سلطانة

قصبة الأوداية…حصن تجتمع فيه هوية العاصمة ومجد التاريخ

وأنت تتجول في الأزقة الضيقة بالحي السكني لقصبة الأوداية، تشعر وكأنك في مدينة شفشاون فالمنازل غارقة في الزرقة والبياض، ما يجعلها مدينة أطلسية بامتياز، إضافة لأبوابها التقليدية العريقة التي تختزن بين تفاصيل نقوشها حكايات وقصص من تاريخ مضى، أما القلعة التي تقع فوق صخرة تطل على مصب أبي رقراق، فهناك حيث تتجلى هوية العاصمة وروعة المعمار ثم عظمة التاريخ.

يعود تاريخ قصبة الأوداية إلى ما قبل تأسيس الدولة الموحدية في المغرب، حيث وضع أولى لبناتها يوسف بن تاشفين، حين أمر سنة 1140، ببناء قصر “بني تاركة”، لوقف توسع الدولة البرغواطية الأمازيغية.

وفي عام 1150، أمر الخليفة الموحدي عبد المومن بن علي بتشييد قلعة تحمي المغرب من الأطماع الأجنبية، فجعل منها الموحدون رباطاً على مصب نهر أبي رقراق، وأسموها “المهدية” نسبة إلى الزعيم الروحي للموحدين “المهدي بن تومرت”.

وما إن سقطت الدولة الموحدية حتى فقدت القلعة بريقها وتوهجها، فسكنها الموريسكيون الهاربون من بطش الملك فرديناند والملكة إيزابيلا، بعد انهيار الحكم الإسلامي بشبه الجزيرة الإيبيرية، وحرصوا على نقل ثقافتهم وفن العمارة والنقوش الأندلسية إلى مساكنهم.

وعرفت قصبة الأوداية مجموعة من التغييرات والإصلاحات بعد قدوم العلويين، بين الفترة الممتدة من 1757 إلى 1792، فقاموا بمد الأسوار نحو الجنوب الشرقي، ورمموا “برج الصراط”، كما تم في عهد المولى الرشيد (القرن 17)، بناء حديقة أندلسية وسط القصبة، إضافة إلى إحاطتها بسور، وتزال إلى حدود الآن وجهة لمن يبحث عن الخضرة والاسترخاء.

هذا الخليط التاريخي والثقافي، جعل من قصبة الأوداية مكانا يشعل في فؤاد من يقصده حنينا للماضي، لاسترجاع عظمة وبسالة أجدادنا الذين كتبوا لمدينة الرباط وللأوداية خاصة، تاريخا نستنشق نسماته كلما لمحنا جدارن القصبة القوية، وأبوابها الكبيرة وأبراجها العالية.

بقلم الصحافية المتدربة أمينة مطيع

vous pourriez aussi aimer