زهرة.. فتاة اغتصب شاب طفولتها فأصبحت تكره كل الرجال
بخيط من المعاناة و آخر من قسوة الذكريات تحيك الأمهات العازبات ثوب قصصهن المرصع بكثير من الألم و شيء من الأمل. قصصهن تختلف باختلاف تفاصيلهن ولكناتهن …قاسمهن المشترك أنهن أمهات عازبات في وطن واحد هو المغرب وحقهن في ممارسة هذه الأمومة مصادر طالما هن أمهات خارج مؤسسة الزواج.
” زهرة ” واحدة من تلك الأمهات التي أينعت تيجانها في بستان هذا المجتمع الذي لا يرحم على حد قولها. بعد محاولة مستمرة أقنعنا زهرة بأن تسرد لنا قصتها و تصف لنا وضعية الأم العازبة في المغرب، في أفق الإصلاحات الدستورية ومدونة الأسرة و المطالب الحقوقية في هذا المجال التي عرفتها المملكة المغربية إلى أفق 2016.
بعيون شاردة ومترددة تسرد لنا زهرة قصتها، التي بدأت فصولها عندما سقطت في حب جارها، الذي عاشت معه قصة عشق جارفة، وهي لم تتخلص بعد من ملامح الطفولة، ولا ريعان براءتها مما نتج عنه افتضاض للبكارة و حمل طفل يبلغ من العمر الآن سنة.
تحكي لنا زهرة، وهي تحاول جاهدة أن تخفي مرارة الألم والحسرة بابتسامة تعيسة وعيونها في الأرض كمن ارتكب جرما قاتلة: “لم أكن أدرك وأنا دون الخامسة عشرة من العمر المآل الذي ينتظرني بعدما تنازلت مرغمة عن أحلامي الطفولية بأن أغدو معلمة أو طبيبة حين اكبر وكل هذا نتيجة طيش المراهقة بين عشية وضحاها سقطت بين يدي وحش ادمي اغتصب طفولتي بعد أن وعدني بالزواج.
وتواصل “سافرت معه إلى عدة مناطق على أمل أن يأتي اليوم الذي البس فيه الثوب الأبيض واركب فيه (العمارية) مع زوجي أو بالأحرى مغتصب طفولتي الذي ظل يعبث بجسدي الصغير طيلة خمس سنوات”.
وتقول زهرة باستحياء وهي تحاول جاهدة أن تتذكر بعض التفاصيل، بعد أن تنهدت تنهيدة طويلة استمرت في القول.. ” لا أخفيكم أني أحسست أنني أتعس إنسانة فوق هذه البسيطة، محطمة نفسيا، ومشتتة ذهنيا، جسد بلا روح، عصبية وعدوانية، منطوية على نفسي و أثور لأتفه الأسباب.
و”أصبحت أكره كل الرجال بعد أن اغتصب واحد منهم طفولتي التي لم أذق طعمها يوما، وكنت قد صدقت أكاذيبه، حاولت أن استجمع قواي وأتعايش مع واقعي وان ألمم جراحي، إلا أن وقع الصدمة اكبر من أن أتعايش معها تقول “زهرة”، وملامح الأسى و الندم مرسومة على محياها الصغير وكأنها تتمنى أن تعيد عقارب الزمن إلى الوراء لتصلح ما أذنبت فيه خصوصا بعدما تم طردها من بيت أهلها بدعوى أنها ستجلب لهم العار وكلام الناس.
تضيف ” زهرة : “طردت من بيت عائلتي ما إن عرفوا بحملي و في بطني “عصمان ” في شهره الخامس، فجبت الشوارع وتنقلت بين المدن و اشتغلت في جلي الأطباق و مسح أرضية المقاهي لأضمن قوت يومي، كان يشفق علي الناس بين حين وآخر وعيونهم كلها استفهامات و أسئلة و الكثير منهم تزاحمني عيونهم محتقرة إياي وما إن جلبت ابني لهذا العالم بمساعدة أحد المحسنين.
وتستطرد “فكرت ألف مرة بين أن أضعه في بهو المسجد أو بالمستشفى أو أي مكان، ولكن جبنت أو بالأحرى عدلت عن قراري ولم أسخ بابني لأقرر بعدها أن أربيه، ثم سمعت بجمعية التضامن النسوي للأمهات العازبات و أمدوا لي يد العون والمساعدة وها أنا اليوم أقوى بكثير مما كنت في انتظار أن ينصفني القانون ..”
وفي هذا الإطار، تقول عائشة الشنا الفائزة بجائزة أوبيس العالمية عن الأعمال الأكثر إنسانية في العالم ورئيسة جمعية التضامن النسوي: “إن الأم العازبة تعيش منبوذة في المجتمع المغربي و بالتالي مصيرها ومصير رضيعها يكون مهددا بالضياع في الشارع، وبعضهن يلجأن إلى رمي الطفل في القمامة أو في الحديقة أو أمام المستشفى والمسجد”.
“وبعضهن أيضا تضطر لأن تخنق الرضيع كي تتخلص من العار والفضيحة نحن نسعى لأن نكسر حاجز الصمت الذي يخيم على الظاهرة والذي يزيد من حدة انتشارها ويعيق المجهودات، التي تقوم بها المؤسسات لمعالجتها ومساعدة المتورطين فيها وكذلك إعادة إدماج المرأة في المجتمع، نحن نقوم بدورنا في تكوينهن وإعادة إدماجهن وتعليمهن والدفاع عنهن كي يندمجن في المجتمع وباقي المطالب يبقى على الدولة تحملها”، تضيف الشنا.
وفي الوقت الذي يجرم القانون المغربي العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج رسميا، إلا أن نسبة الأمهات العازبات في تزايد مستمر ، كما أن الإجهاض بدوره ممنوع، وبالتالي هذا يضع المغرب في وضع حرج خصوصا أنه وحسب الإحصائيات الأخيرة يولد ما يزيد عن 150 طفلا خارج مؤسسة الزواج بشكل يومي.
المصدر: وكالة صوت كثبان الصحراء بتصرف