سلطانة

الفرناتشي..عرض مسرحي في زمن الكورونا

يقول الشاعر الإنجليزي الرومانسي بيرسي بيش شيلي:” الجلوس في المسرح لمشاهدة مسرحية , يبعث فيك البهجة والسرور كما لو كنت في قاعة البرلمان”. لكن في ظل الظروف الحالية التي نعيشها الآن لا نتمكن من الذهاب إلى صالات العرض وإلى المسارح تفاديا للإصابة بالعدوى، لهذا لم يتوقف الفنانون والممثلون المسرحيون عن خلق مبادرات تمكن عشاق المسرح من مشاهدة العروض من منازلهم دون الحاجة إلى الذهاب إلى المسرح، مستغلين مواقع التواصل الاجتماعي لتقريب الفن من المجتمع، وكذلك الحال بالنسبة لدار الشباب الزلاقة بخريبكة التي قدمت عرضا مسرحيا على صفحتها بالفيسبوك بعنوان “الفرناتشي” وهي مسرحية من تأليف وإخراج الأستاذ حميد قرمان، وتشخيص الفنان عادل مستشار والفنان أمين العفوي، وسينوغرافيا حسن تابع.
يشخص هذا العرض حياة صديقين تشاركا القدر نفسه، حمان وحمو، وترجع هذه الصداقة إلى العلاقة التي كانت تربطهما إذ كان حمان”خماسا” لدى عائلة حمو، وبذلك توطدت الصداقة ليصبحا رفيقي درب يتشاركان حلوها ومرها، حتى جعلتهم الأقدار يتشاركان عشقا واحدا، وهي فتاة اسمها السعدية، والتي كانت تلك الفتاة الجميلة التي تمثل حلم كل شباب الدوار، ليتقاسما فيما بعد هموم عشقها كونها لم تتزوج بأي أحد منهما.
تتأرجح حياة كل من حمو وحمان بين دخان بنادق الماضي العالق في أذهانهما من مشاركتهما في الحرب الفرنسية ودخان “الفرناتشي” الذي يتسرب إلى رئتيهما الان بعد أن رمى بهما الزمن بين أخشاب تنتظرها النيران الملتهبة، وكان عزاؤهما الوحيد كونهما شاركا في الحرب لتبقى بذلك ذكرى يعتز بها كليهما، رغم الندم والألم الذي يعتريهما أحيانا كونهما لم يستفيدا أي شيء، وبذلك ” عاش هذان الصديقان صراعا ناجما عن حياتهما بين الماضي والحاضر، قلقين بشأن المستقبل، باحثين عن الأسباب التي رمت بهم إلى هذه العيشة”، كما جاء على لسان الفنان عادل مستشار الذي شخص دور حمان في العرض الثالث للمسرحية بعد أن عرضت لأول مرة سنة 2006، حيث كانت من تشخيص الممثلين مروان الجوي وأمين العفوي. وفي سنة 2015 تم إحياء المسرحية بعرضها الثاني، وتجدر الإشارة إلى أنها شاركت في عدة مهرجانات دولية ووطنية وحازت على عدة جوائز منها جائزة لجنة التحكيم وجائزة الإخراج و التشخيص والسينوغرافيا أيضا.
يقول الممثل عادل مستشار ” في ظل الأزمة الحالية ارتأيت أن نعيد عرض هذه المسرحية ما دامت من تشخيص ممثلين اثنين وبالتالي يسهل التواصل، لذلك قررنا استغلال هذا العامل. وبعد موافقة الممثل الثاني أمين العفوي، بدأنا التمرينات عن بعد، وكان التحدي هو قلب الأدوار فيما بيننا، أي أنه هو من سيؤدي دور حمو وأنا سألعب دور حمان الذي لم أشخصه من قبل ولم أعشه، لذلك فأنا أشكر كل من آمن بالفكرة خاصة وأن مسرحية “الفرناتشي” تمثل بالنسبة لي مدرسة تعلمت منها الكثير، إذ لا أقيسها بمقدار عرضها ولا عدد الجوائز التي حازت عليه، وإنما بما خلفته في نفسي وشخصيتي.”
وإيمانا بأهمية الفن في هذه الظروف، يبرز ”حسن تابع” الفنان المسرحي والمدير الفني لمهرجان” شوارع ارت لتنشيط الأحياء وفنون الشارع ” وسينوغراف عرض مسرحية “الفرناتشي” أنه “في ظل ازمة كورونا والتي استطاع بلدنا الحبيب التغلب عليها بفضل التعاون والتآزر غير المسبوقين بين جميع الفعاليات المواطنة، نجد أن فن المسرح وإن كان من القطاعات المتضررة جراء تفشي فيروس كوفيد 19 قد ساهم إلى حد ما في فك العزلة عن المواطن المغربي، وذلك من خلال برمجة مجموعة من العروض المسرحية المؤرشفة لدى الفرق الوطنية والدولية وكذلك القنوات التلفزية وكذا بث بعض العروض على شكل بث حي لبعض المسرحيات المرتجلة والقصيرة” مضيفا أنه بالإمكان القول أن المسرح خلق متنفسا في ظل الحجر الصحي الذي اغلق الطرق في وجه جميع المسارح وفضاءات التنشيط، كما أن مجموعة من الفنانين اشتغلوا على مجموعة من ابداعاتهم المسرحية من خلال العمل عن بعد وخلقوا أفكارا وابداعات جديدة والتي يمكن أن يستفيد منها المواطن المغربي طيلة فترة الحجر الصحي.

كتبته: فاطمة الزهراء القاسمي صحافية متدربة

vous pourriez aussi aimer