سلطانة

مغربية تتألق في سماء الرواية الكتلانية

استطاعت رواية “Mare de llet i mel” (أمٌ من حليب وعسل) للأديبة المغربية نجاة الهاشمي المقيمة بكتالونيا أن تجد موقعا لها ضمن قائمة أفضل الروايات التي يوصي بقراءتها كبار كتاب إسبانيا هذا الصيف، والتي يشرف على نشرها موقع جريدة “إلباييس” بحلول شهر غشت من كل سنة.
وحظيت رواية “أم من حليب وعسل”، الحديثة النشر والمكتوبة باللغة الكتالونية، باهتمام العديد من النقاد الإسبان وغير الإسبان لأسلوبها الفريد وحبكتها المتميزة، والتي تبصم على استمرار مؤلفتها في تأتيت المشهد الروائي في كتالونيا بأعمال ذات قيمة مضافة كبيرة.
تعتبر اليوم نجاة الهاشمي من أبرز الكتاب الأجانب المقيمين في إسبانيا نظرا لما يمتلكه قلمها الإبداعي من خصوصيات أدبية قل نظيرها، حيث تمكنت وفي أولى تجاربها بالفوز بأهم جوائز الأدب الكتلاني المرموقة عن سيرتها الذاتية “أنا أيضا كتالونية” (2004) وعن رواية “البطريرك الأخير” (2008)، وهي شابة أجنبية في العشرينات من عمرها.
ولدت نجاة الهاشمي سنة 1979 بأرياف الناظور في كنف عائلة بسيطة لتنتقل، في عقدها الثامن، مع أسرتها إلى إقليم كتالونيا حيث كان يعمل والدها في قطاع البناء. ولجت المدرسة في مدينة “فيك” لتضيف لرصيدها اللغوي اللسانين الكتلاني والإسباني، ثم اتجهت بعد المرحلة الثانوية للدراسات الجامعية ببرشلونة لتنال شهادة الإجازة في قسم اللغة والأدب العربيان.
هذا المزيج الثقافي والثراء المعرفي جعل من نجاة قادرة على سبر أغوار الكتابة في عالم الأدب، حيث اتخذت من تيمات الذات والهوية الثقافية والاندماج واختلاف أعراف المجتمعات خصوصيات لجل أعمالها، ما مكنها من فرض ذاتها ونيل اعتراف كتاب ونقاد عالميين.
من خلال رواية “أم من حليب وعسل” تحكي نجاة الهاشمي بلسان المتكلم عن قصة فاطمة، المرأة المسلمة والمتحدرة من الريف المغربي، التي هاجرت مع ابنتها إلى منطقة كتالونيا لعيش حياة أفضل، تاركة خلفها عائلتها والبلدة التي ترعرعت فيها.
تحديات وصعوبات كثيرة واجهت فاطمة للاندماج في المجتمع الإسباني، خصوصا على مستوى المعتقدات والأعراف، لكنها أصرت على الكفاح والمضي قدما من أجل مستقبل فلدة كبدها، لتعود بعد سنوات إلى مسقط رأسها وتحيط أخواتها بكل ما كابدته من مشقة وحدها في ديار المهجر.
بأسلوب سلس ومتميز يشد القارئ إليه، تمكنت رواية “أم من حليب وعسل” من تسليط الضوء، وبشكل عميق، على واقع المهاجرين في بلد ذو ثقافة مختلفة ومن وجهة نظر امرأة مسلمة وأم لطفلة، في مواجهة الحياة بعيدا عن الأهل وبمعزل عن الزوج.
تجدر الإشارة إلى أن مسار نجاة الهاشمي كله حافل بالعطاء والإنجازات، حيث حازت جل أعمالها على العديد من الجوائز، على رأسها “Ramon Llull” سنة 2008 و”Sant Joan” سنة 2015، بالإضافة إلى جائزة “Ciutat de Barcelona” عام 2016، لتتبوأ بذلك مكانة ضمن الكتاب البارزين في كتالونيا والصاعدين في مجال الرواية العالمية.

محسن الدفيلي

vous pourriez aussi aimer