فاس تعيش على إيقاع مهرجانها الثاني للدبلوماسية وفنون الطبخ

تحتضن مدينة فاس حاليا مهرجانها الثاني للدبلوماسية وفنون الطبخ الذي يقام تحت شعار ” دبلوماسية المائدة في حوض البحر الأبيض المتوسط.. وصفات زرياب”.

وتفتح الدورة التي رفع ستارها أمس الخميس ، من خلال الاحتفاء بفنون المائدة وإبداعات الوصفات العالمية في مجال الطبخ ، حوارا بناء ومثمرا بين الموروث الثقافي والحضاري لفنون الطبخ والمائدة بالمغرب بمكوناته العربية والأندلسية والأمازيغية والعبرية، مع التقاليد والعادات العريقة لهذه الفنون من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا.

واعتبر المنظمون في افتتاح الدورة التي تستمر حتى ال30 أبريل الجاري، أن المهرجان يقوم على تصور مطبوع بالأصالة يضع فنون الطبخ في صلب الحوار والتبادل الثقافي، مضيفين أنه أصبح موعدا سنويا في زمن ربيعي يجمع مختلف الثقافات المتوسطية والثقافات المشتركة حول “مائدة مستديرة”، غايتها الفضلى خلق حوار بين ضفتي المتوسط.

وحسب السيد فوزي الصقلي رئيس وكالة الهندسة الثقافية (برشمان كونسيبت) التي تنظم المهرجان، فإن هذا الحدث يمثل مقاربة من أجل تقديم الطبخ المغربي والتعريف به في علاقاته مع أشكال الطبخ الأخرى في باقي بلدان العالم. وقال إن هذه إحدى المقاربات “الدبلوماسية” للمهرجان.

وأبرز السيد الصقلي إن عدة بلدان أصبح لديها وعي برهان الدبلوماسية الثقافية، مشيرا إلى أن فرنسا ، عبر وزارة الشؤون الخارجية ، سخرت إمكانيات كبيرة من أجل جعل الطبخ أحد مجالات دبلوماسيتها، شأنها في ذلك شأن البيرو التي حققت نتائج مهمة بهذا النوع من الدبلوماسية.

وأوضح أن المغرب لا يتوفر فحسب على موروث في الطبخ ذات صيت عالمي، بل يملك ، منذ عقود ، خبرة متميزة على مستوى ما يسمى ب”الحكامة المتثاقفة”، مضيفا أن ذلك “جعل المملكة تطور هوية حية، تعددية، متحولة ومتجددة مع بقائها منفتحة على مجموع ثقافات العالم”.

وحرص السيد فرانسيسكو بيسانو مدير الشؤون الثقافية بمنظمة الأمم المتحدة بجنيف على التأكيد ، من جهته ، أن الدبلوماسية الثقافية ظلت دوما ممارسة مهمة بين دولة ودولة وشعوب العالم، مشددا على أن فن الطبخ شكل أحد محاور هذه الممارسة.

وتابع السيد بيسانو أن دبلوماسية فن الطبخ موكول إليها مهام تحقيق السلم ورفاهية الإنسان في شتى بقاع العالم، لاسيما في الظرفية الحالية المتسمة بالنزاعات وأزمة الهجرة، معتبرا أن مهرجان فاس يتماشى مع قيم الأمم المتحدة.

وخلص إلى أن هذا المهرجان يبرهن للمرة الثانية على أن المطبخ قادر على لم الرجال والنساء، وأنه فرصة سانحة للتأمل وأيضا لتقاسم المعرفة.

وتعرف الدورة الثانية من مهرجان فاس للدبلوماسية وفنون الطبخ مشاركة العديد من الطباخين والمتخصصين المنتمين لدول حوض البحر الأبيض المتوسط، والذين سيقدمون ابتكاراتهم ووصفاتهم في المجال لمختلف المشاركين والزوار.

ويرتكز هذا الحوار والتلاقي وتقاسم الخبرات والتجارب بين الطباخين المتخصصين بالمغرب وبلدان الحوض المتوسطي على استلهام ما خلفته رحلات الفنان الكبير زرياب، مؤسس الموسيقى الأندلسية والذي راكم إبداعات وعادات غنية ومتنوعة في فنون المائدة والطبخ لا تزال نكهتها حية إلى اليوم وتنعكس في الوصفات التي يبدعها الطباخون المهرة بضفتي المتوسط.

وتتميز هذه التظاهرة التي تحضرها أسماء وشخصيات معروفة على الصعيد العالمي باهتمامها بفنون الطبخ وأسرار المائدة، بعقد لقاءات وندوات وعرض أشرطة وأفلام مع تنظيم معارض وحفلات عشاء تخصص لفتح حوارات ونقاشات بين المشاركين حول مجمل القضايا والمواضيع التي تهم حاضر ومستقبل بلدان المنطقة.

ويروم المهرجان بالأساس الاحتفاء بالثقافات المتوسطية وبخصوصياتها ومكوناتها خاصة في مجال فن الطبخ وأسرار المائدة، وذلك بهدف تثمين الموروث التاريخي والحضاري لضفتي المتوسط والاحتفاء بالمشترك بين هذه الثقافات مع تكريس حوار عميق وبناء بين مختلف أبناء الضفتين.

Comments (0)
Add Comment