سلطانة

العرس المغربي.. إرث شعبي تبدع كل منطقة في الإحتفال به

لا يخفى على الجميع أن المغرب من بين الدول التي تزخر بتنوع كبير على مستوى التقاليد والعادات، خاصة منها الاجتماعية كالأعراس، العقيقة والختان وغيرها، الشيء الذي يجعله متميزا عن غيره من البلدان.

وتختلف العادات والتقاليد التي تمارسها الأسر المغربية في أعراسها من منطقة إلى أخرى، فالصحراويون لهم طقوسهم الخاصة، ونفس الشيء لمغاربة الجنوب الشرقي ومناطق الشمال وغيرها، وإن كانت الأخيرة جميعها تلتقي في كونها تحتفظ بموروث شعبي مغربي لا مادي تناقلته الأجيال.

ويلاحظ مؤخراً أن هذه العادات والتقاليد بدأت في الإندثار، فعلى سبيل المثال، فالمدة التي يستغرقها حفل الزفاف كانت تتراوح بين خمسة إلى سبعة أيام في العقود الخالية، أما في عصرنا الحالي فقد تقلصت إلى يوم أو يومين على الأكثر، إذا استثنينا بعض المناطق المغربية التي ما تزال متشبثة بعاداتها رغم إكراهات العولمة التي طال تغييرها كل شيء.

الأهازيج والرقصات:

تتعدد طقوس الزفاف المغربي باختلاف المناطق، بدءًا بحفل الحناء إلى الاستعداد النهائي لليلة العمر، هذه الليلة التي تتخللها الموسيقى المغربية، ناهيك عن الرقص التقليدي والزغاريد في جو من المرح والإحتفال.

وتتميز مناطق الشرق بأغاني الراي ورقصة الركادة، وهي أبرز مظاهر التراث في كل من وجدة وبركان، وتتطلب الرشاقة في الحركة وسرعة في التنسيق، وتؤدى على شكل صفوف أو دوائر على أنغام الغايطة وقرع البندير والدربوكة من حين لآخر، إذ يقوم الرجال بالتوقف عن الحركة ثم يبدؤون بدك الأرض بأرجلهم ممسكين بالعصي.

أما إذا اتجهنا نحو الريف، فإن الأعراس هناك تشتهر بأغاني وأهازيج تدعى “إزران”، إذ يتوزع الراقصون إلى قسمين، أربعة أشخاص مقابل أربعة يحملون الدفوف ويرقصون على إيقاعاته، بينما نجد أن طابع الطرب الأندلسي يغلب على معظم الأعراس الفاسية.

ملابس العروس:

تتميز العروس في كل منطقة عن غيرها بزي خاص، مما يخلق تنوعا كبيرا، لكن تبقى الجلابة المغربية، القفطان، التكشيطة والبلغة من الملابس التي لا يمكن الاستغناء عنها، إذ تبقى حاضرة في المناسبات بجميع المناطق المغربية دون استثناء، فضلا عن الزي المخصص للعريس والذي يتكون أيضا من جلابة، بلغة وطربوش، وأحيانا أخرى ‘كندورة”.

وتعتبر “اللبسة الفاسية” أحد رموز تقاليد العرس المغربي الموروثة أبا عن جد، إذ تتميز بتعدد الاكسسوارات الراقية والعصرية، لكنها تعد ثقيلة من حيث الوزن ومع ذلك لا تستغنى عنها العروس الفاسية أو المغربية بشكل عام ليلة زفافها.

ويمتلك أهل الريف وسوس نفس الزي التقليدي للعروس والذي يكون عبارة ثوب أبيض أو أسود وغالبا ما تلبسه العروس باللون الأبيض مزين بتطريزات، مع حلي ومجوهرات ذات حجم كبير من الفضة.

ليلة الحناء:

وفي صبيحة ليلة الحناء تتوجه العروس وصديقاتها بالزغاريد والأهازيج نحو حمام ‘الحومة”، لتدلل نفسها وتستخدم في ذلك العديد من المنتوجات الطبيعية كالغاسول والحناء، الشيء الذي يزيد من جمالها ويضفي عليها نوعا من البريق، في حين تبقى الأم في المنزل لتحضير هدايا للمدعوين والتي تكون عبارة عن حقيبة صغيرة أو علبة تحتوي على الحناء وأحيانا قطعا من الحلوى والشوكولاتة.

وليلة الحناء بالنسبة للعروس هي ليلة استثنائية، تجتمع فيها نساء العائلة وصديقاتها المقربات، إذ يغنين مع أنغام الموسيقى في جو من المرح والضحك.

وترتدي العروس في الليلة ذاتها ثوبا أخضر عبارة عن قفطان أو عن تكشيطة بسلهام، وتأتي صديقتها لوسط الحفل بصينية تتوسطها الحناء، مزينة بالشمع والورود، لتتفنن “النقاشة” في تزيين كفيها وقدميها بالحناء.

ليلة الزفاف:

غالبا ما ينتهي الفرح بليلة كبيرة تم التحضير لها قبل عدة أيام، يتم فيها عقد القران، بعدها تبدأ النكافة بتحضيرالعروس لتطل على الضيوف بأبهى حلة، إذ تجلس بين الحضور في “البرزة” وذلك لالتقاط الصور مع المدعوين والعائلة، ليتم في آخر الحفل تقديم أطباق مغربية مميزة ومتنوعة كالبسطيلة، الدجاج، اللحم المشوي وغيرها من الأطباق المعروفة حسب المناطق، فضلا عن الحلويات المتنوعة والتي يعتبر وجودها من الأساسيات ككعب غزال، الفقاص وغريبة البهلة.

في آخر الحفل تتوجه العروس إلى منزلها المستقبلي، حيث تستقبلها أم العريس مقدمة لها التمر والحليب كعربون ترحيب لها بانضمامها إلى الأسرة.

vous pourriez aussi aimer