سلطانة

المرنيسي.. مناضلة مغربية تركت بصمتها في قضايا النساء

لم تمر أواخر نونبر من سنة 2015، دون أن تخسر الساحة النسائية إحدى قاماتهها الفكرية،  فعن عمر ناهز الخامسة والسبعين توفيت الكاتبة وعالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي يوم الاثنين 30 نونبر 2015، وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض، ليفقد فيها المغرب إحدى أشهر المناضلات في قضايا النساء، وإحدى المدافعات عن قضية المساواة وحقوق الإنسان.
الموكب الجنائزي للراحلة كان مهيبا وعرف حضورا لافتا، حيث نقل جثمانها إلى مثواه الأخير بمقبرة سيدي مسعود بحي الرياض بالعاصمة الرباط، ثم ودعها أفراد أسرتها، وشخصيات حكومية، وأخرى تنتمي إلى عالم الفكر والثقافة، وثلة من أصدقائها ومحبيها.
الراحلة التي أسهبت الحديث حول مفهوم الحريم في الشرق وفي الغرب كانت قد ازدادت سنة 1940 بفاس، وترعرعت في أوساط عائلية واجتماعية برجوازية محافظة، وتعد من القليلات اللاتي حظين بحق التعليم في عهد الاحتلال الفرنسي، حيث كانت عائلتها مقربة من الحركة الوطنية المناوئة للاستعمار الفرنسي.

وتنقلت المرنيسي بين بلدان عدة، حيث تابعت دراستها بالعاصمة المغربية الرباط ثم انتقلت إلى فرنسا لاستكمال مسارها العلمي، فالولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ الثمانينيات عملت أستاذة للسوسيولوجيا في جامعة محمد الخامس بالرباط، إلى جانب اشتغالها كباحثة في المعهد العلمي بالرباط، وكانت أيضا عضوا في مجلس الأمم المتحدة.
جل كتابات المناضلة الراحلة كانت تتمحور حول الإسلام والمرأة وتحليل التطور الفكري الإسلامي، والتطورات الحديثة إلى جانب اهتمامها بقضية المساواة وحقوق الإنسان، وعُرفت بدخولها في معارك طويلة دفاعا عن القضية النسوية التي كانت قريبة إلى فكرها من خلال إحداث “القوافل المدنية” أولا سنة 1981، ثم تجمع “نساء، عائلات، أطفال”.
وحفلت مسيرة المرنيسيب تأليف حوالي 20 كتابا باللغة الفرنسية، وترجم العديد منها إلى لغات عديدة من العربية والإنجليزية، ومن بينها نجد: “آيت ديبروي” و”حلم النساء”، و”هل أنتم محصنون ضد الحريم”، و”الخوف حداثة” و”العالم ليس حريما”، و”سلطانات منسيات”، و”شهرزاد ليست مغربية”، و”الحريم والغرب”، و”السندبادون المغاربة، رحلة في المغرب المدني”.

واختيرت المرنيسي سنة 2003 عضوا في لجنة الحكماء لحوار الحضارات التي شكلتها اللجنة الأوربية برئاسة رومانو برودي، وتوجت الراحلة بعدة جوائز أدبية عالمية، من بينها جائزة “أميرة أستورياس” سنة 2003، إلى جانب سوزان سونتاغ وجائزة إيراسموس (2004) في البلاد المنخفضة.

وفي سنة 2013 كانت أول مغربية ضمن 100 امرأة الأكثر تأثيرا في العالم العربي في تحديد إكاليات النساء المغاربيات، بحسب مجلة “أرابيان بيزنس” الإماراتية.

رحلت المرنيسي وظل الحريم إحدى الموضوعات التي شغلت اهتماماتها، حيث ترى في إحدى متونها بأن بنية الحريم تحيل إلى “مفهوم مكاني”، مؤكدة أن هندسته المعمارية تتوزع إلى فضاء أنثوي متستر محرم على كل الرجال ما عدا السيد، وفضاء خارجي مفتوح على كل الرجال ما عدا النساء.

vous pourriez aussi aimer