الرويسي.. أيقونة الحداثة المغربية
رغم المعاناة وقساوة الظروف التي واجهتها منذ صغراها، إلا أن تلك الصعاب جعلت من خديجة الرويسي امرأة قوية ذات شخصية فريدة في المشهد الحقوقي بالمغرب، حيث تعتبر من أشرس النساء دفاعا عن قيم الحداثة والديمقراطية وحرية التعبير.
خديجة الرويسي التي عينها الملك محمد السادس سفيرة للمملكة بالدنمارك مؤخرا، رأت النور بالدار البيضاء عام 1963، وتعود أصولها إلى الأقاليم الجنوبية من أب صحراوي من الساقية الحمراء وأم فاسية، حيث تربت في أحضان أسرة محافظة ميسورة الحال.
والدها كان ينتمي إلى حزب الشورى والاستقلال، وكان متأثرا بأفكار محمد بلحسن لوزاني، ما جعله محط أنظار سلطات الاستعمار التي اعتقلته 3 مرات (1930 و1952 و1953)، خاصة وأنه من بين أكبر المناضلين داخل حزبه.
ومرت في مسارها الحقوقي من منظمة العفو الدولية والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ثم منتدى الإنصاف والمصالحة الذي شغلت فيه منصب الكاتب العام سنة2001 .
كما تشغل رئيسة جمعية بيت الحكمة وعضو مؤسسة لليقظة المواطنة، التي تأسست سنة 2011 بالرباط على يد من الناشطين في المجتمع المدني، ومنسقة شبكة برلمانيين ضد عقوبة الإعدام، وفوق كل ذلك فالرويسي، متزوجة وأم لثلاثة أبناء.
المناضلة الحقوقية الشجاعة، كما توصف تعرضت للاضطهاد في طفولتها، خيث تم اختطافها سنة 1985، وعمرها أنداك لم يتجاوز 9 سنوات، في درب مولاي الشريف، ما جعلها بعد ذلك تعيش سنتين متتاليتين في السرية خوفا من أن تطالها أيادي مختطفيها من جديد.
وقبل ذلك، تم اختطاف أخويها عبد الحق، الذي كان ينتمي إلى الاتحاد المغربي للشغل سنة 1964، ثم جمال الدين سنة 1973، إلى جانب اعتقال ابن خالتها خالد سحنون وزوج أختها.
فانتماؤها إلى أسرة مناضلة جعلها تقاسي أصنافا من العنف والقمع، لكن كل ذلك ربى فيها نوعا من الحس النضالي، وجعلت منها تلك المعاناة التي قاستها امرأة صلبة قوية استطاعت أن تواجه الحياة بنوع من التحدي والصمود.
وأصبحت مناضلة في صفوف الحركة التلاميذية منذ سن 14 من عمرها، كما أنها كانت تشتغل في العطلة الصيفية بالدار البيضاء بأحد المعامل وبذلك تمكنت من سبر أغوار ما تقاسيه العاملات والعمال من أجل الحصول على لقمة عيش كريمة.
ودخلت غمار السياسة متبنية الفكر التحرري الحداثي، حيث تقول في إحدى مقبلاتها الصحافية، “أنا أومن بأن الناس ولدوا أحرارا ويجب أن يبقوا كذلك.. لا ينبغي أن ننظر إلى الناس كقطيع يجب أن يساق في اتجاه معين”.
وعرفت خديجة الرويسي بمواقفها الصلبة والجريئة، حيث سبق أن وجهت سيلا من الانتقادات لوزير العدل مصطفى الرميد، حول وضعية السجون سنة 2013، ودافعت عن ترسيم الأمازيغية، كما انتقدت بشدة تعنيف الأساتذة المتدربين في الشارع العام.
ورغم أنها لم تتسجل في الانتخابات إلا في سنة 2007 بعدما اقتنعت بضرورة الدفاع عن السيادة الوطنية، فدخلت غمار التجربة السياسية مع حزب الأصالة والمعاصرة، لتصبح من أبرز قياديات هذا الحزب.
وفي سياق التصريحات الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته لمخيمات تندوف، علقت سفيرة المغرب بالدنمارك قائلة، إنه “في الوقت الذي يجب أن تقوم الأمم المتحدة باستتباب الأمن والسلم في العالم، أصبحت اليوم تقوم بأدوار أخرى نعرف البعض منها ونجهل البعض الآخر “.
واعتبرت أن الحضور الشعبي المشارك في مسيرة يوم الأحد الماضي للتنديد بانزلاقات بان كي مون حول الصحراء المغربية، رد كبير على أن المغاربة في صحرائهم، مضيفة “لن نقبل أن يمس شبر من بلدنا”.