“دلاس” واقع السينما في قالب كوميدي

بعد تمكنه من الفوز بجائزتي أحسن تمثيل (إناث لأمال الأطرش وذكور لعزيز داداس)، من المهرجان الوطني للفيلم في دورته الأخيرة، يخرج فيلم “دلاس” للمخرج محمد علي مجبود إلى القاعات السينمائية ابتداء من 24 فبراير الجاري.

في القاعات

وقال منتجو الفيلم، في تصريحات خاصة إن “دلاس”، الذي قدم عرضه ما قبل الأول يوم 16 فبراير بـ”ميكاراما” الدرالبيضاء بحضور مخرجه وأبطاله.

“دلاس” هو الفيلم السينمائي الجديد لـ”إيماج فاكتوري” بعد “الطريق إلى كابول”، الذي تمكن من تحطيم الرقم القياسي المغربي لشباك التذاكر بأزيد من 300 ألف مشاهد بعد عرضه على مدى 120 أسبوعا (أكثر من ثلاث سنوات متتالية)، في القاعات السينمائية المغربية، وهي أطول مدة يحققها فيلم مغربي، خلال العقد الأول من الألفية الثالثة.

وأبرزوا أنهم يتطلعون إلى أن يتصدر “دلاس” قائمة شباك التذاكر وإعادة الجمهور إلى القاعات السينمائية، خصوصا أنه من بطولة ثلة من أبرز الممثلين المغاربة مثل عزيز داداس أحد أهم أبطال “الطريق إلى كابول”، وآمال الأطرش، وكمال كاظيمي المعروف بـ”حديدان” وإدريس الروخ، وزينب سمارة، ومحمد كافي، وسعاد العلوي، وعصام بوعلي وآخرين، كما أنه أول فيلم مغربي يبرز المؤهلات السينمائية التي تتوفر عليها “هوليوود المغرب” ورزازات، حيث صورت أغلب مشاهده في استوديوهات شهدت تصوير أشهر الأعمال العالمية.

واقع السينما المغربية على الشاشة

“دلاس” أول تجربة سينمائية طويلة لمحمد علي مجبود بعد إخراجه سلسلة من الأعمال التلفزيونية الناجحة (ساعة في الجحيم، ودار الضمانة)، تتمحور أحداثه حول واقع السينما بالمغرب، من خلال تسليط الضوء على المتطفلين من المنتجين، الذين لا هم لهم سوى مصالحهم الشخصية، دون الاهتمام بتطوير السينما.

مخرج سينمائي يعيش عطالة مؤقتة، وأزمة مالية خانقة، بسبب غياب منتجين حقيقيين وكتاب سيناريو محترفين، بعد تألقه في سنوات خلت حصل خلالها على جوائز مهمة جعلت منه مخرجا ناجحا في فترة من الفترات.

مع اشتداد الأزمة يفتح أحد الأثرياء الباب أمام المخرج “الهواري” الملقب بـ”دلاس”، طالبا منه إخراج فيلم يتناول السيرة الذاتية لوالده الراحل.

بعد تردد يضطر “دلاس” لقبول العرض، لتحقيق حلمه في العودة إلى الأضواء وإخراج فيلم العمر، ولو مع منتج انتهازي (إدريس الروخ) يسعى إلى تلميع صورته وصنع تاريخ مشرف لوالده الذي اغتنى بطريقة غير مشروعة.

مع بداية التصوير تبدأ المشاكل، برفض البطل (عصام بوعلي) وهو فنان عالمي اختاره المنتج لتقمص شخصية والده، تعليمات المخرج، وبعد مشاداة كلامية يموت الممثل ليبدأ مسلسل من التحديات لاستكمال الفيلم ولو بجثة البطل، مستعرضا الاستغلال البشع الذي يتعرض له الممثلون.

في جو متوتر يعرض الفيلم الضغط النفسي، الذي يتعرض له المخرج أثناء عمله، كما يسلط الضوء على معاناة المشتغلين بالحقل السينمائي (ممثلين وتقنيين)، أمام تسلط وجهل المنتج الجاهل (مول الشكارة)، الذي لا هم له سوى تلميع صورة عائلته الانتهازية بفيلم سينمائي، في وصف دقيق لمشاكل الإنتاج في غياب صناعة سينمائية حقيقية.

نهاية مستحيلة للفيلم

بعد أمجاد سينمائية عاشها في فترة من الفترات، وفي غمرة تنفيذه للفيلم، الذي انتظره طويلا وعلق عليه كل آماله، يفقد “دلاس” بطله الممثل المتعجرف (عصام بوعلي) فيضطر إلى إكمال الشريط بالطريقة التي يريدها مهما كلفه الأمر بمساعدة سكرتيرته (أمال الأطرش) التي أبانت عن إمكانات عالية في التمثيل، وسكرتير المنتج (كمال كاظيمي)، الذي سيكتشفه الجمهور بشكل جديد.

في “دلاس” لا نشاهد فيلما عن صراع مخرج لصنع فيلم فحسب، بل نشاهد فيلما كان المخرج محمد علي مجبود يجاهد لصنعه، وأن عنوان هذا الفيلم هو “دلاس”.

“دلاس” ليس فيلم عن السينما فقط، إنه فيلم عن الفيلم الذي هو نفسه عن السينما، إنه ليس فيلما لمخرج فحسب، بل فيلما عن مخرج يعكس ذاته في فيلمه، ومن ثمة فإن المخرج علي المجبود منعكس في شخصية بطله “دلاس” الهواري، الذي مثل مجهوداته في صنع فيلم عن معاناة كل المشتغلين بالسينما.

ورغم أن صراعات المخرج / البطل “دلاس” قد تكون مستحيلة الحل في الحياة، فإن بالإمكان توجيهها ومواجهتها، وحتى حلها في ظل المدار الساحر للسينما.

تبدو نهاية الفيلم غير معقولة أو مستحيلة، لكنها تنجح على نحو رائع كنهاية أو خاتمة لحكاية خيالية ذاتية الانعكاس في سينما الفن الحداثية.

شهادة ميلاد مخرج واعد

تسجل السينما الكوميدية المغربية حضورها هذه السنة في القاعات من خلال فيلم المخرج محمد علي مجبود “دلاس”، الذي وصفه عدد من النقاد بالفيلم، الذي تطرق إلى مشاكل السينما المغربية، من خلال موضوع متميز، وتقنيات عالية تجلت في جودة الصورة، والإضاءة، والأداء الجيد للممثلين، خصوصا بطل الفيلم عزيز دادس الذي أبان عن مواهب عالية في التمثيل.

وأوضح المخرج محمد علي مجبود أن الفضل في نجاح الأعمال التي تنتجها “إماج فاكتوري” يعود إلى توفير الإمكانات التقنية المتطورة والمادية لصناعة أفلام تعتمد على عناصر الفرجة، بعيدا عن المشاهد المستفزة التي لا تحترم ذكاء المشاهد، مشيرا إلى أن “دلاس” فيلم يسلط الضوء على مشاكل الفن السابع بالمغرب في قالب كوميدي مشوق.

وفي حديثه عن أجواء التصوير وفكرة الفيلم، قال علي مجبود إن فكرة الفيلم أصلية، وأن السيناريو كتب بمساعدة الممثلين، الذين كان لهم الفضل في نجاح التجربة السينمائية الأولى في مسيرته الفنية.

[soltana_gal id=”25554,25556,25557,25559,25560″]

Comments (0)
Add Comment