قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن”الأمر لم يعد يقتصر على توفير الحماية للمرأة والاعتراف لها بحقوقها والتكفل بها فحسب، بل أصبح يتطلب ضمان مستوى متميز من الخدمات التي تقدم لفائدة النساء ضحايا العنف وأطفالهن”.
وأوضح الداكي في كلمة ألقاها بمناسبة لقاء تتبع وتقييم تنفيذ البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف، أن الهدف هو “تعزيز ولوج المرأة للعدالة ولمختلف الخدمات الصحية والاجتماعية بشكل منسجم وفعال ووفق نسق يروم توحيد الجهود وتكاثفها في سبيل تحقيق انتصاف المرأة ضحية العنف والحيلولة دون تكرار معاناتها اثناء طلبها للخدمات التي يكفلها القانون، والسعي أبعد من ذلك إلى مواكبتها لبناء أفق إيجابي يحقق تمكينها واستقلاليتها وقدرتها على الاندماج في المجتمع والمشاركة الفعلية في التنمية”.
إن الهدف الذي نلتئم من أجله اليوم، تابع الداكي في كلمته، يستجيب للتعليمات الملكية السامية الرامية إلى تعزيز الحقوق الأساسية للمرأة المغربية وتحقيق مساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات ومشاركتها الكاملة في التنمية وبناء الوطن، لافتا إلى أنه يندرج في سياق تتبع وتقييم تنفيذ البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف، الذي تم التوقيع عليه من طرف كل من رئاسة النيابة العامة ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة والمنبثق عن إعلان مراكش 2020 الذي أناط برئاسة النيابة العامة مهمة إعداده وتنسيقه وتفعيله بشراكة مع باقي الأطراف الموقعة عليه.
وأبرز المسؤول في اللقاء الذي نظمته رئاسة النيابة العامة بتعاون مع منظمة الأمم المتحدة لتمكين المرأة والمساواة، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر، أن “تبني أي مخطط مهما كانت درجة أهميته وسمو أهدافه لا يمكن استكمال مراميه في محيد عن اعتماد آلية للتقييم تعنى بوضع مؤشرات دقيقة لمواكبة وتتبع الأداء المبتغى من وضعه، وقياس مدى رضى المرتفق بالخدمات التي يسعى الى ضمانها وتحقيقها”.
وفي هذا الإطار، ذكر الداكي أن رئاسة النيابة العامة عملت بتنسيق مع شركائها في تفعيل البروتوكول، وبعد مرور سنة من تاريخ التوقيع عليه، على إعداد استمارة تقييم جودة الخدمات المقدمة لفائدة النساء، سواء من خلال تقييم أداء النيابات العامة بهذا الخصوص أو قياس جودة خدمات المصالح الطبية أو الخدمات المقدمة من طرف مراكز الإيواء المخصصة للنساء والفتيات ضحايا العنف.
وأضاف الداكي قائلا: إن اجتماعنا اليوم بمدينة مراكش يأتي بعد مرور زهاء نصف سنة من عقد هذا اللقاء التنسيقي الأول لتتبع وتقييم تنفيذ البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف الذي انعقد يومي 1و2 يونيو 2022 بالرباط، بحضور كل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة وقضاة النيابة العامة المكلفين بخلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف فضلا عن ممثلي كل القطاعات الأخرى المعنية لاسيما ضباط الشرطة القضائية”.
وفي هذا الإطار، لفت المتحدث ذاته، إلى أن رئاسة النيابة العامة وجهت دورية للنيابات العامة بمختلف محاكم المملكة بتاريخ 04 غشت 2022 حول تقييم العمل بالبروتوكول مرفقة بجدول تقييمي خاص بالنيابة العامة، يضم 100 سؤال حول مجالات تدخل القضاء في موضوع التكفل بالنساء ضحايا العنف، بغية الوقوف على جودة الخدمات المقدمة للنساء والحرص على سلامة الإجراءات القانونية والقضائية والتذكير بالإجراءات الحمائية الأساسية وبضرورة الحرص على مراعاة خصوصيات المرأة وأوضاعها وعدم المساس بكرامتها الإنسانية.
كما حرصت رئاسة النيابة العامة، أورد الداكي، على التنسيق مع شركاء البروتوكول من أجل تجميع المعطيات التقييمية القطاعية، وشكلت فريق عمل قام بالسهر على تفريغ استمارات التقييم للوقوف على النتائج المستخلصة وقياس مدى تفعيل مقدمي الخدمات لالتزام كل قطاع بتحقيق الأهداف المسطرة من وضع البروتوكول مع استخلاص أوجه القوة وكذا مكامن الضعف التي تتسم بها مختلف الممارسات والتجارب المرصودة، وذلك بغية ترصيد المكتسبات التي تم تحقيقها، وكذا الوقوف على التحديات التي حالت دون تحقيق باقي النتائج المرجوة.
وأفاد المسؤول القضائي إن “المجتمع ينتظر منا الشيء الكثير بشأن هذه القضايا، وإننا عاقدون العزم برئاسة النيابة العامة على تسخير كل الإمكانات المتاحة لجعل هذا البروتوكول آلية فعالة في حماية الحقوق الإنسانية للمرأة وتعميم مبادئه الفضلى على كافة تراب المملكة، كممارسة جيدة لنهج مقاربة تشاركية تتوخى إحداث تغييرات نحو الأفضل في مجتمعنا، معتمدين في هذا السياق على الانخراط اللامشروط الذي لمسناه لدى شركائنا في هذا الورش التنسيقي الهام”.
ومن موقع رئاسة النيابة العامة، قال الداكي: “نراهن على توجهنا الدائم لتطوير أداء النيابة العامة في كافة المجالات وأدائها بوجه خاص في قضايا حماية الفئات الهشة وحماية حقوق المرأة، والحرص على تعزيز ولوجها لخدمة قضائية في مستوى تطلعنا، خدمة قضائية تحقق العدالة والإنصاف من جهة، وتحقيق التكامل مع باقي مسارات التكفل الاجتماعي من جهة أخرى”، مؤكدا على الرهان “من أجل رفع هذا التحدي على تعزيز دور النيابة العامة في تنسيق التكفل بالنساء ضحايا العنف تطبيقا للصلاحيات القانونية المسندة لها بمقتضى القانون 13-103 المتعلق بمكافحة العنف ضد المرأة”.
وأكد الداكي على تعهد رئاسة النيابة العامة باستمرار التتبع والتقييم لهذا البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف باعتباره آلية حقيقية لالتقائية التدخل وضمان نجاعته وفعاليته لفائدة المرأة ضحية العنف، وقال في ختام كلمته: “أننا سنظل آذاناً صاغية لآراء شركائنا ومقترحاتهم لمعالجة الصعوبات والمعيقات التي تحول دون تحقيق تكفل ناجع بالنساء ضحايا العنف مقتنعون بانخراط الجميع من أجل التفعيل الأمثل لهذا البروتوكول”.