لا تخفى الإجراءات الروتينية التي تنتظر كل رجل أمن مقبل على الزواج، فدخول القفص الذهبي من حارس الأمن إلى والي الأمن، لا يستلزم موافقة الطرفين وتفاهمها وقبول العائلتين، بل تبقى الكلمة الأخيرة للمديرية العامة للأمن الوطني، التي تعتبر مباركتها شرط أساسي لتتمة الزواج، فكم من قصص حب لم يكتب لها الاستمرار بفعل المساطر الإدارية.
مصادر متطابقة من مسؤولين أمنيين كشفت لمجلة “سلطانة” الالكترونية أن المديرية بمجرد توصلها بطلب خطي مرفوق بوثائق تخص الزوجة، يسلمه رجل الأمن لرئيسه المباشر، حتى تحرك آلياتها للتحرّي عن أخبارَ الزوجة وعلاقاتها وميولاتها الدينية والسياسية، وذلك قصد إصدار قرار يعطي الضوء الأخضر لتتمة الزواج، أو إشارة لصرف النظر عنه.
ذات المصادر تحدثت عن هذه المساطر، وقالت إنها لم تعد معقدة وصارمة كما كانت في السابق، وفي نفس الوقت لا توجد معايير محددة يتم من خلالها قبول أو رفض الزواج، لكن ما توصلنا إليه أن المديرية تجري بحثا بعد توصلها بالطلب الذي تحيل نسخة منه على الدرك وعلى مصلحة الاستعلامات العامة ثم على السلطات المحلية، وتعميقه حول المحيط السياسي لرجل الأمن، وكل ما يتعلق بأسرة الزوجة التي يريدها شريكة لحياته، لمعرفة إن كان لديها أو لأبويها وأشقائها سوابق عدلية، وإن كانت مطلقة يجري التركيز على جانب الخيانة الزوجية، وهذه المرحلة تسمى بـ “البوانتاج”، وبعدها يجرى البحث فيما يخص الانتماء الديني، الذي تركز عليه مصلحة الاستعلامات العامة بشكل كبير.
وتستمرّ مرحلة البحث، بين 25 يوما إلى ثلاثة أشهر، وإن تجاوزث ثلاثة أشهر دون رد فهذا يعني أن الطلب قوبل بالرفض، لأن المديرية في كثير من الأحوال، لا ترد بشكل رسمي، وحتى إنْ كان الطلب مرفوضا وتمّت الإجابة عنه، فلا تضمنه أسباب رفض زواج رجل الأمن، ومن حق صاحب الطلب أن يتقدم به لمرة ثانية وإن قوبل بالرفض فلا يمكنه تقديم طلب الزواج من نفس الفتاة للمرة الثالثة.
وبخصوص الطلبات التي رفضت، فعادة ما تكون بسبب وضعية الزوجة المحتملة، وذلك إما لارتباطها هي أو محيطها العائلي بقضايا يجرمها القانون المغربي، أبرزها الاتجار في المخدرات أو استهلاكه أو التجارة في السلاح أو الدعارة أو النصب أو لها علاقة بأوساط متطرفة وأصولية، لأن هذه القضايا من شـأنها أن تؤثر على عمل رجل الأمن، واستغلال علاقة المصاهرة من أجل ارتكاب أعمال إجرامية، كما أن الجماعات الإرهابية تعمل على استقطابهم بهذه الطريقة.
وثمة بعض الحالات التي رفض طلبها لا لسبب سوى لأن الزوجة تكبر الزوج بعشرين سنة ولديها أطفال، كما حدث مع صديق مُحدثنا.
وفي نفس السياق، أشارت مصادرنا إلى أن الأجنبيات عادة ما يرفض طلب الزواج بهن خصوصا لبعض الرتب، فيما الزواج من الصحافيات يقبل ويرفض على حسب مكان العمل والإنتماءات السياسية والدينية للزوجة، كما أن هناك رجال أمن تزوجوا من نساء كن يعملن بالحانات أو كبائعات للهوى.
الحب أعمى كما يقال، ورفض الزواج يكون قاسيا على قلوب بعض رجال الأمن الذين يضعون مستقبلهم المهني على المحك، عندما ينتصرون لمشاعرهم ويقررون الارتباط والزواج رغم قرار المديرية، وعادة ما تكون هذه الحالات خفية ولا يصرح بها، كما أنه لا يمكن توثيق زواجه هؤلاء دون شهادة موافقة الإدارة.
ويكشف المتحدث لـ “سلطانة” أنه غالبا ما يحدث نوع من التلاعب في حالات زواج أمنيين دون علم إدارتهم، لكن الأمر ينتج عنه حرمان الزوجة والأبناء من حقوقهم، إذ لا يستفيدون من التغطية الصحية والتعويضات وامتيازات أخرى، وفي حالة علم المديرية بذلك، تصدر عقوبات مختلفة حسب الحالة، وتتنوع بين التنقيل الى مدن أخرى أو التوقيف عن العمل والحبس، في غياب قوانين تحدد العقوبات.