تحليل: بعد تعرض الطفل للاغتصاب.. هل يصير مثليا أم مغتَصِبا؟
في الآونة الأخيرة، بتنا نسمع عن اغتصاب الأطفال بشكل مهول، وباتت أخبار اغتصاب الأطفال بالجملة، تهز الرأي بين الفينة والأخرى ويكثر القيل والقال، والصادم أن الجاني غالبا ما هو إلا الأب أو الجد او العم أو الخال أو أولاد العمومة والأخوال، وقد يكون “الفقيه” الذي يدرسه القرآن أو المعلم الذي كاد أن يكون رسولا، وربما سائح أجنبي تجدبه مؤخرات الأطفال البريئة ويغريه غياب العقوبات الزجرية، يتألم الأهل ويتعايشون مع الامر، ينسى الممتبع حيثيات الحادث، لكن الطفل يحمل جراحا نفسيا ترافقه طيلة حياته، في غياب تام للمتابعة النفسية .
وقال الدكتور جواد مبروكي الخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي، لمجلة “سلطانة” الالكترونية :” لما يتعرض الطفل للتحرش الجنسي وللاغتصاب، فالأكيد ستكون العواقب وخيمة جدا، فيجب أن نعلم أن الطفل وفي اغلب الاحيان يتعرض للاغتصاب من أقرب الناس له، والذين يضمر لهم ثقة عمياء، ففي بادئ الأمر يعتبر الطفل أن الاغتصاب ما هو الا لعبة، وذلك لأنه يجهل ما هو الجنس، لكن مع دخول الضحية في سن المراهقة يدرك ما وقع له، وأنه كان ضحية إغتصاب، أنداك تكون بداية عذاب مؤلم يرافقه طيلة حياته، خصوصا وأنه يجعل ما عليه فعله، إذ أن الجنس من الطابوهات، وغياب التربية الجنسية يقصف بالحوار مع الأطفال في هذه المواضيع”.
وبخصوص العواقب الكثيرة والخطيرة الناجمة عن اغتصاب الأطفال، قال المحلل النفسي إنه :” يخلق اضطرابا في الهوية الجنسية لدى المراهق، بحيث يتكون لدبه شعور بأنه مثلي أو شاد جنسي أو ما تعرض له من اغتصاب جعل منه مثلي، فيقوم بتجارب جنسية في هذا الاتجاه، وفي غالب الاحيان هناك من يصبح مغتَصِبا ومجرما، فينتقم من أطفال آخرين من محيطه، أو هناك من يتولد لديه هروب من الجنس والخوف منه، وهذا الأمر يعرقل علاقاته مع الآخر، وتصبح حياته الجنسية غير مرضية عند زواجه، وقد يصاب في كل الحالات بالاكتئاب المزمن ومحاولة الانتحار”.
وفي نفس السياق أضاف الدكتور:” فالفتاة الضحية للاغتصاب تعيش علاقاتها الجنسية مع زوجها بدون متعة وربما بآلام وكأنها تغتصب من جديد. وبطبيعة الحال يشعر الزوج بغياب رغبتها ومتعتها في الجنس ويكون هذا سببا في النزاعات والصراعات، أما بالنسبة للزوج الذي اغتصب في صغره تكون له متطلبات جنسية من زوجته غير راضية بالنسبة لها كما يحاول ممارسة الجنس معها من دبرها وكانه يعيد اغتصابه بطريقة غير شعورية”.
وتصبح علاقات الضحية عندما يكبر منعدمة الثقة مع جميع الناس، لأنه قد أغتصب كذلك في ثقته العمياء والبريئة التي كان يضعها في صغره في اقربائه الذين كان عليهم أن يحمونه وليس أن يستغلوا براءته ويغتصبونه. فاي ثقة بامكان الضحية أن يضعها في اي شخص من بعد هذه التجارب المؤلمة، يضيف المصدر عينه.
واختتم مبروكي تحليله بالحديث عن الضحية عندما يصير أبا أو أما، موضحا أنها تكون حريصة جدا على أطفالها وتمنعهم من قضاء الليل أو وقت طويل لوحدهم عند أقربائهم كالجد والخال والعم، كما ترفض أن يذهب الطفل مع أصدقائه او في الرحلات والمخيمات والأسفار المدرسية، مخافة أن يتعرض لما تعرض له الأب أو الأم من اغتصاب في صغرهما، وهذا التصرف يخلق علاقات مضطربة مع الطفل الذي يلاحظ أنه لا يعيش بحرية مثل أصدقائه ويشعر بالحزن وبالذنب ولا يدرك مغزى سلوك الأب او الام وهذا الحرص المرضي الذي يشكل اعاقة في توازن حياة الطفل.