الكوتش زينب الزاوي: دورات التنمية البشرية ليست العصا السحرية.

يختلف كثير من الناس حول دور دورات التنمية البشرية وتطوير الذات في وضع حد لمشاكل الناس وهمومهم، إذ يؤكد البعض أن هذه الدورات لعبت دورا كبيرا في تغيير حياتهم العملية والاجتماعية بشكل جذري نحو الأفضل، بينما يضيف آخرون ان هذه الدورات ترسم واقعا نرجسيا و ان مفعولها ينتهي بمجرد انتهاء الدورة. في حوار أجرته “سلطانة” مع زينب الزاوي مدربة في البرمجة اللغوية والعصبية والتنمية البشرية معتمدة من أكاديمية اكسفورد البريطانية حول “علم” التنمية البشرية ودورات تطوير الذات تحدثت فيه عن هذا الأخير وعن فائدة تكوينات البرمجة العصبية وتنمية الذات…

ما تعريف التنمية البشرية كمفهوم حديث؟

العبارة مكونة من كلمتين اثنتين، الكلمة الأولى و هي “التنمية” و تعني الزيادة بشكل مدروس و مفيد و الكلمة الثانية “البشرية” هي ما يتعلق بالإنسان و البشر.
التنمية البشرية هي مجموعة من العلوم التي طورت من اجل الارتقاء بقدرات الإنسان للمستوى الذي يستطيع فيه ان يتعامل مع نفسه ومع محيطه بصورة و بطريقة تفيده في عمله و في حياته الشخصية والاجتماعية. فالثقة بالنفس و التفكير الإيجابي و الإبداعي و مهارات فن الإتصال والتفوق الدراسي والوظيفي و أنواع القراءات و استخدام قدرات الإنسان اللامحدودة كل هذه و اكثر تعتبر تنمية بشرية.

اصبح الكثير يعلنون عن انفسهم كمدربين في التنمية البشرية، ويجنون أموالا طائلة من وراء ذلك، ما تعليقك على هذا الأمر؟

لا اختلف معك ان هناك من يحترف التدريب من اجل جني المال، وأنا ارجع السبب الاول الى جهل تلك الفئة لأهداف التنمية البشرية المتمثلة أصلا في الرفع من مستوى أداء الاشخاص وبالتالي فالسعي نحو المال سيؤثر سلبا على جودة مادتهم التدريبية. السبب الثاني مرتبط بالتسويق لعلم التنمية البشرية، اذ ان اغلب من يسمعون بها سواء تعلق الامر بالمستهلكين لها والباحثين عن تلقي دورات تدريبية بها، يعتقدون انها تأتي بالحلول الجاهزة لمشاكلهم، في حين ان هذا الميدان يجعلهم فقط يكتشفون ذواتهم ويمنحهم وسائل واليات للعمل على تقويتها وتقويمها، وأرى ان من يجنون الأموال يستغلون هذه النقطة لصالحهم.

كمتخصصة هل ترين أن له مقدرة فعليه لإحداث التغيير اذا تم الأخذ به فعليا ؟

طبعا، فهو منهج وكل منهج ينبني على اسس علمية محضة، وبما انني أؤمن بالتغيير كحقيقة قائمة بذاتها، فإن الأصل في التنمية البشرية هو أحداث هذا التغيير…وإلا لماذا تم اللجوء اليها بعد الحرب العالمية الثانية؟
والقصد هنا ان كل اهتمام بحاجيات مجتمع او افراد، يمنحنا فرصة للإطلاع على المجالات التي يمكننا كحاملي مشعل التغييران نتدخل فيها وان نرقى بها. ومن هذا المنطلق يمكننا خلق وتطوير تفاعل ايجابي بين كل أطراف المجتمع، الفرد والجماعة المؤسسات الاجتماعية والحكومية…

ما مدى ثقة الجمهور بعلم التنمية البشرية؟ ولماذا هناك تشكك لدى كثير من الناس حول قدرة التنمية البشرية على إحداث التغيير؟

ارتبط مفهوم التنمية البشرية للأسف لدى العرب بالدكتور ابراهيم الفقي كمرجعية لهذا العلم…وكل ما ورد على لسان مدرب (ة) تنمية بشرية لا يوافق ما ترجمه هذا المرحوم يعتبر لاغيا او خاليا من المصداقية…وهو ما يفقد هذا العلم هويته التي استمدت أصلا من الثقافة الأنجلوساكسونية.
وأظن ان هذا التشكيك نابع من كيفية تناول مدربي التنمية البشرية للمواضيع حيث يقتصرون على محتويات كالبرمجة اللغوية العصبية او التنويم بالإيحاء او العلاج بخط الزمن…ليستهلكها المتلقي كعلاج (على اعتباران السائد هو ان كل من يلجأ للتنمية البشرية يعاني من خلل ما)…وليس كوسيلة لتحقيق التغيير.

لماذا في رأيك لا يدرس علم التنمية بشرية في المدارس والجامعات اذا كان بالفعل بهذه الأهمية ويستطيع تغيير الكثير للأفضل؟

حري بواضعي المناهج الدراسية ان يأخذوا علم التنمية البشرية بعين الاعتبار…فلا يكفي تلقين الدروس للطالب دون ان نمنحه فرصة لاكتشاف ذاته وتطوير مهاراته كي يتحول من مجرد مستهلك للمعرفة الى منتج لها، وأقول هنا ان كل من تبنى فكرة التغيير و امتلك شيئا من بعد النظر… خاصة فيما يتعلق بالسياسات التربوية فسيكتشف ضرورة إدماج البعد البشري داخل المنظومة التعليمية التعلمية.

كم نسبة الاستجابة والتغيير -تقريبا- التي حدثت بالفعل والتي قد تحدث اذا تم الاقتناع بالتنمية البشرية واذا تم تطبيقها في الحياة العملية؟

التغيير سيرورة زمنية لا تجنى ثمارها بين عشية وضحاها…وعلى هذا الأساس لا يمكننا التحدث عن نسبة او رقم معين أحدثته او قد تحدثه التنمية البشرية داخل المجتمع، لأنها حديثة العهد به اولا فضلا عن افتقار المدربين لآليات تمكنهم من ملامسة دقيقة لمستوى التغيير، إلا انني سأدرج هنا مثالا حيا وعمليا أصبحت جل الألسنة تتداوله خاصة داخل نطاق الجمعوي… وأظن ان لعلم التنمية البشرية علاقة وطيدة بذلك. فبعد ان كان عمل جمعيات المجتمع المدني مبنيا على المقاربة الإحسانية… نرى انها تتحدث اليوم عن مصطلح “دعم القدرات” سواء تعلق الأمر بنساء او شباب او معاقين…وأصبحت تميل الى أحداث شكل من اشكال التغيير السلوكي وتحويل تلك الفئات من افراد مستهلكين الى قيمة إنسانية إنتاجيه مضافة.

التنمية البشرية يراها البعض وكأنها الخلاص للبشرية من همومها وأحزانها … مارأيك في ذلك ؟

التنمية البشرية تحفز على سبر أغوار الذوات ولا تأتي أبدا بحلول جاهزة…كما اني لا اعتبرها العصا السحرية الكفيلة بخلاص البشرية من همومها واحزانها… لاعتقادي الراسخ ان لا وجود لتنمية بشرية حقيقية في غياب الاهتمام بعمق الإنسان ومختلف محدداته الاجتماعية الاقتصادية والإنسانية…

في رأيك ما المعوقات التي تواجه علم التنمية البشريه أو القائمين على تدريب هذا العلم؟ أو بمعنى آخر ماهي متطلبات هذا العلم لينتشر بشكل أفضل؟

من ابرز المعوقات تواجه هذا العلم هناك، الغياب التام للأطر كفأة تتحدث انطلاقا من أسس علمية محضة والاقتصار على استيراد من يسمون انفسهم مدربين، تبني المجتمع لفكرة ان علم التنمية البشرية جاء علاجا، ومتاجرة البعض بهذا العلم.

حاورتها: سكينة الرحيوي

 

Comments (0)
Add Comment