بورتربه: كريمة بنيعيش أيقونة القوة الناعمة للدبلوماسية المغربية
عرفت بسعيها لتحقيق النجاح من خلال اختراق البوابات الحديدية والشخصيات المؤثرة في صناعة القرارات، كان عليها ما على الرجل من مسؤوليات وواجبات، عملها الدبلوماسي كان أكبر من وجاهة السير على سجادة حمراء أو الجلوس على مقعد وثير في سيارة فاخرة يعلوها علم الدولة أو حفلات استقبال وموائد طعام فاخرة، فكل تلك المظاهر تخفي وراء وهجها الاجتماعي ثقلاً من المسؤوليات والتحديات ودوربا محفوفة بالمخاطر لا تقوى على عبورها سوى الشخصيات الاستثنائية التي عجنتها الحياة سعياً وكدحاً، وامتلأت عقولها فكراً مستنيراً، إنها ايقونة العمل الدبلوماسي كريمة بنيعيش السفيرة المغربية في مدريد، التي تعمل في الصف الأول لتوضيح وجهات نظر المغرب والدفاع عن مصالحه هناك.
برز اسم الأيقونة الدبلوماسية لدى إسبانيا أمام ارتفاع منسوب تأزم العلاقات المغربية – الإسبانية التي عملت في الصف الأول لتوضيح وجهات نظر المغرب والدفاع عن مصالحه، وأبدعت في تطوير أساليب تدبير الأزمات المتتالية بين البلدين منذ توليها منصبها عام 2018 خلفا لأخيها فاضل بنيعيش، فهي ليست بعيدة عن كواليس العمل الدبلوماسي داخل الدولة المغربية وأيضا عن الثقافة الإسبانية كونها ابنة محمد فاضل بنيعيش وزوجته الإسبانية كارمن ميلان، فقد كان أبوها الطبيب الشخصي للملك الراحل الحسن الثاني حتى العام 1972.
ورغم كل تلك التحديات التي واجهتها السفيرة المغربية لدى إسبانيا فإن الدافع المحفز الذي جعل منها المرأة القوية الصامدة أمام الصعوبات هو الرسالة التي تؤديها فداء لخدمة وطنها، فوجود امرأة على رأس بعثة دبلوماسية في عواصم العالم هو في حد ذاته رسالة تمحو كثيراً من الأفكار المسبقة والصور الذهنية القاصرة عنها، والأهم أن يكون الاختيار مبنيا على الكفاءة للمرأة المرشحة لهذا العمل، لأنه لن تستطيع أن تعطي وتنجز في العمل الدبلوماسي من دون أن ترتكن إلى جهودها المتصلة بشخصيتها وخبرتها العلمية والأكاديمية.
دشنت بنيعيش حملة علاقات عامة مع العديد من المسؤولين الإسبان في كل المجالات، وذلك لمناقشة سبل تعزيز العلاقات بين المملكتين، فالشأن الدبلوماسي عندها مهنة وعشق ودربة، منذ أن كانت مديرة للتعاون الثقافي والعلمي بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، وهي تشغل منذ العام 2013 منصب نائبة رئيس اللجنة التنفيذية لمركز شمال – جنوب التابع لمجلس أوروبا.
انعكس ذلك على أدوارها الدبلوماسية ما ساعدها على تقديم لمحة واقعية عن الإصلاحات الديمقراطية التي قام بها المغرب في مختلف المجالات، وتدبير خطوات الحكم الديمقراطي وتكريس دولة الحق والقانون، والجهوية المتقدمة، والتنمية البشرية، وحقوق الإنسان، وحماية الحريات العامة والفردية وتمكين المرأة.
ولدت كريمة بنيعيش في أبريل من العام 1961 بتطوان، تجري في عروقها دماء إسبانية وعروق متجذرة في تربة الحضارة والثقافة المغربية، ولهذا فهي متشبعة بثقافة مزدوجة ولغة إسبانية ممتازة، وهذا يعزز الطلب في دبلوماسي مغربي يمثل بلده في وقت الشدة والرخاء.
كريمة بنيعيش أثبتت أنها امرأة حديدية وكلت إليها مهام كبرى ومتابعة ملفات مهمة في المنظمات الدولية والاقليمية، منحت للمغاربة كل الفخر بوجود دبلوماسيات قادرات على نقل الصورة الحيوية عن الوطن بتاريخه وحضارته وشراكاته.