لا يختلف مشهد تلاميذ المدرسة من دولة إلى أخرى وهم يحملون حقائبهم المدرسية التي يفوق وزنها أحيانا وزن الطفل، فالمشكلة هي نفسها إذ يعاني منها العديد من التلاميذ طوال اثنا عشرة سنة.
فمع دخول التلميذ أجواء العام الدراسي تبدأ علاقته بحقيبته التي تعتبر رفيق دربه إلى مكان التحصيل، إلا أنها أصبحت مأساة تلاحقه من جراء حملها وثقلها حتى أصبح الآباء وأولياء التلاميذ يتشكون منها نظرا لكثرة الكتب من جهة وعدم تنظيم البرامج الدراسية من جهة أخرى، مما يفرض على التلميذ حمل معظم كتبه التي أصبحت كل عام دراسي تزداد في الوزن وأصبحت تدق ناقوس الخطر نظرا لما ترتبه من أضرار في ظهر التلميذ والعمود الفقري.
وعلى الرغم من أن متابعة التلميذ وهو في طريقه إلى المدرسة منظر يبعث في النفس نوعا من التفاؤل والأمل بذهابه لتلقي العلم والمعرفة، إلا أن منظره منكبا إلى الأمام يحز في النفس، ومن تعابير وجهه تحس بعظم الحمل الذي يحمله ذلك التلميذ.
وصرح عفيف مولاي سعيد رئيس الجمعية المغربية لطب الأطفال “أنه نظرا لثقل حقيبة التلميذ وتكدسها بمجموعة من الكتب أصبحت الأمهات هن اللواتي يحملن الحقائب المدرسية لأطفالهن لتخفيف العبء”.
وأضاف أنه “يجب على العاملين بالمؤسسة المدرسية توفير أماكن للتلاميذ وذلك لترك كتبهم داخل حجرات المدرسة بدلا من أخذها وإرجاعها في كل مرة يلجون فيها إلى المدرسة، كما دعا إلى ضرورة وجود طبيب مدرسي”.
واعتبر عادل بلعمري، باحث في علم الاجتماع بمركز دراسات الدكتوراه الإنسان والمجال في العالم المتوسطي جامعة محمد الخامس بالرباط أن ” مجموع الدراسات الطبية المنجزة في هذا الإطار تؤكد فرضية التأثير السلبي للحقائب المدرسية الثقيلة على صحة الطفل خاصة أثناء مراحل نمو العظام، ما قد يسبب للأطفال في سن السادسة مجموعة من المضاعفات الصحية كتقوس في العمود الفقري المصحوب بمجموعة من الاضطرابات والمضاعفات في الجهاز التنفسي للطفل”.
وأضاف بلعمري أنه” كخطوة وقائية واستعجالية للتعامل مع هذا الوضع الذي يؤرق الآباء والتلاميذ ينصح باعتماد الحقائب المدرسية المجرورة ذات العجلات والتي لا تسبب أي مضاعفات سلبية على صحة الأطفال، على أمل تجهيز الأقسام والمدارس بالأدراج المدرسية مستقبلا بهدف تخفيف العبء على التلاميذ والأسر، بحيث يمكن للتلميذ الاحتفاظ بمقرراته الدراسية داخل الفصل واصطحاب ما يلزمه فقط إلى المنزل”.
وصرح نجيب وازاني، طبيب مختص في جراحة العظام والمفاصل، وأستاذ سابق في كلية الطب بالرباط على أن “ثقل الحقيبة المدرسية بالنسبة للتلاميذ يؤدي إلى أعراض جسيمة على صحة وجسم التلميذ، إذ تسبب مشاكل خطيرة في العمود الفقري مثل التقوس والالتواء إلى الأمام، آلام وجع الظهر والأكتاف وهذا ما يهرضه إلى تغيرات في وضع الجسم”.
وأضاف قائلا أنه “من الإلزامي وجود طبيب مدرسي يعاين حالات التلاميذ في الدخول المدرسي ومن فترة وجيزة إلى أخرى”.
ولهذا لابد على المختصين في قطاع التعليم إعادة النظر في كمية مقررات التعليم، وسبل تحديثها وتخفيفها، وكذا مراعاة التوازن بين الوزن والمراحل العمرية لتكون أكثر مرونة مع جسم الطالب وتكوينه الجسماني.