سلطانة

“إمارة البئر” رواية مغربية تتدارس غنى الصحراء وثقافتها

اعتبر الكاتب والإعلامي لحسن لعسيبي أن رواية “إمارة البئر” لصاحبها محمد سالم الشرقاوي ، والتي قدمها يوم أمس ضمن الفعاليات والأنشطة المنظمة برواق المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بمناسبة الدورة الثانية والعشرون للمعرض الدولي للكتاب، هي رواية قد كتبت بمرجعية معرفية مستقلة عن المرجعية الكلاسيكية التي بلورها التأثر الكبير لأجيال من الروائيين المغاربة بالمدرسة الأدبية الفرنسية، من حيث كونها منتجا مغربيا خالصا، لغة ومبنى.

وقال لعسيبي إن الرواية “تكاد تكون من الروايات القليلة جدا، بالمغرب، التي جعلت من الصحراء وسؤالها الثقافي والحضاري والقيمي، موضوعا لها، معتبرا أن ذلك واحد من ملامح قوتها الأدبية الفارقة”.

صدرت رواية الكاتب الشرقاوي أخيرا عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر في الرباط في 302 صفحة من القطع المتوسط، وهي من الصنف السردي الطويل، إذ تمثل الجزء الأول من ثنائية “السيرة والإخلاص”، وتتسم بأسلوبها السلس الموسوم بحرفية عالية ومشوقة تأخذ القارئ في جولة حالمة بين ربوع الصحراء بقيمها الإنسانية والجمالية، بعيدا عن تقاطعات السياسة واتجاهاتها، كما عاشتها الأجيال المغربية على مدى يزيد عن الأربعة عقود.

وتدور أحداث “إمارة البئر” ذات صيف من عام 1975 في بلدة “بئر السبع” الصحراوية، في إطار تجمع بشري يتألف من أفراد قبيلة “أعرابات” الصحراوية، التي يمثلها من جهة الضابط “منصور السيود” وابنه “الشراط” بصفته آمر البئر، ومن جهة أخرى الراعي “لمغيفري”، الذي يجسد طموحات فئات من السكان تتقاطع أفكارها مع توجهات الفئة الأولى.

تقدم الرواية جوانب مهمة من الحياة في الصحراء من خلال حركة الشخصيات، التي تفاعلت بانسيابية مع شخصيات أخرى لا تنتمي لنفس النسيج الاجتماعي، وهي شخصية ممثل السلطة “الخليفة” عمر الصافي، ومسؤول الشأن الديني إمام المسجد “الفقيه باحسين”، لتنسج صورة ذكية عن التحولات التي عاشتها هذه المناطق في مرحلة من تاريخ المغرب أعقبت المسيرة الخضراء، من دون مغالاة أو تصنع.

ولعل اللغة المباشرة وبساطة الأسلوب، وعمقه الانتربولوجي والسوسيولوجي الواضح، زادا العمل أهمية من خلال الكم الهائل من المعلومات التي يقدمها عن أسلوب الحياة في البادية والعادات والتقاليد، والأعراف ونظم العيش وأسماء المناطق والأعلام، وإن كانت تحمل في غالبيتها أسماء مستعارة، إلا أنها تكاد تكون أقرب إلى الواقع منه إلى شيء آخر.

vous pourriez aussi aimer