اليوم العالمي للجاز… مناسبة لتسليط الضوء على فن وحد شعوب العالم وكسر حاجز العنصرية

لم تكن الشهرة الواسعة التي اكتسبتها موسيقى الجاز في القرن الماضي مجرد موضة موسيقية هيمنت على أنواع فنية أخرى، بل كانت أحد الأشكال التعبيرية التي رافقت صرخات الأمريكيين السود في ثورتهم للمطالبة بحقوقهم المدنية.

لقد كان انتشار الجاز في البداية بمثابة ثورة على العنصرية وأحد الطرق التي سلكها الأمريكيون من أصل إفريقي للتحرر من العبودية والحصول على حقوق متساوية، إذ استطاعوا بفضلها أن يغيروا تصورات البيض حول أصحاب العرق الأسود، وينتجوا عباقرة وروادا من قبيل، لوي أرمسترونغ، وبادي بولدن وديوك إلنجتون.

وتمتزج في موسيقى الجاز، كصنف فريد من أصناف الموسيقى نشأ في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، عدة تقاليد موسيقية أفريقية وأوروبية. وإضافة إلى ذلك، شكلت هذه الموسيقى أحد المنابر الأولى لتمكين المرأة وحرية التعبير، وهي تعتبر مثالا على القوة التحويلية لهذا الحق الأساسي من حقوق الإنسان. وأثبت هذا النوع الموسيقي في القرن العشرين أنه لغة عالمية موزعة على جميع القارات تؤثر على أصناف أخرى من الموسيقى وتتأثر بها، وتتطور بوصفها قوة ثقافية موحدة لهواة الجاز في شتى أنحاء العالم، من دون تمييز بين الأعراق أو الأديان أو الأصول القومية.

كما وفرت موسيقى الجاز للكثير من النساء الحوافز والفرص اللازمة لتجاوز دورهن التقليدي الذي حدده لهن المجتمع، وشكلت قوة دافعة لحركة تحرر المرأة في الولايات المتحدة الأمريكية، وساعد أيضا على توفير فرص عمل للنساء في قطاع الموسيقى، ومكنهن بوجه خاص من مزاولة مهنة الغناء بعد أن كانت الموسيقى الشعبية برمتها تقريبا حكرا على الموسيقيين الذكور قبل عشرينيات القرن العشرين.

وقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) عن اختيارها هذه السنة عاصمة كوبا “هافانا”، لاستضافة الدورة السادسة من المهرجان العالمي للجاز باعتبارها عاصمة نابضة بالحياة والتنوع الثقافي، الذي يحتفي بالجاز بوصفه شكلا دوليا من أشكال الموسيقى والتعبير عن ثقافات الشعوب.

وفي هذا السياق، قال هيربي هانكوك، سفير النوايا الحسنة لليونسكو، “لعبت موسيقى الجاز الكوبية الإفريقية وتاريخها الغني دورا محوريا في تطور وإثراء جيل كامل من موسيقى الجاز “، مؤكدا أن ” التركيز هذا العام على كوبا يعد شهادة على قدرة موسيقى الجاز على بناء الجسور وجمع الرجال والنساء معا حول القيم والآمال المشتركة “.

وسيعرف هذا المهرجان مشاركة كبار النجوم العالميين، من شتى بقاع العالم، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل وروسيا وكوبا وإيطاليا وألمانيا والمكسيك وفرنسا والصين واليابان ولبنان وتونس . وعلى الصعيد الوطني، يحتفي المغرب بهذا النوع الموسيقي من خلال احتضان مدينة الدار البيضاء في كل سنة، لمهرجان خاص بموسيقى الجاز، المعروف تحت اسم (جازابلانكا)، وهو مهرجان يستضيف نخبة من أبرز الفنانين العالميين المبدعين في هذا النوع الموسيقي.

ويؤرخ هذا المهرجان، الذي دخل هذه السنة في نسخته ال12، لمرحلة جديدة في مسار هذا الفن ، بالنظر للأسماء اللامعة التي يستضيفها، وجودة برمجته و إشعاعه الاعلامي، إذ أصبح حاليا من التظاهرات الفنية المتميزة التي تشهدها الدار البيضاء .

يذكر أن اليوم العالمي للجاز، الذي يصادف 30 أبريل من كل سنة، يسلط الضوء على الطاقة الكامنة في هذه الموسيقى بوصفها محركا للحرية والإبداع ومحفزا للحوار بين الثقافات من خلال الاحترام والتفاهم، فضلا عن أن هذا النوع من الموسيقى يوحد الشعوب في جميع أقطاب المعمور. وتهدف اليونسكو من وراء الاحتفال بهذا الصنف من الموسيقى إلى تعزيز الوعي على الصعيد الدولي بضرورة الحوار بين الثقافات والتفاهم، وتعبئة الأوساط الفكرية وصانعي القرار وأصحاب المشاريع الثقافية والمؤسسات الثقافية والتعليمية ووسائل الإعلام من أجل تعزيز القيم المرتبطة بموسيقى الجاز وتعزيز التعاون الدولي والاتصال في مجال موسيقى الجاز.

Comments (0)
Add Comment