المهندسة نوال علاوي..تدوير جلد السمك من الهواية إلى المشروع
يعتبر تدوير النفايات إحدى القنوات الفعالة للحفاظ على البيئة وتوفير فرص شغل عديدة. ونظرا للأهمية البالغة لهذا الموضوع نستضيف اليوم شخصية برزت في هذا المجال وكان لها كبير الأثر على البيئة والإنسان معا، حيث جمعت في مسيرتها بين الهواية والدراسة والعمل، مثيرة الانتباه إلى مجال نادرا ما يهتم به العاملون بالتدوير وليس ذلك إلا صناعة أدوات الزينة والحقائب اليدوية والأحذية من جلود الأسماك، ضيفتنا نوال العلاوي.
بداية من تكون نوال العلاوي؟
نوال العلاوي، مهندسة في مجال الهندسة الصناعية خريجة المدرسة العليا للنسيج والألبسة وأدرس في سلك الدكتوراه تخصص الهندسة الصناعية المستدامة.
كانت بداياتك مع العمل الجمعوي مبكرة، فكيف ساهمت هذه التجربة في إلهامك لمساعدة ساكنة المناطق الساحلية المتضررة بالنفايات وإنجاح الهواية المشروع لديك؟
عندما كنت طالبة في المدرسة العليا للنسيج والألبسة، كنت عضوة في إحدى الجمعيات التي تشجع الشباب على خلق المقاولات الاجتماعية، وفي هذا الإطار كنا نقوم بزيارات ميدانية، ومن خلالها نحاول جرد المشاكل التي تعاني منها المنطقة والساكنة، ومحاولة إيجاد حلول مبتكرة. وكذلك الحال بالنسبة للمنطقة التي كنت مكلفة بها وهي منطقة سيدي رحال وبالضبط البراهمة، وكنت رفقة فريقي نقوم بالدراسة الميدانية، واستنتجنا أن هناك مشكلين أساسين، ويتعلق الأمر بنفايات الأسماك التي تتواجد في الميناء، والتي تخلف روائح كريهة، وفي نفس الوقت يلعب بقربها الأطفال مما قد يؤدي إلى أمراض تنفسية. المشكل الثاني هو أن نساء هذه المناطق لا يتوفرن على عمل مستقر، وهذا ما يدفعهنللاشتغال بعمل متعب وخطير في أحايين كثيرة، إذ يعملن على استخراج نوى ‘شوك البحر’، والذي قد يسبب امراضا سرطانية على مستوى الجلد. وتستغرق هذه العملية وقتا طويلا وجهدا كبيرا، لكن النتيجة هي كمية قليلة فقط لا تتعدى الكيلوغرام الواحد وثمنه هو 60 درهم. وهذا لا يوفي ولو بالنزر اليسير من الجهد الذي يبذلنه ولا يكفيهن لتغطية حاجياتهن اليومية أيضا.
ألم هؤلاء النسوة ومعاناة ساكنة تلك المنطقة جعلني أطرح السؤال، كيف يمكن أن نزاوج بين التخلص من النفايات وتوفير مناصب عمل للنساء؟ فكان الجواب بكل تأكيد هو إعادة تدوير نفايات الأسماك إلى اكسسوارات وأحذية.
كيف جعلت من بقايا السمك جلدا قابلا للتشكيل؟
بما أنني خريجة المدرسة العليا للنسيج فقد حاولت أن أخلق من جلد السمك نسيجا ذا ملمس ناعم وكذلك ذامقاومة. لهذا كانت أولى تجاربي في غرفتي بالداخلية، وبعد ذلك سمحت لي المؤسسة بأن أقوم بتجاربي في المختبر، وبذلك طورت الوصفة التي ساعدتني على جعل جلد السمك مادة قابلة للتشكيل وبدون أي رائحة كريهة.
من المعلوم أنك أسست مقاولة تحت اسم ˝Sea Skin ˝ما هي الصعوبات التي واجهتك سواء تعلق الأمر بالإجراءات القانونية أو المادية؟
واجهت في البداية تحديات عديدة، كان أولها الجانب المادي علما أني لست من عائلة غنية لتمول مشروعي، إضافة إلى غياب التمويل من طرف الجهات المسؤولة. لكن لم أقف مكتوفة الأيدي إذ تغلبت على هذا المشكل عن طريق بيع منتوجات صغيرة. ومن خلال الأرباح التي كنت أحصل عليها أعيد إنتاج كمية أكبر وفي نهاية السنة وجدت أنني أتوفر على مبلغ مالي مكنني من خلق شركتي الخاصة. لكن من الناحية القانونية لم يكن الأمر مستعصيا أبدا، لأنني حصلت على مساعدة المؤطرين وبذلك استطعت خلق الشركة في وقت قصير.
وبعد تأسيس الشركة واجهت مشكل التسيير، خاصة فيما يتعلق بالجزء المالي لأني لا أفهم لغة المحاسبة وهذا مشكل يعاني منه أغلب المقاولين في بداياتهم.
كيف تتم عملية صناعة الجلد ودباغته؟
بعدما تخرجت من المدرسة العليا للنسيج والألبسة، أتممت الدراسة في الدكتوراه في مجال الصناعة المستدامة، وباستغلال مجال دراستي توصلت إلى طريقة تمكننا من عدم تبذير الماء وبالتالي اقتصاد ما يقارب 95 فالمائة من الماء، والحديث هنا عن تقنية tannage à secle، يعني دباغة جلد السمك بنسبة 5 فالمائة من الماء، باستعمال آلة اسمهاl’éco-prod وهذا راجع بالأساس لفواتير المياه الباهظة الثمن، وأنا كشركة صغيرة بسيطة لا أتمكن من أدائها.
ماذا عن تسويق المنتوجات التي تصنعها الشركة؟ وهل تلقى المنتوجات إقبالا عند الزبائن المحليين؟
طبعا، لقيت المنتوجات إقبالا عند الزبناء، لكن في البداية عملت على تسويق المنتجات إلى زبائن في الخارج، وكانت أغلب معاملاتي مع زبناء أجانب. أما بخصوص المنتوجات فإننا نحاول دائما تطويرها لتلقى إعجاب الناس، خاصة وأنني أعمل على خلق فروع للشركة في جميع المدن الساحلية المغربية. هذا بالإضافة إلى أننا نعمل على بعض المنتجات الموسمية، مثلا هدايا رأس السنة أو عيد المرأة.
ما سبب اختيارك للصناعة المستدامة؟
الصناعة المستدامة هي شيء جميل جدا لأنها تواكب الموضة ولأنهافريدة لتأثيرها على ثلاث جوانب مهمة:الجانبالاجتماعي لكونها توفر فرص شغل لنساء بسيطات وتمكنهن من العمل في أوضاع مناسبة وغير خطيرة.الجانب الاقتصادي حيث يسهم العمل في تحسين الوضع المادي للعاملات. كما أن ذلك المنتوج يمثل علامة تجارية مغربية ويعتبر انتاجا وطنيا. أما فيما يخص الجانب البيئي فيمكن اعتبار هذا المشروع صديقا للبيئة، لأننا نستهلك منتوجا لا يؤذي البيئة ولا يؤذي الحيوانات عند البحث عن المادة الخام.
ختاما ماهي رسالتك إلى المستهلكين والقراء؟
رسالتي للجميع هو أنكم عندما تشترون منتجا ليس له تأثير اجتماعي فأنتم لا تستهلكون فقط منتوجا،لأنكم تساهمون ولو بطريقة غير مباشرة في الإضرار بأشخاص هم في أمس الحاجة للمساعدة وتدعمون علامات تجارية تتوسع في السوق على حساب منتوجات تراعي شروط العمل وتسهم في تحسين أوضاع الفئات الهشة وتدفع بالاقتصاد الوطني إلى الأمام.
الهواية والدراسة الجادة والإرادة البناءة وحب الخير للغير مفاتيح نجاح نستشفها من حوار اليوم.
حاورتها: فاطمة الزهراء القاسمي صحافية متدربة