روبورتاج.. سلوك معترضي سكة الترامواي تحت المساءلة القانونية وتفسير علماء الإجتماع
أثارت قضية عرقلة شاب لحركة التراموي بالبيضاء ردود فعل واسعة، أشعلت فتيل القيل والقال في استنكار تام لسلوك يضع كلمة الطيش وسط دائرة حمراء، في حين اعتبر البعض سلوكه راجع إلى خلل في التربية.
من جانبه، فسر الشاب المعني سلوكه، في تدوينة منسوبة إليه، إلى رغبته في التعبير عن أن “الشباب المغربي خاصة والعربي عامة باستطاعته أن يوقف أي شيء، وهذا في إطار ما نتعرض له من مناورات إسبانية وصهيونية”.
وفي تفسير لهذا السلوك المتهور الذي يُقدم عليها بعض الشباب، كحالة الشاب الذي اعترض عربة “الطرامواي”، يضع التوبي لحسن، أستاذ باحث في علوم التربية والإجتماع هذه الظاهرة تحت المجهر، موضحا أن مثل هذه السلوكات تقع في نظرة إختزالية بإعتبارها تلخصها في قلة الأخلاق والتربية قائلا:” لا يمكن تبسيط وتفسير هذا السلوك في قلة التربية بل يجب إستحضار مختلف الأبعاد والعناصر التي تتفاعل فيما بينها لإعطاء مثل هذه الصورة وهذا السلوك”.
وأرجع التوبي إمكانية هذا السلوك في محاولة الشاب بالبحث عن المكانة والتفرد داخل المجتمع، الأمر الذي تتشارك مسؤوليته مكانة الشاب في البيت والمدرسة ودور الإعلام والرقمنة، إلى جانب الفئة العمرية التي تدخل خانة المراهقين.
وأوضح نفس المتحدث، أن هذه الفئة العمرية يمكنها الذهاب بعيدا في سلوكاتها العدوانية من أجل أن تحظى بالاعتراف الذي يفقده في أماكن أخرى، معتبرا أن ذات المراهق تهتم بردة فعل المجتمع، إلى جانب الثورة الرقمية الجديدة التي أفضت إلى هذه الانزلاقات، بإعتبار هامش الحرية موجود في العالم الافتراضي، لكن طرق التعبير عن هذه الحرية هي التي تجب مساءلتها.
وشدد التوبي على ضرورة التعامل بأسلوب تربوي مع دات المراهق عن طريق إعطائه قيمة وتفادي السلوكات التبخيسية تجاهه مثل:” انت كسول، فاشل، قليل تربية..”، لتفادي البحث عن الاعتراف بالذات في عالم الكبار عن طريق سلوكات عدوانية.
وأشار نفس المتحدث إلى أن طبيعة النشأة داخل الأسرة يمكنها أن تكون سببا في تكوين شخصية عدوانية في ذات المراهق متسائلا :” هنا نطرح سؤال هل كان هذا الشاب يحظى بقواعد ومبادئ في بيته وهل تراجع دور محاضن التربية والتنشئة، وفي مقدمتها الأسرة ثم المدرسة والشارع والإعلام… هل القيم التي يمكن أن يؤسَّس عليها العيش المشترك وكذلك بناء المواطن الإيجابي قد انتفت، لاسيَما مع طفرة وتعدد مصادر التنشئة التي تأتينا من العالم الافتراضي.؟”.
من جهة أخرى، ينتصب القانون الجنائي في هذه الواقعة بعد أن جرى إيقاف المعني بالأمر، وذلك للإشتباه في تورطه في توثيق ونشر مقطع فيديو يتضمن عرقلة طريق عام تمر منه عربات الترامواي بشكل يهدد سلامته الجسدية وأمن وسلامة المواطنين ومستعملي الطريق، رهن إشارة البحث الذي تشرف عليه النيابة العامة المختصة.
وفي هذا الصدد، يؤكد هشام معاون، محامي بهيئة الدار البيضاء في تصريح لمجلة “سلطانة”، أن سلوك الشابين معترضي سكة الترامواي يجعلهم أمام متابعة في قضية جنائية، وسيتم متابعتهم طبقا للفصل 591 من القانون الجنائي.
وينص الفصل 591 من القانون الجنائي المغربي، في هذا الخصوص بالسجن من خمس إلى عشر سنوات في حق كل من عمد إلى عرقلة سير الناقلات، وهو ما يسري على هذه النازلة بعد أن قام شاب بالجلوس على كرسي وسط سكة التراموي، منتشيا بتدخين سيجارته وكوب قهوة فوق طاولة وُضعت رهن إشارته.
وتابع معاون مؤكدا ان ّ عقوبة الشاب الذي عرقل حركة الترامواي بالدارالبيضاء، قد تصل إلى عشر سنوات، وهو يشير إلى الحد الأقصى للعقوبة التي أفردها المشرع المغربي في هذا الخصوص، مشيرا أنه في حال نجم عن الفعل قتل أو جرح أو عاهة مستديمة للغير، تختلف العقوبة ما بين الإعدام في حالة القتل والسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة في الحالات المتبقية.
ويذكر أنّ معرقل حركة الترامواي بالبيضاء، أقدم على فعلته بعد أن طرقت الفكرة مخيلته قبل أن يقرّر تجسيدها على أرض الواقع من أجل نشرها على صفحته الرسمية على موقع تطبيق الصور “إنستغرام”، في الوقت الذي وقفت فيه والدته في صف القانون ولم ترَ ضيرا في وضعه وراء القضبان طمعا في أن ينال جزاء فعله المتهور.