مع اقتراب عيد الأضحى تلجأ الأسر المغربية إلى اقتناء أضحية العيد اتباعا للشعائر المرتبطة بهذه المناسبة، الا انه وفي الوقت الذي تستطيع فيه بعض هذه العائلات تغطية هذه المصاريف، ثمة أخرى ليس بإمكانها سد كل احتياجاتها.
وفي ظل هذه الوضعية يلجأ العديد ممن يعانون من هذا الخصاص إلى أساليب تمويلية مختلفة كالقروض سواء من المؤسسات المالية أو الأقارب.
وقبل العيد بعدة أسابيع تبدأ المؤسسات البنكية بعرض خدماتها، حيث تقوم بدفع المواطنين عبر الإشهارات إلى الاتجاه نحو المؤسسات التمويلية والأبناك وذلك بهدف أخذ قروض لتغطية الخصاص الذي يلحق بهم خلال هذه الفترة الزمنية، وهذا ما يجعل المواطنين يدخلون في دوامة السلف والمديونية المفرطة، ولا تقتصر هذه العملية على فئة مجتمعية معينة بل تطال جميع الشرائح.
ويلهب عيد الأضحى المنافسة بين شركات القروض، حيث تكثف الأخيرة حملاتها الإشهارية خلال هذه الفترة من أجل استقطاب عدد كبير من الزبائن.
وفي تصريح لمجلة “سلطانة” الالكترونية يرى عبد الخالق التهامي، خبير اقتصادي أن “القروض التي تمنحها الأبناك وبعض المؤسسات المالية تدخل فيما يعرف بالقروض الاستهلاكية، وغالبا ما تكون هذه القروض مرتفعة مقارنة بقروض أخرى، التي تكون موجهة للاستثمار من قبل المؤسسات والشركات”.
وأضاف قائلا “أن شروط منح القروض تختلف من مؤسسة مالية إلى أخرى ومن بنك إلى آخر، لكن غالبا ما تتطلب ضمانات وتتمثل في قدرة الأسرة على تسديد الديون في مدة معينة، إذ تعتبر فئة الموظفين أكثر حظا في الحصول على قروض الاستهلاك وذلك راجع بالأساس إلى كون هذه الفئة هي الأقل خطرا من حيث التملص من تسديد القررض، على اعتبار أن الموظفين يتوصلون برواتب شهرية منتظمة، للبنك الحق في الاقتطاع مباشرة من الراتب”.
واعتبر الخبير الاقتصادي، أن مجمل هذه المعاملات التي تقوم بها الأسر فهي سلبية، إذ تقوم بإدخال الأسر في دوامة مغلقة قد تؤثر عليها مستقبلا، الشئ الذي قد يدفعها أحيانا إلى أخذ قروض أخرى لتسديد ديون سابقة.
وقالت غزلان، موظفة بإحدى شركات العقار، أن “اللجوء والارتماء في حضن القروض الاستهلاكية في فترة الأعياد أصبح أمرا ضروريا، واعتبرته بأنه الحل البديل للمشاكل التي تعاني منها، دون التفكير في العواقب خصوصا وقد تزامن مع الدخول المدرسي”
من جهته قال عادل بلعمري، باحث في علم الاجتماع بمركز دراسات الدكتوراه الإنسان والمجال في العالم المتوسطي، جامعة محمد الخامس أن “الأسر بالمجتمع المغربي تسعى جاهدة للحفاظ على تأدية هذه الممارسة الدينية والطقوسية والشعائرية التي تخرج الفرد والجماعة من القوقعة الذاتية والأنانية، إلى نطاق السخاء والاندفاع الوجداني نحو التماسك والالتزام بشراء أضحية العيد.
وأضاف المتحدث ذاته قائلا أن “هذه الشعيرة الدينية تحديدا تجعل الفرد بالمجتمع المغربي يوثق صلته بالمجتمع ما يمنحه الشعور داخل جماعته بالرضا، لأنه يعتبر أن هذه القيم جديرة بالتقديس والتبجيل. وهذا ما يفسر ظاهرة التمركز الثقافي التي بمقتضاها يتعصب المغاربة لشراء الأضحية حتى وإن تطلب الأمر اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات البنكية من أجل تمويل النفقات الإضافية التي تتطلبها هذه المناسبات.”
وفي ظل العادات والتقاليد المغربية التي طالت مرحلة الحاجة إلى مرحة التباهي، يبقى المواطن عرضة لتبعات القروض الاستهلاكية التي قد تؤدي به أحيانا إلى الهاوية والمتابعة القضائية.