الأوراش الصحية: 10 تحديات لمواجهة المخاطر وكيفية تجنبها
عدد الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، عشر تحديات لتجنب المخاطر التي تواجه الأوراش الصحية، وكيفية التوقع والعمل لتفاديها.
وقال حمضي، في ورقة توصلت مجلة سلطانة بنسخة منها، إنه بعد مراجعة المنظومة الصحية وتعميم التأمين الإجباري عن المرض، والتي خُصصت للتشريع والتقنين والتأطير الإداري، والتي تسير بسلاسة إلى حد اليوم، فإن المخاطر التي تواجه الأوراش الصحية لن تتأخر في الظهور على السطح.
وذكر أن هذه الأوراش، التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تشكل أساس التغطية الصحية الشاملة، هي بمثابة رؤية لثورة اجتماعية لمغرب جديد، مسجلا أنه لم يعد ينظر إلى الصحة كقطاع اجتماعي فحسب، بل أيضا كرافعة هامة للتنمية ولمغرب جديد صاعد وواعد.
وشدد على أنه مشروع اجتماعي في حاجة إلى التزام وتعبئة الجميع،وخص بالذكر الحكومة، والمشرعين، والمؤسسات الحكومية المعنية، والمقاولات، وصناديق التأمين عن المرض، والنقابات، والمهنيين الصحيين، والمواطنين المؤمنين والمستفيدين.
وفي هذا الصدد، أبرز بعض الأمثلة والافتراضات عن المخاطر المحتملة، وهي كالتالي:
● مواطنون/ مؤمنون يتوقفون بكثافة عن المساهمة بسبب غياب الحماس أو التحفيز أو الثقة أو الاقتناع أو الرضا.
● مواطنون مؤمنون ومنتظمون، لكن لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية التي يحتاجونها بسبب عدم قدرتهم على تقديم مصاريف النفقات الصحية في انتظار استردادها. وهي حالة غالبية المغاربة.
● مواطنون، على الرغم من تأمينهم الصحي، غير قادرين على الحصول على الرعاية اللازمة لعدم توفر العرض الصحي في المكان أو الزمان الملائمين أو مفتقر للجودة.
● مهنيون صحيون غير منخرطين أو غير مشاركين في الحكامة والتدبير الرشيد للمنظومة وفي التوازنات المالية بسبب عدم وجود التحفيزات أو الثقة أو التفاهم المتبادل مع صناديق التامين.
● استمرار ضعف جاذبية القطاع العام ولا يلعب دوره كقاطرة للمنظومة وخدماتها الأساسية.
● قطاع خاص غير مُدْمَج أو غير مساهم بسبب غياب الدافع والتحفيز والمفاوضات الجيدة أوالتعريقة المرجعية الغير الملائمة.
● توازنات مالية مختلة لعدم وجود حوكمة أو مشاكل تدبير صناديق التأمين.
هذه السيناريوهات المحتملة جدا في البداية، يضيف حمضي، من شأنها أن تؤدي إلى اختلال التوازن إذا لم يتم اتخاذ تدابير استباقية، معتبرا أن المنظومة يمكن أن تكون متأنية، لكن المستفيدين لا يستطيعون تقديم تضحيات دون نتائج ملموسة أو على الأقل الإحساس بقربها.
وللتغلب على هذه المخاطر، سجل الخبير أنه يجب مواجهة بعض التحديات، ومن أهمها وأكثرها إلحاحا العشر تحديات التالية:
1. مصالحة المغاربة مع منظومتهم الصحية: تحسين جودة الخدمات والعلاقة بين المواطنين/والمنظومة الصحية بطريقة واضحة ، ملموسة وسريعة، من خلال تحسين من حوكمة القطاع العام، وتنظيم القطاع الخاص، وضمان العدالة الترابية، وإزالة أوجه عدم الإنصاف في الحصول على الخدمات الصحية، وتعزيز الحكامة والشفافية.
2. بناء الثقة: يعتمد التامين الصحي على التضامن والتوازنات التي تتطلب إشراك وثقة المواطن/المؤَمن ، وانخراط المهنيين الصحيين وممثليهم، أخصائي الرعاية الصحية وممثليهم، ، وإيصال هذه الرغبة في التغيير ، وشرح أهمية المشروع وإسقاطاته الفردية والجماعية المتوقعة، وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد.
3. نساء ورجال ذوو مصداقية: جعل إرادة التغيير هذه ملموسة على أرض الواقع ومن خلال مؤسسات التدبير وإسناد المهام والهياكل إلى شخصيات معروفة بخبرتها وكفاءاتها التقنية ونزاهتها ومصداقيتها للتدبير الجيد ولبناء الثقة.
4. جاذبية القطاع العام: الصحة خدمة عمومية. تعزيز وتحسين القطاع العام، وتشجيع القطاع الخاص غير الربحي، وتحفيز وتنظيم القطاع الخاص الربحي.
سيظل القطاع العام هو العمود الفقري للمنظومة الصحية، خلال الأزمات الصحية،ومن أجل العدالة الاجتماعية، وكدا الرافعة الأساسية للتغطية الصحية الشاملة. هده الجاذبية ستجلب أعدادا متزايدة من طالبي الخدمات الصحية المؤمنين وبالتالي المزيد من الموارد المالية والمزيد من الجودة.
5. سلة العلاجات التضامنية: لا يمكن لنظام التامين الإجباري عن المرض الادعاء بأنه قادر على تقديم كل الخدمات وجميعها وفي جميع الظروف لجميع المستفيدين ، ولكن يجب أن يضمن الحق في الرعاية الصحية الأساسية ذات جودة وبإنصاف للجميع، ويمكن تمويل الخدمات التكميلية بطرق أخرى. ولذلك من الضروري تحديد سلة العلاجات التضامنية وسبل الاستفادة منها بطريقة منصفة ومستدامة. وينبغي أن يكون القطاعان العام والخاص الغير ربحي على استعداد للاضطلاع بهذه المهمة، مع تشجيع القطاع الخاص الربحي على التعاون لتقليل العبء والمصاريف المتبقية على كاهل الأسر.
6. الرعاية الصحية الأولية: تعتمد الأنظمة الصحية الناجحة على الوقاية والتربية الصحية، وتشجيع نظام الحياة الصحي، والرعاية أو العيادة الخارجية، والرعاية الأولية، وتعزيز الاستشارة الطبية ومسار لعلاجات، والمستشفى النهاري، والاستشفاء في المنزل، بدلا من نظام يركز ويتقوقع على المستشفى.
كل تأمين صحي يعطي الأولوية للمراحل المتأخرة من الأمراض بدل التركيز على الوقاية والتكفل المبكر بالأمراض محكوم عليه بالفشل.
7. توسيع الاستفادة من الطرف الثالث المؤدي: إعادة تعريف التضامن وإنهاء التضامن المقلوب. صندوق المقاصة المخصص لدعم الفقراء يخدم الأغنياء أكثر من الفقراء. يساهم العديد من أجراء القطاع الخاص المؤمنين من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي شهريا دون أن يتمكنوا من الاستفادة فعليا من الرعاية الصحية بسبب انخفاض الدخل (ثلثاهم يتقاضون أقل من الحد الأدنى للأجور)، و عدم وجود نظام الطرف الثالث المؤدي في الخدمات الصحية الغير استشفائي من استشارات طبية وأشعة وتحاليل وغيرها. ومن ثم فإن الأقل دخلا يمولون نظاما لا يستفيدون منه، بل يستفيد منه أصحاب الدخول الأعلى، مما يدفع البسطاء للتخلي عن طلب وولوج الرعاية الصحية، مما ينسف كل الجهود.
8. الموارد البشرية: إن النقص في المهنيين الصحيين من أطباء وممرضين وغيرهم جلي بالفعل ، ويتفاقم بسبب هجرة الكفاءات الطبية إلى الخارج ، وبسبب التحول الديمغرافي والوبائي نحو الشيخوخة والأمراض المزمنة الذي يتطلب المزيد من الرعاية ، وتعميم التأمين عن المرض الذي يضع مزيدا من الضغط على المنظومة ، والدور الذي يجب أن تلعبه الصحة اليوم كعماد للتنمية.
تكوين المزيد من المهنيين، وتحسين الأجور والدخل وظروف العمل، والتكوين المستمر والتطوير الوظيفي للتحكم في تدفق الهجرة. تحفيز عودة الكفاءات الطبية المغربية بالخارج، بشكل نهائي أو مؤقت وجزئي، مع المساهمة في تعزيز النظام الصحي المغربي من بلدان إقامتهم حاليا من خلال عدة قنوات وأوجه.
9. الإنصاف: المساهمة في تمويل النظام كما الاستفادة من خدماته، يجب أن يخضعا لقواعد الإنصاف من أجل ديمومة المنظومة. مقاربة قائمة على حقوق الإنسان تأخذ في الاعتبار احتياجات الجميع (الجهات المختلفة والخريطة الصحية، القرى، النساء، الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، كبار السن، الفقراء، الأمراض النفسية، الخ)
10. الرقمنة: تسريعها وتعميمها والتغلب على التردد والمقاومة.