سلطانة

المغرب وفرنسا…مقارنة وأرقام مقلقة في حالات الاغتصاب

يعرف الاغتصاب على أنه شكل من أشكال الاعتداء الجنسي، ويشمل الجماع غير المشروع مع شخص من دون إرادته أو فرض اعتداء جنسي على الآخر رغم إرادته من خلال استعمال العنف أو القوة أو التهديد بالأذى أو أشكال أخرى للإجبار.

والاغتصاب هو تعريف قضائي يختلف باختلاف البلدان وقوانينها، فالقانون المغربي يعرف الاغتصاب في الفصل 486 من القانون الجنائي بأنه “مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها”.

ولأن تعريفات الاغتصاب تختلف من بلد لآخر، فحالات الاغتصاب كذلك تتباين، خاصة إذا أخذنا نموذج فرنسا في مقارنتها مع المغرب، وذلك في ضوء الأحداث الراهنة التي تطبعها قضايا الاغتصاب، بداية بالحكم على المغني المغربي سعد لمجرد بـ6 سنوات سجنا، على خلفية اغتصاب وتعنيف شابة فرنسية، إضافة إلى اتهام لاعب المنتخب المغربي الدولي أشرف حكيمي، باغتصاب شابة تبلغ من العمر 24 عاما في منزله.

وكشف موقع “Euromed monitoring” أنه في سنة 2019، سجلت فرنسا أعلى عدد من حالات اغتصاب النساء المبلغ عنها في أوروبا، بواقع 20.694 حالة، فيما بلغ عدد حالات اغتصاب النساء في نفس البلد خلال سنة 2020 نحو 22.770 حالة، وبلغ عدد الاعتداءات الجنسية حوالي 23,910 اعتداء، فيما سجلت 2690 حالة تحرش، أي ما مجموعه أكثر من 49 ألف حادثة عنف جنسي ضد النساء.

وكانت وزارة الداخلية الفرنسية، قد كشفت عن ارتفاع معدل جرائم الاغتصاب المبلغ عنها خلال سنة 2020، بنسبة بلغت 11 بالمئة، وهو ما يعادل 3 حالات مبلغ عنها في الساعة.

من جانبه، أوضح استطلاع رأي أجرته شركة “IPSOS” أن من بين 10 فرنسيين يتعرض شخص واحد للاعتداء الجنسي داخل الأسرة، والنسبة الأكبر تعود للإناث بـ78 في المئة.

وحسب الكاتبة الفرنسية كاميلا كوشنر، مؤلفة كتاب “العائلة الكبيرة”، فهذه الأزمة الأخلاقية المتزايدة في المجتمع الفرنسي يرجع سببها إلى جيل الستينيات الذي كان قد وجه دعوة كبيرة نحو الانفتاح الكلي في العلاقات الجنسية، بالإضافة إلى تقديمه عريضة تهم تخفيض سن الرضا إلى 13 عاما، والتي وقع عليها عدد من الشخصيات الفكرية، من قبيل جان بول سارتر، وميشيل فوكو وسيمون دو بوفوار.

وتضيف كاميلا في كتابها واصفة ذلك بـ”الإرث الكارثي” الذي كان كل من يعترض عليه يتم وصف تفكيره بـ”الرجعية وضيق الأفق والعبودية”، مشيرة إلى أن هذه الممارسات التي وصفتها بـ”المرعبة” ما يزال المجتمع الفرنسي يدفع ثمنها إلى حدود اليوم.

أما عن الاغتصاب في المغرب، فقد سجلت النيابة العامة في سنة 2021، حوالي 23 ألفا و879 قضية اغتصاب، وهو الرقم الذي يبقى مقلقا خاصة مع الجهود التي تواصل الجهات المعنية في بذلها.

وكان المغرب قد حصل على المرتبة الثانية عربيا من حيث معدل حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي، وذلك حسب التصنيف الصادر عن موقع “World Population Review”، وذلك بعد سلطنة عمان، تلته كل من البحرين، والكويت، وفلسطين بالإضافة إلى السودان والجزائر.

وفي هذا السياق، رصدت كل من شبكة “الرابطة إنجاد ضد عنف النوع”، وشبكة “نساء متضامنات”، في تقريرها السنوي لسنة 2019 حول العنف المبني على النوع، أن عدد حالات العنف التي تم تسجيلها في صفوف النساء عرفت ارتفاعا ملحوظا، خاصة وأن مراكزهما بأرجاء مختلفة من المملكة قامت في سنة 2018 باستقبال ما مجموعه 2475 امرأة معنفة، كما سجلت حوالي 12.233 حالة عنف وحوالي 1610 حالة تم تسجيلها في قضايا أخرى، وهو مايبرز الارتفاع التدريجي لقضايا العنف ضد المرأة حيث في سنة 2017 تم تسجيل 10.559 حالة.

أما عن عقوبة المغتصب، فقد حددها القانون المغربي بالسجن من 5 إلى 10 سنوات، وفي حالة افتضاض الضحية تشدد العقوبة إلى 20 سنة. أما إذا كانت الضحية قاصرا، فتحدد مدة عقوبة الجاني بالسجن من 10 إلى 20 سنة. ويتم تشديدها في حالة الافتضاض لتصل إلى السجن 30 سنة.

وينص القانون المغربي أيضا على معاقبة كل من يقوم بهتك عرض قاصر بالحبس لمدة تتراوح بين سنتين و 5 سنوات، وفي حالة استخدم الجاني العنف تشدد العقوبة إلى 10 سنوات.

وذكر موقع CNN وفي تحقيق أنجزه موقع “سي إن إن” حول الاغتصاب بالمغرب، قالت الناشطة النسوية المغربية، عائشة الحيان، إنه “لا يجب أن يفرق القانون بين هتك العرض والاغتصاب، سواء باستخدام العنف أم لا، ولا بوجود افتضاض من عدمه”، مشيرة إلى أن “الافتضاض يعد ظرف تشديد ويجب توحيد المصطلحات القانونية، أي اعتداء تتعرض له الأنثى يعد بالنهاية اعتداء يمس ذاتها وسلامتها. يجب أن يكون هناك نص قانوني يمنع القاضي من اللجوء إلى ظروف التخفيف في جرائم الاغتصاب، يجب أن تكون العقوبات رادعة لإنصاف الناجيات”.

ووفق نفس التحقيق، اعتبر رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية، يوسف العلقاوي، أنه “يجب حذف أي نصوص قانونية تشير إلى رضا القاصر في قضايا هتك العرض”، مبرزا أن “الهدف الأساسي من العقوبة ليس فقط القسوة على الجاني، بل إبعاده عن الضحية وتحقيق الردع العام قبل الردع الخاص”.

vous pourriez aussi aimer