مظاهر احتفال قرية تسقي بذكرى المولد النبوي

تعتبر ذكرى المولد النبوي من الأعياد المقدسة لدى المسلمين المغاربة، وهي ذكرى لتجديد الارتباط الوثيق برسول الأمة وخير الأنام، الذي استبشرت بقدومه الأيام، ويتم الاحتفال بهذه المناسبة يوم 12 ربيع الأول من كل سنة.

وتتشابه مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة الدينية في جل مناطق المملكة المغربية مع خصوصيات واختلافات ثانوية، حيث تقام بالمساجد دروس في السيرة النبوية، كما يتم ترديد آيات من الذكر الحكيم والدعاء الصالح ثم الأمداح النبوية.

وتحتفل منطقة تسقي بآيت اعتاب بطريقة خاصة، حيث أن العائلات العتابية تحرص في هذه الفترة على الإكثار من قراءة القرآن والصلاة على الرسول، وفي يوم العيد تستيقظ النساء في الصباح الباكر لتجهيز مائدة الإفطار، التي من الضروري أن تتوفر على “الشيار المرطب” في زيت الزيتون، خاصة وأن منطقة آيت اعتاب معروفة جدا بإنتاجها لزيت الزيتون التي تتميز بجودة عالية.

ويجب أن تحتوي المائدة أيضا على أنواع مختلفة من الحلويات المغربية كالفقاص، والغريبة، وكعب الغزال، بالإضافة إلى “السفوف” والمخبوزات، وأهم عنصر يجب أن يتواجد في المادة هو الشاي المنسم بالنعناع الطبيعي، الذي ينمو في الحقول الرطبة التي يطلق عليها في تسقي ب “البحيرة”.

وعندما يستيقظ الصغار والكبار يلقون التحية على كل أفراد العائلة، ويقبلون يد وجبين الأم والأب ثم الجد والجدة، لأنهم يعتبرون “بركة” المنزل في ثقافة المنطقة.

وبعد الإفطار في البيت، تتأنق النساء ويرتدين الجلابة التقليدية، وفي كل عيد يجتمعن في بيت إحدى نساء القرية، وتحضر كل واحدة منهن طبقا معينا، فيتبادلن أطراف الحديث ويتفقدن أحوالهن، ويقضين وقتا ممتعا مع بعضهن البعض.

ويحرص أغلب الرجال أيضا على الظهور بمظهر تقليدي، فمنهم من يرتدي الجلابة ومنهم من يرتدي الجبادور، وفي أغلب الأحيان يجتمعون عند شيخ القرية للقاء الأصدقاء والجيران، كما أن الآباء والأمهات يصطحبون أطفالهم معهم لتعويدهم على هذه العادات، لتصبح تسقي كعائلة صغيرة، تتقاسم فيما بينها المسرات والأحزان.

ويذهب أفراد العائلة بعد صلاة العصر لزيارة أقاربهم وإحياء صلة الرحم، بالإضافة إلى أن ما يميز الأعياد والمناسبات في تسقي هو إقدام الأفراد الذين تربطهم ببعض علاقة متوترة على الصلح والتسامح.

وتجدر الإشارة إلى أن عادة إحياء ذكرى المولد النبوي تعود إلى عهد الدولة الموحدية، التي حكمت المغرب في الفترة ما بين (1121-1269م)، وتؤكد مجموعة من المصادر التاريخية أن أول مرة احتفل فيها المغاربة بذكرى المولد النبوي كانت في سنة 1250م، في عهد الخليفة الموحدي المرتضى، الذي أقام ليلة احتفالية بهذه المناسبة في مدينة مراكش.

ويذكر أيضاً أن يعقوب بن عبد الحق المريني مؤسس الإمبراطورية المرينية، أول خليفة احتفل رسميا بذكرى المولد النبوي الشريف في مدينة فاس، وفي سنة 1292م، أصدر ابنه ظهيرا ينص على تعميم هذا الاحتفال في المغرب ككل واعتباره عيدا دينيا رسميا للبلاد.

بقلم الصحافية المتدربة أمينة مطيع

Comments (0)
Add Comment