كيف يحتفل أهل آيت اعتاب بعيد الأضحى؟
في قرية تحجبها جبال الأطلس المتوسط، تكسوها الخضرة وتطبعها بساطة وكرم أهلها من الأمازيغ والعرب الذين يعيشون بينها كالأزهار المختلفة في حقل واحد، يكون عيد الأضحى استثنائيا، كوميض فرحة يأتي ليخطف أهل هذه البلدة إلى عالم آخر حيث ينشدون قيم التسامح والتكافل والأخوة.
تبدأ التحضيرات قبل أيام من حلول العيد، حيث تعيد النساء ترتيب منازلهن من الأجل الاستعداد لهذه المناسبة الدينية التي تحظى بقدسية كبيرة لدى كافة المغاربة والمسلمين، كما يتم تحضير أنواع مختلفة من الحلويات المغربية التقليدية، من قبيل “الفقاص”، و”الغريبة” وكعب الغزال وغيرها.
ويقتني الآباء ملابس العيد لأبنائهم من أجل إدخال الفرحة على قلوبهم ولجعل عيد الأضحى مناسبة مميزة لديهم، حيث يتشوق الأطفال لوصول هذا اليوم، بينما يحرص الكبار على ارتداء ملابس تقليدية مغربية خلال هذا اليوم.
في صبيحة العيد تستيقظ النساء مبكرا لإعداد مائدة الفطور، التي تتنوع بين الخبز “الشيار” المدهون بزيت الزيتون، والذي يشكل طبقا مهما في مائدة كل عائلة عتابية، وكذلك “المسمن” والأرز بالحليب ثم أنواع مختلفة من الحلويات، بعدها يذهب الرجال العتابيون إلى المصلى، ويجتمعون هناك وهم يرتدون الجلباب أو الجبادور والبلغة المغربية، وقبل الذهاب إلى المصلى يحرص أفراد العائلة على تقبيل جبين أمهاتهم وآبائهم وأجدادهم لنيل رضاهم في هذه المناسبة العظيمة.
وبعد الإفطار تتأنق النساء بلباس “الجلابة” ويجتمعن في بيت إحدى نساء القرية لتبادل أطراف الحديث، حيث تحضر كل واحدة منهن طبقا معينا، خاصة وأن عادة الاجتماع في كل عيد عند امرأة يتم تحديدها كل سنة قبل أيام قليلة من العيد، وتعد أمرا متوارثا عند أهل تسقي آيت اعتاب منذ القدم.
وحين يصل وقت الذبح تتعاون النساء والرجال على تهيء المكان المخصص له، ويتم اقتياد الماشية إليه مع الحرص على عدم إظهار أي آلة مخصصة للذبح أمامها رأفة بها، ويتم وضع بعض الحناء على جبينها وتقديم طبق من الشعير لها وذكر الله قبل الذبح، وتتم هذه العملية بتعاون بين رجال الأسرة.
وبعدها تبدأ العادات المشتركة بين كافة المغاربة المتمثلة في تحضير “بولفاف” أو “الشوى” الذي اتخذ اسمه من قطع الكبد والرئة الملفوفة بالشحم الرقيق، التي تؤكل مع “الشيار” والشاي المنسم بالنعناع الطبيعي الذي يتم قطفه من الحقول التي يطلق عليها “البحاير”، في جو مليء بالدفئ العائلي تتعالى فيه أصوات الضحكات النابعة من القلب.
وبمجرد أداء صلاة العصر يأتي دور الرجال لتفقد العائلة وزيارة الأصدقاء والأقرباء، وعلى الرغم من أن البعض تجمع بينهم علاقات متوترة لكن العيد يبقى دائما فوق كل اعتبار ويعتبر الفرصة الجميلة التي تحيي العلاقات من جديد وتبتر كل الخلافات والصراعات.