجمهورية الذي قُتِلَ حرسه، وإلى اليوم ما زال هناك وزراء معتقلون: “هناك 10 آلاف معتقل من إعلاميين وقيادات سياسية ونشطاء في حقوق الإنسان…ووجب علي أن أبحث لحماية نفسي”.
وتنتقد الناشطة الحقوقية حورية مشهور “منظمات يمنية تسمي نفسها بالحقوقية وتدعي قيامها بمهمة الدفاع عن الانقلاب والانقلابيين الذين يرتكبون جرائم كبيرة جداً داخل اليمن مثل احتجاز الناس وتفجير بيوتهم ومحاصرة السكان والمدن والقصف بالصواريخ”.
وتضيف: “إنها منظمات غير مستقلة بل أبواق لنظام (صالح) السابق وتذهب حتى إلى جنيف لنشر الدعاية والبروباغندا لنظامه في قلب أوروبا”.
وتلخّص حورية مشهور وجهة نظرها من مشكلة اليمن بالقول: “لقد تحاور كل اليمنيين سلمياً لمدة 10 أشهر، وأوشكوا على إقرار دستور جديد نتيجة الحوار الذي رعته دول العالم ومن ضمنها ألمانيا، كي لا ينزلق الوضع إلى العنف والفوضى والدماء”.
وتستدرك قائلة: “لكن للأسف الشديد انقض الانقلابيون على نتائج هذا الحوار فتحول الجيش اليمني الموالي لصالح إلى ميلشيات قصفت مقر إقامة الرئيس التوافقي هادي بالطائرات في عدن وهو ما جعله يضطر للفرار إلى السعودية، التي كوّنت تحالفاً لحماية الشرعية، لكن المملكة تريد أن تحمي أمنها القومي أيضاً بعد أن شعرت أن الحوثيين يتعاملون مع إيران وبعد استفزاز الحوثيين لها بمناورات على الحدود”.