ساعات وتنتهي..ماذا بعد 2020؟

بدأ العد العكسي، وما هي إلا ساعات قليلة وتنتهي سنة المرض والفقد والإغلاق،  نة الإنكماش الإقتصادي والإرتباك الإجتماعي.

نهاية حلقة سوداء من حلقات التاريخ الحضاري، باشرتها عدد من الدول في تلقيح مواطنيها لمواجهة شبح فيروس كورونا المستجد “كوفيد19”.

2020، سنة خارج التاريخ الطبيعي للإنسان إن صح التعبير، لم تكن كباقي السنوات، على الأقل بالنسبة للجيل الذي عاشها وعايش مرارتها.

سنة ارتفعت فيها أرقام الموتى على غير عادة، تزايد فيها الفقر والفقراء، فقدَ فيها كثيرون عملهم بسبب الإغلاق، تزايدت فيها أرقام الجياع في الدول الفقيرة.

فستبقى 2020، صفحة سوداء من صفحات كتاب القرن 21، لن ينسى تفاصيلها من عاشها.

ورغم بؤسها، كشفت سنة 2020، حقائق عدة، وأزاحت الستار عن مسرحية العالم الحديث، وكشفت الأبطال الحقيقيين.

عرَّت عورات دول اعتقدناها بالأمس قوية، كإيطاليا وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، قبل استدراكها واحتوائها الأزمة.

وجعلت دولا كانت تبدو ضعيفة تبرهن للعالم مدى تنظيمها وشجاعتها في مواجهة الأزمات المفاجئة، في المقابل أظهرت هزالة البُنى الصحية وقلّة الأطر الطبية، كما أبرزت أنه على الدولة تقوية مؤسساتها العمومية الخدماتية في الأزمات.

هي سنة فتحت الأعين، وحملت رسالات قوية، مفادها أن كلٌّ مسؤول عن نفسه، بمعنى على كل دولة تقوية صناعتها واقتصادها وإنتاجها الداخلي، لأنه ذراعها في الأزمات، بعد أن منعت عدد من الدول المتقدمة تصدير المنتجات الطبية إبّان الأزمة الصحية العالمية.

لتجد الدول المعتمدة على الإستيراد نفسها مجبرة على صناعة منتجاتها لمواجهة الجائحة، من قبيل الكمامات الطبية وأدوات التنفس الإصطناعي والمعقمات وبعض الأدوية الأخرى.

وفي الوقت الذي كانت توجه فيه أصابع الإتهام لعدد من الدول التي اختارت أنظمة حكم اتحادية بأنها غير ديمقراطية، برهنت هذه الدول على مدى قوة النظام الإتحادي في تدبير الأزمات كالصين، والمغرب بنظام حكمه الملكي وغيره من الدول، على غرار أنظمة الحكم الفيدرالية التي تشتت تركيزها خلال الأزمة كالولايات المتحدة الأمريكية. وهو الأمر الذي فتح بابا لإعادة النظر في دور أنظمة الحكم في مواجهة الأزمات العابرة للحدود.

ولكن هل سنستفيد من دروس 2020؟

فتحت 2020 تحديات كثيرة أمام المجتمعات وأمام الدول، ولخّصت دروسا وعبراً كثيرة، لعلّها إيجابية للنهوض بالأوضاع الداخلية لكل دولة إن استغلتها.

من حسنات 2020، أيضا، أن جعلت الحياة الرقمية العملية والإدارية والتجارية، تحديا يجب تطويره بأسرع وقت، لما أبرزه من دور فعال في استمرار الحياة الشبه العادية خلال سنة التباعد الإجتماعي.

فتطوير العمل الإلكتروني سيسهم لا محالة في بروز فرص شغل جديدة، ما يعني انخفاض نسبة البطالة، ما يعني بدوره تحسين الأوضاع الإجتماعية للأفراد، مع ضرورة تحسين جودة التعليم  والتعليم عن بعد، وتطوير التخصصات الأكاديمية بما يتماشى مع رهان المجتمع الرقمي، لأن الحياة المستقبلية ستكون عبارة عن “كليك”.

ومن الدروس التي لخصتها سنة 2020، أهمية وقيمة البحث العلمي،  في مقدمته البحث العلمي في البيولوجيا، الذي يفرض توفير ميزانيات كافية لتطويره وبناء مختبرات للبحث في اللقاحات والأدوية، مع ضرورة احتواء الكفاءات التي اختارت بالأمس الهجرة إلى دول وفرت لها الأرضية للإبداع، والإحتفاظ بها داخل أراضيها للإشراف على البحوث والتجارب العلمية وتكوين كفاءات أخرى.

كما برهنت أزمة الجائحة في 2020، أنه قد حان الوقت لاعتماد أجندة عالمية موحدة لتدبير المخاطر والأزمات العالمية، فالأسوأ من الأزمات الصحية، أزمات بيئية قادمة ناتجة عن تغير المناخ العالمي، إضافة إلى خطة التنمية المستدامة لسنة 2030، على المنتظم الدولي أن يوحد الصف باعتماد إطار قانوني واستراتيجيات موحدة للخروج من الأزمات العابرة للحدود بأقل الأضرار.

وفي الختام، وحتى لا ننسى، فقد علمتنا 2020، قيمة الأسرة والعائلة، ودورها في خلق التكتل الإجتماعي، وصمود الأفراد نفسيا، خلال الأزمات سواء الصحية أو المادية وغيرها.

Comments (0)
Add Comment